قال محامي الدفاع الجنائي الألماني مانويل ريجر، اليوم الخميس، إن مجرمي الحرب ليس لديهم ملاذ آمن في ألمانيا، في إطار المحاكمات التي يجريها قضاء البلاد بحق متهمين من نظام الأسد ارتكبوا جرائم حرب في سوريا.
جاء ذلك في حوار صحفي أجرته مجلة "دير شبيغل" الألمانية، مع ريجر الذي أوضح أن ألمانيا ليست شرطي العالم كله، لكن أي شخص يأتي إلى ألمانيا بماضٍ مظلم يجب أن يتوقع محاسبته.
وأضاف محامي الدفاع الألماني، أنه خلافاً لما حصل في محكمة كوبلنز التي أدين بها الضابط المنشق عن مخابرات نظام الأسد أنور رسلان بالسجن مدى الحياة، فإن محكمة فرانكفورت توجه التهمة إلى الطبيب علاء موسى الذي كان يعذب السجناء في مستشفى عسكري بمدينة حمص وسط سوريا.
وأكّد ريجر، أن التهم الموجهة إلى الطبيب السوري؛ إن قررت المحكمة أنه مدان، قد تصل إلى سجن مدى الحياة.
ومانويل ريجر، يبلغ من العمر 38 عاماً، هو محامي دفاع جنائي ومدافع عن الضحايا، مثّل قبل هذه قضية ضحايا سوريين، مدعين مشتركين بمحاكم متعددة في 2021.
يشار إلى أن المحكمة الألمانية وجهت خلال جلستها الأولى، يوم أمس الأربعاء، 18 تهمة إلى موسى لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
وأوقف موسى بتاريخ 21 من حزيران، ومدد الادعاء الألماني في 20 من كانون الأول 2020 مذكرة التوقيف. وفي 26 من حزيران 2021 أصدر قرار اتهامه وأحال الملف لمحكمة فرانكفورت.
ويشارك في المحكمة ثمانية قضاة من المحكمة الإقليمية العليا وخمسة من مجلس حماية الدولة وثلاثة قضاة إضافيين لتغطية نقص الموظفين في حال حصوله.
وهذا هو الحوار كاملاً كما ورد في صحيفة دير شبيغل:
- ما توقعاتك من محاكمة التعذيب في فرانكفورت؟
- ريجر: هذه هي ثاني محاكمة كبرى بشأن التعذيب في سوريا، بعد أن حكمت محكمة كوبلنز الإقليمية العليا للتو على ضابط في المخابرات السورية بالسجن مدى الحياة، وقد أكّد مجلس القضاء بوضوح أن نظام الأسد نفذ هجوماً منهجياً وواسع النطاق على السكان المدنيين في بداية ثورة 2011، وهذا ينقلنا إلى قضية فرانكفورت؛ هنا أيضاً، يتعلق الأمر بالجرائم ضد الإنسانية في الأيام الأولى للثورة، حيث تم اعتقال عدد كبير من الشعب وتم حبسهم في زنزانات التعذيب.
- خلافاً لما حدث في كوبلنز، لم يتم توجيه الاتهام لعميل من المخابرات السورية، بل طبيب، من بين أمور أخرى، قيل إنه عذب السجناء في المستشفى العسكري في حمص والذي يعيش في ألمانيا منذ 2015؟
- ريجر: هذه المحكمة لها خصوصية، حيث إنه حينما لا يلتزم الأطباء بمساعدة الناس من خلال قسم شرف المهنة التي يعملون بها، فلابد من محاسبتهم إن أدينوا بجرائم.
- أنت تمثل مواطناً سورياً يقول إنه نُقل من السجن إلى المستشفى العسكري عام 2012، ما الذي يمكن أن يشهد عليه موكلك؟
- ريجر: موكلي، الذي يعيش الآن في مخيم للاجئين في جنوب ألمانيا، يضع المتهم في دائرة صعبة، حيث أكّد أنه عذبه كطبيب وهو مصاب بالحروق، وأضاف أنه رأى آخرين يتعرضون لسوء المعاملة، من قبله، كما اتهمه بقتل سجين بحقنة. إذا وافقت المحكمة، فإن الطبيب المتهم يواجه عقوبة السجن مدى الحياة.
- المتهم علاء موسى ينفي كل الادعاءات. لم يسيء إلى أي شخص ولم يسمع عن التعذيب؟
- ريجر: عمل مكتب المدعي العام الفيدرالي والمكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية بشكل جيد، حيث قاما بجمع قدر كبير من الأدلة والعديد من الإفادات من الضحايا والشهود الآخرين، والأمر في النهاية متروك لعدالة المحكمة.
- ما الذي يأمله موكلك من هذه القضية؟
- ريجر: بالنسبة للعديد من الضحايا، بمن فيهم موكلي، من غير المرضي بالطبع عدم وجود بشار الأسد وقيادات النظام في قفص الاتهام. ومع ذلك، يمكن للإجراء أن يحقق بعض العدالة للطرف المتضرر إذا كان من الممكن محاسبة الجاني المفترض، وبذلك يمكن استعادة كرامة الضحايا. نظام الأسد أراد إسكاتهم، وتعمل المحاكمات في ألمانيا الآن على قلب الأمور، يمكن للمتضررين التحدث وإيصال صوتهم للعالم.
- التحقيق في الجرائم في سوريا يستغرق وقتا طويلاً. لا تستطيع السلطات الألمانية التحقيق في موقع الحدث، وبعض الشهود في الخارج، والعديد من الجرائم يعود تاريخها إلى سنوات. لماذا يقوم القضاء بذلك؟
- ريجر: تسمع هذا السؤال مراراً وتكراراً: "لماذا يجب عرض الحرب الأهلية السورية على المحاكم الألمانية، وما علاقة ذلك بنا؟" لكن الإجابة بسيطة، هناك جرائم من السوء بحيث تتم مقاضاتهم في هذا البلد وفقاً لما يسمى مبدأ الولاية القضائية العالمية، حتى لو لم تحدث على الأراضي الألمانية. هذا ما أراده المشروعون، وبالتالي أصدروا قانون الجرائم الدولي.
- المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لا تستطيع التعامل مع جرائم الحرب السورية بسبب الفيتو الروسي. هل تتولى الجمهورية الفيدرالية الآن دور ضابط شرطة العالم؟
- ريجر: ألمانيا ليست شرطي العالم كله. لكن أي شخص يأتي إلى ألمانيا بماضٍ مظلم يجب أن يتوقع محاسبته. هذه إشارة مهمة: مجرمو الحرب ليس لديهم ملاذ آمن في ألمانيا.