لا تزال قضية فصيل "السلطان سليمان شاه" تتفاعل في منطقة "عفرين" شمال غربي حلب، إذ يقترب الموعد المحتمل لإعلان لجنة التحقيق نتائج تحقيقاتها في الانتهاكات المنسوبة إلى الفرقة.
مصدر خاص على اتصال وثيق بلجنة التحقيق، أكد لموقع تلفزيون سوريا أن عمل اللجنة اصطدم برفض قائد فرقة "السلطان سليمان شاه" تسليم جميع المتهمين بالانتهاكات، أو الشهود الأساسيين في بعض القضايا، وأبرزهم مخاتير منطقة "الشيخ حديد" في عفرين، الذين تحتاجهم اللجنة من أجل التحقق من اتهام فرض إتاوات واغتصاب أموال تمت بأوامر مباشرة من "محمد الجاسم" قائد الفرقة.
وتنتظر الأطراف جميعها بمن فيها غرفة القيادة الموحدة (عزم) التقرير النهائي من اللجنة المسؤولة، حيث وافق الجميع ومن ضمنهم قائد "السلطان سليمان شاه" قبل الشروع في التحقيقات، على شروط تنص على تسليم جميع المطلوبين وتسهيل عمل اللجنة، واستخدام الحل العسكري من قبل "عزم" في حال الامتناع عن تسليم مطلوبين أو عدم التجاوب مع عمل اللجنة.
هيئة تحرير الشام تستثمر في الأزمة
دخلت "هيئة تحرير الشام" على خط الأزمة بشكل علني، بعد التصريحات التي أطلقها القيادي البارز في الهيئة "أبو أحمد زكور" على حسابه في تويتر، الذي يحمل اسم "جهاد عيسى الشيخ".
"زكور" طالب بأن تتم "محاسبة المفسدين" من قبل جهة محايدة "يثق الناس بدينهم وقدرتهم" حتى لا تصبح "محاربة الفساد" ذريعة لـ "التغلب والقتال الداخلي"، في إشارة على ما يبدو لرغبة الهيئة بالتدخل والوساطة.
ورفض "زكور" تهميش الأجهزة الرسمية في منطقة عفرين، مثل الشرطة العسكرية، في تحريض واضح على تحركات "عزم" لدى الفصائل وخاصة الفيلق الثالث، وليس من خلال أجهزة الشرطة في المنطقة.
وبحسب مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا فإن هيئة تحرير الشام وعن طريق القيادي البارز "أبو ماريا القحطاني" نسّقت خلال الأشهر الماضية تغلغل العديد من العناصر ضمن الفصائل العاملة في منطقة عفرين، وعلى وجه التحديد "السلطان سليمان شاه" من أجل تنفيذ مهام أمنية وتأسيس نقطة ارتكاز لجهودها اللاحقة.
ولا تنظر الهيئة بعين الارتياح إلى غرفة عمليات "عزم" التي تأسست صيف عام 2021 شمالي حلب في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، ورفعت شعار ضبط المنطقة أمنياً ووقف التجاوزات والانتهاكات، إذ أن هذه الغرفة لو نجحت ستكون منافساً قوياً للهيئة خاصة في الملف الأمني، على صعيد الداخل والخارج.
ماذا تريد الهيئة من شمال حلب؟
تولي هيئة تحرير الشام أهمية خاصة لمنطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، وتحاول بشكل مستمر أن تحقق اختراق فيهما.
وأفادت شخصيتان لديهما قدرة الاطلاع على أروقة لقاءات قيادة هيئة تحرير الشام، أن التنظيم قلق بشكل دائم بسبب عدم حسم مصير منطقة إدلب بين الفاعلين الدوليين، في حين ينظر إلى شمالي حلب على أنها أكثر استقراراً، وهناك إقرار روسي بالنفوذ التركي عليها، وهذا ما لم يحصل في إدلب، وبالتالي لا بد من إيجاد موطئ قدم في منطقتي "غصن الزيتون" و"درع الفرات" تحسباً لأي تطورات مستقبلية، حيث تعتقد قيادة الهيئة أن ارتباطها الجغرافي بإدلب فقط أمر غير صائب.
من ناحية أخرى فإن دخول هيئة تحرير الشام إلى مناطق من عفرين على الأقل، وخاصة "جنديرس" سيحقق لها مكاسب اقتصادية، حيث أن المنطقة فيها معبر "الحمام"، الذي سيكون على الأرجح شرياناً تجارياً بين سوريا وتركيا في وقت ما.
منطقتا "درع الفرات" و"غصن الزيتون" توفران لـ "هيئة تحرير الشام" ميداناً إضافياً للاستثمارات، على غرار إدلب وما جرى فيها من استحواذ على سوق الطاقة والمحروقات والأغذية.
وعلى الرغم من الاهتمام البالغ للهيئة بالمنطقة، ومحاولتها الاستفادة من الاستقطاب الحاصل فيها بين فصائل الجيش الوطني بسبب الملفات الخلافية، إلا أنها حتى اللحظة تبدو غير مستعدة لاستعمال الخيار العسكري كما جرى مع فصائل محافظة إدلب، لأن هذا السيناريو سيضعها في صدام مباشر مع الجانب التركي على الأرجح، الذي لن يرحب بزعزعة تفاهماتها مع روسيا من خلال تمدد الهيئة العلني في شمالي حلب، لكنه من غير المستبعد أن تتيح الأزمة الحالية للهيئة نشر بعض قواتها في منطقة عفرين بالتنسيق مع بعض الفصائل المتخوفة من تحركات "عزم"، لكن هكذا تطور لن يكون معلناً وباسم الهيئة.