قتل يوم أمس مفتي دمشق وريفها، الشيخ محمد عدنان أفيوني، بانفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة كانت تقله مع رئيس لجنة المصالحة في قدسيا، عادل مستو، عند مسجد الصحابة في مدينة قدسيا بريف دمشق.
ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن استهداف الأفيوني، في حين وجّه ناشطون أصابع الاتهام إلى ميليشيات محلية مقربة من النظام، كون مدينة قدسيا تعيش تحت قبضة أمنية شديدة تفرضها قوات النظام عليها، كما تنتشر الحواجز الأمنية على كل مداخلها، وتُجرِي فحصاً دقيقاً لكل من يدخل ويخرج منها.
فمن هو الشيخ محمد عدنان الأفيوني؟
ولد الشيخ الأفيوني في حي القابون بالعاصمة دمشق في العام 1954، ودرس في المعهد الشرعي للدعوة والإرشاد، وتتلمذ على يد الشيخ رجب ديب والشيخ أحمد كفتارو، وتخرج لاحقاً من كلية الدعوة الإسلامية بجامعة دمشق، وحصل على شهادة الماجستير من جامعة أم درمان في السودان.
يشغل الأفيوني منصب المشرف العام على "مركز الشام الدولي" لمواجهة التطرف في دمشق، الذي أنشأه بشار الأسد في العام 2019، وتسلم مهامه بشكل مباشر من الأسد نفسه.
كما يشغل منصب مفتي مدينة دمشق وريفها، وعضو في المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف، ومعاون رئيس مجلس إدارة "مجمع الشيخ أحمد كفتارو"، ومدير المعهد التأهيلي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، بالإضافة إلى كونه مدرساً في كليات الدعوة الإسلامية وأصول الدين والشريعة والقانون.
من زاهد بالسلطة إلى مروّج لروايات النظام
لم يكن للشيخ الأفيوني قبل العام 2011 أي نشاط يذكر داخل سوريا، حيث رفض أن يتولى منصب الإفتاء في دمشق وريفها أكثر من مرة، مكتفياً بالدروس التي كان يلقيها في عدد من مساجد دمشق وريفها، وفي مدينة قدسيا تحديداً، متمتعاً بشعبية ومحبة مريديه، حسب مقربين منه.
خلال الأعوام الأولى للثورة السورية، قام الشيخ الأفيوني بجولات وزيارات لعدة دول، بهدف الترويج لرواية نظام الأسد عن "المؤامرة" و"الإرهابيين" و"التكفيريين"، واصفاً ما تتعرض له سوريا أنه "حرب على الإرهاب".
وألقى محاضرات عدة في مصر والشيشان والجزائر ولبنان، تحدث فيها عن "نبذ العنف وردع التطرف والغلو في الدين".
تولى مهامه مفتياً لمدينة دمشق وريفها مطلع العام 2013، وكان أحد المستشارين المقربين من علي حيدر وزير المصالحة الوطنية، التي استحدثها النظام في العام 2012.
عرّاب التسويات
بعد ذلك لعب الأفيوني دوراً محورياً في اتفاقيات التسوية التي جرت بين مقاتلي المعارضة ونظام الأسد، كان أبرزها رعاية وفد الحرس والقصر الجمهوري في مفاوضات إيقاف القتال في مدينة داريا بريف دمشق في العام 2014، قبل أن يشارك في المفاوضات التي خرجت على إثرها المعارضة في الشمال السوري في العام 2016.
حينذاك، أمَّ الأفيوني برأس النظام، بشار الأسد، في مسجد سعد بن معاذ في داريا، بعد تهجير أهلها ودخوله إليها برفقة مسؤولي النظام.
واعتبر في الخطبة التي ألقاها أن "اختيار الأسد الصلاة في هذا المسجد في داريا المباركة لهو إيذان عملي بإعادة الإعمار في هذه البلدة".
كما لعب الأفيوني دوراً في الضغط على أهالي الغوطة الشرقية بدمشق، بهدف إنجاح عملية التفاوض التي كانت تقودها روسيا مع فصائل المعارضة هناك لإخراجهم منها.
شيخ المصالحات
وكان للأفيوني دور بارز في التسويات، أو المصالحات كما يطلق عليها النظام، التي جرت في عدد من مدن وبلدات ريف دمشق، كقدسيا والهامة والزبداني ومضايا وغيرها من البلدات.
وركّز خلال السنوات الأخيرة الماضية على "المصالحات"، على اعتبار أن تنفيذ أي "مصالحة" يعتبر أرضية وتمهيداً لـ "مصالحات" أخرى، مؤكداً في أكثر من خطبة وتصريح له أنه لا يؤمن بالمقاتلين الذين "هددوا وعطّلوا المصالحات"، حسب تعبيره.
إلا أن الشيخ الأفيوني تجاهل بشكل كامل جموع السوريين الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم وحريتهم، وتجاهل بشكل أكبر من قضى من شباب دمشق وريفها على أيدي أجهزة أمن النظام وجزء كبير منهم هم تلامذته ومريديه في مساجد دمشق ومعاهدها لتحفيظ القرآن.
اقرأ أيضاً: قتلى ضباط "الأسد".. حوادث اغتيال أم تصفية من النظام؟