قد تضطر الولايات المتحدة لنشر قوات برية لمساعدة إسرائيل في القضاء على حماس في حال قتلت القوات المدعومة إيرانياً أعداداً كبيرة من الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط، وذلك بحسب ما أورده عدد من المحللين المتخصصين بالسياسة الخارجية الذين يراقبون تداعيات الأزمة.
يقول جوشوا كراسنا، مدير مركز سياسات القوى الناشئة في الشرق الأوسط ومعهد أبحاث السياسة الخارجية: "في حال تسببت إحدى الميليشيات العراقية الموالية لإيران أو أي وكيل تابع لإيران بمقتل وإصابة عدد كبير من الجنود الأميركيين، عندئذ قد تضطر الولايات المتحدة للرد بقوة، ثم إن تجييش الشارع في الدول الإسلامية قد يتسبب بالتهجم على مواطنين أميركيين أو مرافق ومؤسسات أميركية، وفي ذلك ما تعتبره الولايات المتحدة أمراً غير مقبول على الإطلاق ولا يمكن التسامح معه، إلا أني لا أرى حتى الآن أن هذا سيفضي إلى توسع الحرب بين الدولتين، بل إن الأمر مايزال مقتصراً على ضربات يعقبها صبر إيراني".
يذكر أن وكلاء إيران هاجموا القوات الأميركية في الشرق الأوسط 48 مرة منذ 17 تشرين الأول، وأصيب في تلك الغارات 56 جندياً أميركياً بعد استهداف قواعدهم في العراق وسوريا خلال الشهر الفائت بوساطة هجمات نفذتها مسيرات فضلاً عن الهجمات الصاروخية التي نفذتها ميليشيات مدعومة إيرانياً بحسب التقارير الإخبارية.
إلا أن الولايات المتحدة ردت على ذلك منذ أواخر شهر تشرين الأول الماضي عبر شن عدد من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع تابعة لإيران في شرقي سوريا.
اتخذت الولايات المتحدة خطوات جادة في محاولتها منع إيران من التدخل في الحرب التي حصد أرواح أكثر من عشرة آلاف فلسطيني و 1200 إسرائيلي، وشملت تلك الخطوات إرسال حاملتي طائرات إلى البحر المتوسط والبحر الأحمر وإصابة صاروخين إيرانيين أُطلقا من اليمن وهما في اتجاههما إلى إسرائيل.
ارتفعت حصيلة الضحايا بين صفوف الفلسطينيين، ولهذا أضحت الأصوات المطالبة بوقف إطلاق النار أعلى، بيد أن إيران اشتدت في عدوانيتها من خلال خطابها الذي هددت من خلاله بأنها لا تستبعد فكرة تدخلها في الحرب، أما إسرائيل فقد وافقت على هدنة لوقف إطلاق القذائف تمتد لأربع ساعات يومياً.
يخبرنا دانييل بايبس وهو رئيس منتدى الشرق الأوسط، بأنه في الوقت الذي يرجح فيه انجرار أميركا للحرب بين حماس وإسرائيل، يستبعد كثيرون هذا الاحتمال، ويقول: "لا ريب أن الحرب بين إسرائيل وحماس زادت من احتمال توسع النزاع بشكل يحتمل معه دخول الولايات المتحدة لمحاربة إيران، ولكن كثيرين يرون بأن هذا الأمر غير وارد، لأن الحكومة الإيرانية لا ترغب بجر القوات الأميركية لحرب تقليدية، ولهذا تستعين بوكلائها لتغير على الأميركيين ولتهاجم مصالحهم وجنودهم، وإيران تهاجم كل ذلك بالأصل، خاصة في سوريا".
حذر مايكل روبين وهو عضو متخصص في ملف الشرق الأوسط لدى معهد المشروع الأميركي من إعطاء هدنة طويلة لوقف إطلاق النار في غزة، لأن ذلك من شأنه أن يزيد من شراسة إيران وشرورها في الهجمات التي تنفذها ضد القوات الأميركية.
