نجونا من الزلزال وتشردنا في الشوارع لأكثر من أسبوعين حتى الآن، هذا ما قاله ضياء العثمان المقيم في مدينة كهرمان مرعش جنوبي تركيا، مضيفاً "لم يتهدم منزلنا إنما تصدع بشكل كبير جداً، حاولت أن أدخل في الأيام الأولى أكثر من مرة إلى البناء المكون من 5 طوابق وفيه شقوق واسعة، ولكن كنت أخشى أن تهتز الأرض مجدداً بما يطلقون عليها (هزات ارتدادية)، ويهبط علينا المنزل".
وأردف العثمان في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أنه رغم خراب البناء بشكل كامل واعتباره غير صالح للسكن لكننا مضطرون لدخوله من أجل الحصول على أوراقنا الثبوتية وأموالنا وبعض مقتنياتنا، كل شيء الآن ضروري ومهم.
ويعيش العثمان مع عائلته في خيمة بباحة مدرسة أخلتها السلطات لأجل الناجين من الزلزال في بلدية "دولكاديرأوغلو"، ونصبت فيها المنظمات الإنسانية خياماً وقدمت لها المساعدات من غذاء وماء وأدوية.
التأقلم مع الوضع الجديد
ويحاول السكان بما فيهم السوريون في المناطق المتضررة في ولاية كهرمان مرعش التأقلم مع الأوضاع الجديدة التي خلّفها الزلزال الذي ضرب منازلهم في 6 من شباط الجاري، إذ تواصلت الجهود الشعبية والرسمية للبحث عن جثامين الضحايا ورفع الركام في المناطق المنكوبة بالولاية التركية، والتي تأثرت بزلزال جديد، خلال الساعات القليلة الماضية كان مركزه هاتاي.
ورصد موقع "تلفزيون سوريا" آثار الزلزال التي هزت 10 مدن في الجنوب التركي ومناطق متعددة في شمال سوريا، ما أسفر عن
مقتل 42 ألفاً و310 أشخاص وعشرات آلاف المصابين حتى الآن.
وبحسب بيانات نشرتها آفاد، فإن 7 آلاف و184 هزة ارتدادية وقعت عقب الزلزال المزدوج الذي ضرب ولاية كهرمان مرعش قبل أسبوعين.
ورغم أن كهرمان مرعش كان حجم الضرر فيها أقل من أنطاكية مركز ولاية هاتاي، إلا أن نسبة البيوت المتصدعة فيها كثيرة جداً، وتحاول العديد من العائلات الدخول إلى الأبنية لإخراج المقتنيات والفرش بهدف الانتقال إلى بيوت أكثر أماناً داخل أو خارج المدينة.
مغامرة الدخول إلى بيت متصدع
وتحذر فرق الإنقاذ ودوريات الشرطة من الاقتراب من المنازل المتصدعة أو التي من الممكن أن تهبط سواء بسبب الهزات الارتدادية التي لم تتوقف منذ الزلزال الكبير أو الهزات القوية الأخرى التي تبعته.
وأكّد ضياء العثمان أن الشرطة التركية منعته من دخول بيته للحصول على أوراقه الرسمية وبعض الملابس والأغراض الخفيفة، إلا أنه بقي مرابطاً أمام البناء حتى حل الليل ودخل إلى بيته وجلب ما يريد بسرعة كبيرة وخوف أكبر.
وأشار إلى أن الدخول إلى البناء خطر جداً، قد يقع عليك حائط أو عضادة أو خزانة كل شيء ممكن، ولكن عدم وجود الكملك (بطاقة الحماية المؤقتة) والأوراق وشهادات الأطفال سيدخلنا في متاهة ودوامة لاستخراجهم مجدداً.
"عندما دخلت إلى البناء كنت حذراً جداً، فالجدران معظمها واقع والدرج غير آمن، بيتي في الطابق الثاني، والباب لا يفتح بسهولة، كنت أريد الحصول على العديد من الأشياء لكنني أحضرت الأوراق والمال وبعض الملابس من غرفة النوم فقط. بالطبع لن أعود مرة أخرى".
شريط تحذيري "ممنوع الاقتراب"
وبقرب ركام لعدد من الأبنية المتهدمة بشكل كامل في حي خير الله بولاية كهرمان مرعش الذي نال قسماً كبيراً من الدمار، يوجد بناء ما زال صامداً ولكنه محاط بشريط تحذيري وضعته فرق إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" لمنع السكان من الاقتراب منه.
وتخشى "آفاد" بحسب أحد العاملين فيها من الهزات الارتدادية التي قد تؤثر على الأبنية المتصدعة وتهدمها، خصوصاً أن الهزات الارتدادية تحدث مثل الزلازل بشكل مفاجئ، ويذهب من يدخل تلك البيوت كضحايا يصعب العثور عليهم لأن الفرق لا تعلم بوجود أحد بتلك الأبنية الممنوع دخولها.
وكان أبو عبد الله اللاجئ من ريف إدلب، يجادل فرق الإنقاذ بأنه يريد الصعود إلى بيته لأجل الحصول على بعض الأوراق والأموال التي لم يستطيع أن يأخذها حين خرج بسرعة من المنزل حين ضرب الزلزال قبل أسبوعين. لكن فرق "آفاد" منعته من الاقتراب مطالبة إياه بمغادرة المنطقة لمخاطر البقاء فيها.
مجازفة لا بد منها
وتجمع اللاجئة السورية رفيدة الحلبي إحدى الناجيات من الزلزال أغراضها برفقة أبنائها في استعداد منهم للسفر إلى أنقرة حيث يقيم أقاربها هناك.
وأبقت الحلبي أبناءها قرب الأمتعة والمقتنيات وجازفت بدخول منزلهم في الطابق الرابع من بناء متصدع مكون من 6 طوابق في حي قريب من السوق القديم بكهرمان مرعش.
ويوجد على حائط البناء "كود غير آمن" ما يعني أنه غير قابل للسكن وسيتعرض بالغالب للإزالة بشكل كامل على عكس بعض البيوت التي سيجري ترميمها لأن أساسات الأبنية لم تتأثر بالزلزال.
وقالت لموقع "تلفزيون سوريا" إنها "لا تملك أي مال لجلب مثل هذه الأغراض مرة أخرى لا بد من المجازفة، لذلك صعدت إلى منزلها وخاطرت بنفسها لأجل أغراض المنزل وبعض المقتنيات".
وأضافت أن "البراد والغسالة والخزن لم أستطع حملهم وحدي لذلك تركتهم، ولم يقبل أحد بالصعود معي إلى بيت متهالك في الطابق الرابع. لاسمح الله أي هزة أرضية قد توقع المنزل".
وأشارت إلى أن زوجها استشهد في غارة روسية على ريف حلب عام 2017، وقدمت هي إلى مرعش حيث يوجد بعض أقاربها، إلا أنهم قضوا تحت الزلزال.
ورغم المجازفة الخطيرة بدخول المنازل المتصدعة يعتقد الكثير من السوريين أنه يمكنه الحصول على جزء ولو قليل من أمتعته وأوراقه الرسمية وأمواله.
ويحتفظ معظم السوريين الذين التقيناهم بأموالهم في بيوتهم لصعوبة فتح حسابات بنكية للكثيرين منهم، إلى جانب أن البعض قالوا إنهم ليس لديهم ثقة بالبنوك.