أعادت الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري بعض تشكيلاتها إلى معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، وذلك بعد نحو عام ونصف من انسحابها من الجنوب السوري بما فيها المعبر الحدودي المذكور.
وأثار انتشار تلك التشكيلات قبل عدة أيّام مخاوف أبناء الجنوب السوري من عودة الاغتيالات إلى المنطقة، خاصّة أن مكتب أمن الفرقة الرابعة كان قد نفّذ عشرات عمليات الاغتيال بحق شخصيات مؤثرة وناشطين عُرفوا بمواقفهم المعارضة للنظام السوري وإيران في محافظة درعا.
تلك المخاوف امتدت لتصل إلى الأردن التي تخشى تصاعداً في وتيرة تهريب المخدرات باتجاه أراضيها في حال وضع معبر نصيب تحت إشراف الفرقة الرابعة، خاصة أن ضباطاً من الفرقة يشرفون على معامل إنتاج الكبتاغون والحشيش في جنوبي سوريا.
الفرقة الرابعة إلى نصيب لتنشيط التهريب
تزامن الانتشار الأخير للرابعة مع إصدار وثيقة من "مكتب الأمن الوطني" التابع للنظام السوري، تنص على إنشاء حاجز مشترك يضم الفروع الأمنية الأربعة، المخابرات الجوية والأمن العسكري والأمن السياسي وأمن الدولة، وبمشاركة قوات من الفرقة الرابعة من أجل تنفيذ "عمليات تفتيش دقيقة بهدف منع تهريب الأموال والمواد والبضائع، والمساعدة بالمحافظة على سعر صرف الليرة، وضبط الحدود".
وتشير معلومات حصل عليها موقع تلفزيون سوريا إلى أن الفرقة الرابعة تتجه لاستلام مفاصل عمل المعابر الرسمية للمراكز الحدودية بما فيها معبر نصيب بهدف تسهيل تجارة المواد المخدرة والحشيش نحو الدول المجاورة لسوريا.
ومنذ أن تم التوصل لإعادة تفعيل معبر نصيب في تشرين الأول 2018 اتفقت الأردن مع النظام السوري على أن يتسلّم جهاز الأمن السياسي الملف الأمني للمعبر من الطرف السوري.
في مطلع شهر آذار 2022 اغتال مجهولون المسؤول الأمني عن معبر نصيب وهو ضابط في جهاز الأمن السياسي، الرائد "ماهر وسوف" وبعدها عيّن النظام الرائد "يحيى ميا" خلفاً لوسوف.
ويعرف عن ميا المنحدر من طرطوس علاقته الوطيدة بـ "حزب الله" اللبناني، وأنّ توجهه بالكامل نحو إيران، الأمر الذي مكّنه من تسلّم الملف الأمني في معبر نصيب.
وقال المحلل العسكري، أسعد الزعبي في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا إن الفرقة الرابعة لم تغادر الجنوب فعلياً إنما كانت موجودة من خلال بعض المتعاونين معها وكان ظهورهم محدوداً باعتبار أن الفرقة الرابعة غير مرغوب بها دولياً ومن دول الجوار.
ويضيف أن عودة الفرقة الرابعة للظهور في معبر نصيب تأتي في سياق الرد من قبل النظام على قانون "كبتاغون الأسد" الذي أصدرته الولايات المتحدة الأميركية، ورداً على التقارب الروسي الأردني، لأن الفرقة تعتبر وجودها قوّة للنظام السوري وإيران، وأن أي فراغ لا يمكن لأحد ملؤه إلا من قبل الأخيرين.
روسيا والأردن تجتمعان حول ملف الجنوب
وأول أمس الأربعاء، التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وفداً روسياً برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكساندر لافرينتيف، في اجتماع ركز على ضرورة تثبيت الأمن والاستقرار في الجانب السوري ومواجهة تحدي تهريب المخدرات منه إلى الأردن.
وأشار الصفدي إلى أن تثبيت الاستقرار في الجنوب السوري ومواجهة تهديد تهريب المخدرات والإرهاب ووجود الميليشيات، خطرٌ يواجه الأردن التي تتخذ كل ما يلزم من إجراءات لمواجهته وتسعى للتعاون مع روسيا لإنهائه.