وأضاف: "زادت إيران بالأصل من وتيرة هجماتها التي تستهدف الجنود الأميركيين في المنطقة، ولعله بوسع البيت الأبيض أن يصرف النظر عن ذلك بما أن من قضوا في تلك الهجمات كانوا مجرد متعاقدين وعددهم قليل كما جرح خلالها عدد ضئيل من الجنود الأميركيين، إلا أن العدد الضئيل نسبياً من الإصابات والضحايا قد يكون السبب خلفه هو الحظ لا التخطيط الإيراني، إذ في حال أصابت مسيرة أو صاروخ إيراني مقراً أميركياً فيه عشرات الجنود، عندها سيكون الرد عظيماً لدرجة يستحيل معها التراجع عن الخوض في النزاع، ولهذا من المهم للغاية وضع خطوط حمراء".
ما شكل هذه الخطوط الحمراء؟
يخبرنا كُرّاسنا بأن الخط الأحمر يتمثل بـ: "أي هجوم مباشر على القوات أو المواطنين الأميركيين أو المقار الأميركية، وأرى بأن أهم وكيل لإيران بوسعه أكثر من غيره جر كل من الولايات المتحدة وإسرائيل للإغارة على أهداف إيرانية هو الحوثي".
ويوافقه بايبس الرأي تماماً، إذ يقول: "من المحتمل أن ينطوي الخط الأحمر على عدد كبير من القتلى الأميركيين".
أما روبين فيرى بأن الرئيس جو بايدن "تجنب وضع خط أحمر" لأن ذلك خطأ على حد تعبيره، وأضاف: "ستواصل إيران الضغط إلى أن يرد عليها أي طرف، ولهذا يتعين على الولايات المتحدة أن ترد في أسرع وقت لتوجه رسالة مفادها بأنها لن تتسامح مطلقاً مع أي هجوم يستهدف الجنود الأميركيين، إلا أن ما أخشاه أن يقتل العشرات من الأميركيين بضربة حظ إيرانية حتى يرد بايدن، ومجرد الهجوم على نقاط ثانوية في سوريا لن يكفي، ما يعني بأن الوقت قد حان لملاحقة الحرس الثوري في الخليج وفي مناطق أخرى، فهمنا أنكم لا تريدون مهاجمة إيران، إذاً على الأقل هاجموا خلايا الحرس الثوري خارج حدود إيران بدلاً من ذلك".
ما الذي ستفعله الولايات المتحدة إن هاجمت إيران إسرائيل؟
يقول كراسنا: "ستستخدم الولايات المتحدة إمكانيات الدفاع الجوي لديها لتحمي إسرائيل، كما فعلت عندما تعرضت المدمرة الأميركية يو إس إس كارني لصواريخ ومسيرات قادمة من اليمن، وقد تمد إسرائيل بمعلومات استخباراتية وغير ذلك من اشكال الدعم، مثل تزويدها بالوقود، في حال ردت طائرة إسرائيلية أو غيرها من قوات إسرائيل عبر استهداف الأراضي الإيرانية، وبوسع الولايات المتحدة أن تحذر إسرائيل في حال يمكن عزو الهجوم لجهة معينة، كما هي الحال مع الصواريخ التي تطلق من الأراضي الإيرانية، عندئذ بوسعها أن ترد عسكرياً (عبر ضرب أهداف ذات صلة بشكل مباشر)، وذلك في حال تواصل الهجوم، وبالطبع هنالك إمكانية القياد بعمليات سرية وسيبرانية ضد الأهداف الإيرانية ومن يواليها، وأعتقد أن هذا مايحدث منذ فترة بعيدة".
يوافقه بايبس الرأي، ويقول: "أكرر أن هذا الأمر غير وارد طالما بقي الإيرانيون غير راغبين بمحاربة إسرائيل في حرب تقليدية أو نووية، ولكن إن حصل ذلك وتعثرت القوات الإسرائيلية، أعتقد بأن الولايات المتحدة ستمد إسرائيل بمساعدة عاجلة".
يؤكد روبين على أن الدعم الأميركي المخصص لإسرائيل سيقتصر على مدها بالأسلحة، ويضيف: "لكن يكون الدعم كبيراً في نهاية الأمر، إذ سنمد إسرائيل مرة أخرى، من دون أن ننشر جنوداً أميركيين على الأرض، أي إن المسألة تتعلق بما ينبغي على الولايات المتحدة الإحجام عن فعله، فلو هاجمت إيران إسرائيل بشكل مباشر، عندها يجب على الولايات المتحدة ألا تتعهد بالتدخل لجعل إسرائيل قادرة على الرد".
المصدر: Baltimore Post-Examiner