انتقدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" اللقاء الذي أجراه المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، مع وزير الداخلية في حكومة النظام السوري، محمد الرحمون، مشيرة إلى أن المفوض السامي "ليس على اطلاع كافٍ بخلفية الرحمون والانتهاكات الفظيعة المتورط بها، والتي يشكل بعضها جرائم حرب".
من هو محمد الرحمون؟
ووفق قاعدة بيانات الشبكة، فإن الرحمون هو ضابط برتبة لواء، من أبناء مدينة خان شيخون بريف إدلب ومن مواليد العام 1957، ويعد من الشخصيات الأمنية البارزة في التخطيط وإدارة الملف الأمني الداخلي لدى النظام السوري.
أدرجت الولايات المتحدة الأميركية الرحمون على لائحة العقوبات مطلع العام 2017، كما تم إضافته إلى قوائم العقوبات الصادرة عن المملكة المتحدة في العام 2019، بسبب ارتباطه المباشر ببرنامج الأسلحة الكيميائية السورية، ولكونه جزءاً من سلسلة إصدار الأوامر المتعلقة بالهجوم بالأسلحة الكيميائية على عدة مناطق في محافظة ريف دمشق وبشكل خاص مجزرة الغوطة في العام 2013، وفي آذار 2019 وُضع الرحمون على قائمة العقوبات الأوروبية، في قائمة ضمت سبعة وزراء في حكومة النظام السوري.
شغل الرحمون منصب رئيس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الجنوبية منذ منتصف العام 2011، وبقي في منصبه حتى منتصف العام 2015، وتشمل المنطقة الجنوبية محافظات ريف دمشق والسويداء ودرعا، بعد أن كان يتولى قيادة فرع الأمن الجوي في درعا فقط منذ العام 2004.
وخلال سنوات خدمته الخمسة في هذا المنصب، يعتبر الرحمون مسؤولاً مباشراً عن العديد من الانتهاكات التي مارستها قوات الأمن الجوي في المنطقة الجنوبية، شملت عمليات الاعتقال، والإخفاء القسري والتعذيب، وعمليات القتل من خلال قصف القرى والمدن الخارجة عن سيطرة النظام السوري، والتي تسببت في نزوح الآلاف من السوريين في المناطق التي تولت فيها القوات التابعة له العمليات العسكرية.
وفي منتصف العام 2015، عُين الرحمون كرئيس لشعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية، ضمن سلسلة التعيينات والترقيات التي يصدرها رئيس النظام، بشار الأسد، في كل عام، وتم تكليفه بإدارة شعبة الأمن السياسي، وهو واحد من أصل أربعة أجهزة أمنية رئيسة في سوريا.
وعلى الرغم من تبعية شعبة الأمن السياسي إدارياً إلى وزارة الداخلية، إلا أنها تتبع بشكل مباشر إلى مكتب الأمن القومي، وهو الخلية الأمنية الأولى في سوريا، ويحوي عدداً قليلاً من كبار الضباط الأمنيين المتصلين بشكل مباشر مع رئيس النظام بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة، والمسؤولين عن وضع الخطط الأمنية العسكرية وتنفيذها.
ارتكب اللواء محمد الرحمون خلال سنوات خدمته الثلاث في هذا المنصب، انتهاكات واسعة بحق المدنيين السوريين عبر عمليات الملاحقة والاعتقال والاختفاء القسري، واشتراكه في عمليات استخدام الأسلحة الكيميائية بمحافظة ريف دمشق، والتي تسببت بنزوح وتشريد قسري لسكان المدن والبلدات فيها حتى منتصف العام 2018.
في تشرين الأول من العام 2018، تم تعيين الرحمون وزيراً للداخلية في حكومة النظام السوري، وما زال يشغل المنصب نفسه، ويعتبر من الشخصيات الأمنية البارزة في التخطيط وإدارة الملف الأمني الداخلي.
وأكدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" على أن الرحمون "بحكم المناصب التي تولاها متورط في اعتقال آلاف السوريين وإخفائهم قسرياً، وإعدام قسم منهم، إضافةً إلى العديد من الانتهاكات الأخرى التي ما تزال تمارسها وزارة الداخلية بحق المواطن السوري من نهب ممتلكات، والحط من الكرامة الإنسانية"، مشددة على أن "الكثير من هذه الانتهاكات يشكل هجمات واسعة ضد المدنيين، وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، ويرقى بعضها إلى جرائم حرب".
اللقاء يرسل رسالة سلبية للاجئين
وقالت الشبكة، في بيان لها، إن "الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية التي مارسها النظام السوري هي السبب الأساسي وراء تشريد ملايين السوريين، وإن استمرارها هو السبب الأساسي في عدم رغبتهم في العودة إلى وطنهم سوريا، وسبب استمرارها هو بقاء النظام السوري بقياداته وممارساته المتوحشة منذ العام 2011 وبذات العقلية القمعية"، مؤكدة على أن محمد الرحمون "أحد أبرز رجالات النظام السوري المتورطين بشكل مباشر ووثيق في الانتهاكات التي مارسها النظام على مدى سنوات".
وأوضح البيان أن "النظام السوري في بنيته هو نظام شديد المركزية، ومتورط بمختلف مؤسساته في ارتكاب انتهاكات واسعة ومنهجية، شكلت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وكل من أمر أو أغرى أو شجع أو برر أو شارك أو قدم العون أو سهل، تلك الجرائم يعتبر متورطاً فيها، وفي مقدمة تلك المؤسسات مؤسسة الجيش، ومؤسسة الأمن التابعة لوزارة الداخلية".
ورأت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أنه كان ينبغي على المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تجنب لقاء وزير داخلية النظام السوري، والذي تتبع له نظرياً الأجهزة الأمنية ذات الصيت البربري في التعامل مع المواطنين السوريين",
وأشارت إلى أن هذا اللقاء "يرسل رسالة سلبية لملايين اللاجئين ولملايين النازحين في المناطق خارج سيطرة النظام السوري، لأنها تحمل مضموناً تصالحياً مع النظام السوري، وتشير إلى رغبة في التقارب معه، على الرغم من التقارير التي تؤكد على أن سوريا بلد غير آمن، بسبب عدم حصول تغيير سياسي من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي".
أي تضييق على اللاجئين انتهاك للقانون العرفي الملزم
وشدد البيان على أن "أي حديث عن عودة المشردين قسرياً من نازحين ولاجئين في ظل بقاء النظام السوري برئاسته الحالية وأجهزته الأمنية المتوحشة، هو حديث يتضمن إشارة إلى عبء اللاجئين السوريين، ويغض الطرف عن المتسبب الأساسي في تشريدهم، والتفاف على معالجة جذر المشكلة".
وأكد على أن "أي ضغط أو تضييق على اللاجئين السوريين يندرج ضمن إطار الإعادة القسرية، وهذا انتهاك للقانون العرفي الملزم لجميع دول العالم بما فيها الدول غير المصادقة على اتفاقية اللجوء في العام 1951".
ودعت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لأن تكون "رائدة الدفاع عن حقوق اللاجئين، وأن تتوقف عن اللقاءات مع المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، احتراماً لمشاعر ملايين الضحايا اللاجئين السوريين".