icon
التغطية الحية

محلل عسكري "فري لانس" | قصة

2023.10.23 | 14:39 دمشق

آخر تحديث: 23.10.2023 | 14:39 دمشق

سسش
لوحة “استسلام غرناطة” للرسام فرانشسكو براديّا إي أورتيز
+A
حجم الخط
-A

بعد اندلاع أحداث غزة قبل أكثر من أسبوعين، تعالت أصواتُ النائحين قِصار النظر الذين يتساءلون على وسائل التواصل الاجتماعي بكل صفاقة، "وين الملايين؟" وبعضهم يلوكُ كلماتٍ ممجوجةً قالها شاعرٌ مغمور يدعى عمر أبو ريشة يدّعي فيها أن القادة غارقون في "خسيس المَغْنَم" بينما:

"رب وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه البنات اليُتَّم

لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوةَ المعتصم"

لذلك أرى من واجبي الوطني أن أبيِّن لهؤلاء الناعِقين، ولا سيما ممن يقيمون خارج الأوطان أو يكتبون بأسماء مستعارة، أن تساؤلهم لا يتسم بالوعي ولا بالمسؤولية على الإطلاق.

محسوبكم محلل عسكري "فري لانس"، لكن قناة الجزيرة، حسبي الله عليها، تستضيف اللواء فايز الدويري، ولا تستضيفني، مع أنه يَلْحَنُ في القول (يقول، مثلًا: "عُلاقة" بضم العين)، ومعظم مصطلحاته العسكرية مُعَفَّشة من كوادر "حزب الله"، (مثلًا، يقول: "جُهوزية" وليس "جاهزية"). عيب، يا أبو الفوز! لولا زمالة المهنة، لَفَضحتُك أكثر. وعِتابي الثاني لقناة الجزيرة: لماذا هذه المحاباة؟ ماذا حلَّ بشعاركم "الرأي والرأي الآخر؟"

ما علينا، محسوبكم أيضًا أدى خدمته العسكرية الإجبارية في الكلية الحربية بحمص. طبعًا، وأقولها شهادةً للتاريخ (فأنا لا أحب التزوير)، كنتُ ثاني أفشل ملازم مجند بين أبناء دورتي الخرِّيجين – وما زلت أحقد على أفشل واحد بيننا لأنه سبقني إلى ذلك المجد، وكنت أخشى أن تعرض عليَّ القيادة بعد انتهاء خدمتي الإجبارية أن تُرَقِّيني إلى رتبة "عِماد أول" لإغرائي بالبقاء في صفوف القوات المسلحة. لكنني بطبعي رجل مسالم، وبصراحة أكثر خشيتُ إن قبلتُ هذا العرضَ السخيَّ أن يطلبوا مني أنا والشيخ أحمد شلاش، حبيب القلب وابن دورتي، أن نستعيد الأندلس. وأنا رجل زاهدٌ بالفتوحات العسكرية أيضًا (وهذه شهادةٌ أخرى أقدمها للتاريخ بكل تواضع). بعدين، أميغوس، ربعنا الإسبان استكملوا اللاريكونكيستا تبعهم قبل أكثر من خمسة قرون وأخرجوا أبا عبد الله الصغير من الأندلس زَلْط مَلْط، يعني بالسروال والفانيلا (بس، الشهادة لله، السروال كان موافقًا للشريعة، وما فيه قلة حياء مثل سراويل هذه الأيام). وبصراحة هذه سفالةٌ من الإسبان لا تليق بأخلاق الفرسان المتحاربين: يُخرجون رجلاً يبكي كالنساء مُلْكًا مُضاعًا لم يحافظ عليه كمثل الرجال بالسروال بس؟ فمن من بني يعرب يغامر اليوم بخوض معركة ذات السراويل معهم مرةً أخرى بعد تلك الواقعة المشينة؟ فمؤخراتنا مكشوفة منذ غرناطة! كما تجلت سفالتهم الثانية في مطلع الألفية الثالثة حين حاولوا الاستيلاء على جزيرة ليلى المغربية التي يسمونها بالإسبانية پيريخيل (أي، البقدونس). وكما هو معروف للقاصي والداني، لا يمكن تصنيع صواريخ التبُّولة العابرة إلى ما بعد بعد حيفا من دون البقدونس المُنَضّب! وهذا هو سر طمع إسبانيا في الجزيرة غير المأهولة.

ما علينا كمان، طوَّلنا عليكم السالفة، وإليكم الرد المفحم على الناعقين:

أولًا، جيوشُنا لا تأبه لتحريض جوليا بطرس ولا تستمع لأغانيها أصلًا. فلتذهب هي والملايين التي تسأل عنهم إلى خمّارة يِلْماز في تقسيم، إسطنبول، أو إلى مقهى عوض في يِني كاپيه. 

ثانيًا، لن نسمح لإسرائيل أن تستجرنا إلى حرب لسنا مستعدين لها (أعترف أنني عفَّشت دُرَّة الحكمة هذه من الفيلد مارشَل مصطفى طلاس).

ثالثًا، إذا زججنا بجيوشنا بمعارك لم نخطط لها مع إسرائيل، فمن سيدير خط البقلاوة أو الباذنجان المحشي – عفوًا، أقصد الحربي؟

فيا رَهْط النائحين الناعقين، اتقوا يومًا تُكْشَف فيه الحُجُب، يومًا تُرجَعون فيه إلى المطار أو الحدود!