وأكد الصفدي ولافرينتيف على أهمية التنسيق الأردني- الروسي في التصدي للتحديات في الجنوب السوري وفي جهود التقدم نحو الحل السياسي للأزمة السورية وفق القرار 2254، بحسب ما نقلت قناة المملكة.
الرابعة مجدداً إلى الجنوب السوري
وعقب انتهاء الأعمال العسكرية في مدينة درعا في الـ6 من أيلول 2021، عُقد اتفاق تسوية جديد نص على سحب الفرقة الرابعة بكامل عتادها وقواتها من معسكري الصاعقة في المزيريب والطلائع في زيزون وجميع حواجزها من محافظة درعا باتجاه منطقة الصبورة في ريف دمشق التي أصبحت مقراً رئيسياً لمكتب أمن الفرقة الرابعة.
أما اليوم، فتحاول الفرقة الرابعة العودة بقوّة إلى الجنوب السوري من خلال تشكيل مجموعات في المدن والبلدات المحاذية للأوتوستراد الدولي دمشق- عمّان، انطلاقاً من مركز العمليات في بلدة قرفا إلى إبطع وخربة غزالة والغارية الغربية، بحسب مصادر خاصّة لموقع تلفزيون سوريا.
وبحسب تلك المصادر، فإنّ اجتماعاً عقد بين ضباط من الفرقة الرابعة وقادة من "حزب الله" اللبناني في بلدة قرفا مطلع العام الجاري، جرى الحديث فيه عن تأمين الطريق الدولي من العاصمة دمشق وصولاً إلى معبر نصيب مع الأردن، من خلال تجنيد عناصر جدد لهذه المهمة في الأيام المقبلة.
ويؤكد أسعد الزعبي بأن عودة الفرقة الرابعة سيمنع أي تحرك في المنطقة خاصة في ظل الحديث عن إقامة إدارة محلية في الجنوب السوري، وباعتبار الفرقة الرابعة ربيبة إيران، يعتقد الزعبي أنّ هناك من حضر من قادة إيران مؤخراً لهذا الغرض ودفع الرابعة للظهور جنوباً.
الأردن قلق حيال عودة الرابعة
يبدو أن المملكة الأردنية تخشى من تكثيف عمليات تهريب المخدرات مع عودة الفرقة الرابعة إلى معبر نصيب، الأمر الذي سيدفعها لاتخاذ إجراءات من شأنها الحد من تهريب المخدرات.
ويعلّق الزعبي: "لاشك أن أكثر الشاعرين بالقلق من عودة الفرقة الرابعة هي الأردن كون الجميع يعلم أن عودة الرابعة هو تحدٍ لها واستمرار في تهريب المخدرات سواء باتجاه أراضيها أو غيرها".
أما عن الرد الأردني، فيصفه الزعبي بأنه سلبي بشكل كبير، إذ "يكفي بأن تغلق الأردن معبر نصيب وتقطع علاقتها مع النظام السوري، كما يمكنها فرض الكثير من الشروط عليه".
وتعلن الأردن بين الحين والآخر عن إحباط محاولات تسلل وتهريب المخدرات باتجاه أراضيها، وضبطت كميات كبيرة من المخدرات على الواجهة الشمالية لحدودها مع سوريا، من خلال معبر نصيب. واتهم مسؤولون أردنيّون في أكثر من مناسبة الفرقة الرابعة وميليشيات إيرانية بإنتاج تلك المخدرات، وبرعاية المهرّبين التابعين لها في مناطق الجنوب السوري وتسهيل الاتجار بالمخدرات.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد صدّق على ميزانية الدفاع التي تتضمن قانون مكافحة "كبتاغون الأسد" منتصف كانون الأول 2022، ومن المقرر أن يتم تنفيذه بعد وضع استراتيجية مكتوبة، لتفكيك تجارة وشبكات المخدرات المرتبطة بالنظام السوري، وذلك خلال 180 يوماً.