تجنبت قوات نظام الأسد المدعومة من روسيا تمشيط مدينة "خان شيخون" جنوب إدلب، وبلدتي "اللطامنة" و "كفزيتا" شمال حماة، رغم انسحاب الفصائل العسكرية من هذه المواقع فجر أمس الثلاثاء 20 آب / أغسطس.
واضطر مقاتلو الفصائل العسكرية للتراجع عن هذه البلدات بعد تقدم قوات نظام الأسد في التاسع عشر من الشهر الجاري وسيطرتهم على تلة "النمر" المتاخمة لخان شيخون، الأمر الذي بات ينذر بخطر إطباق الحصار على المقاتلين ونقطة المراقبة التركية ضمن جيب محاصر سيشمل "خان شيخون" و "اللطامنة" و "كفرزيتا" و "مورك".
مفاوضات تركية – روسية
في وقت انتظر فيه الجميع أن تحتفل وسائل إعلام نظام الأسد بالسيطرة على مدينة "خان شيخون" والبلدات المتبقية من ريف حماة الشمالي، توقفت عملية التمدد البرية باتجاه المناطق المذكورة، لتصبح خارج سيطرة الطرفين، مع أفضلية لقوات نظام الأسد التي سيطرت على نقاط محيطة بـ "خان شيخون" وهي "تلة النمر" و "مدجنة الفقير" و أطراف المدينة من الجهة الشمالية.
وبحسب ما أكدته مصادر خاصة لموقع "تلفزيون سوريا" فإن نقطة المراقبة العسكرية التركية في بلدة "مورك" احتضنت يوم أمس مفاوضات تركية – روسية، انصبت على مناقشة مصير المنطقة، وذلك بعد يوم واحد من إرسال تركيا تعزيزات عسكرية كبيرة تضمنت دبابات ومدافع ميدانية، تمركزت بالقرب من بلدة "حيش" بمنطقة معرة النعمان الواقعة على الطريق الدولي الذي يربط بين دمشق وحلب.
وعرض الطرفان مطالبهما خلال المفاوضات، حيث تمسكت أنقرة بمطلب عدم دخول قوات النظام إلى خان شيخون وبلدات ريف حماة الشمالي المجاورة لها، مع السماح لها بنشر قوات تركية جديدة شمال غرب خان شيخون، بعد تراجع قوات نظام الأسد عن مداخلها، وذلك بهدف الحفاظ على طريق إمداد لنقطة المراقبة المتواجدة في "مورك" عبر الطريق الدولي.
وشدد الوفد الروسي على ضرورة أن يتم وضع تفاهم كامل، يتضمن آلية مناسبة لفتح الطرقات الدولية دمشق – حلب ، و حلب – اللاذقية، مع تعديلات على بنود "سوتشي" تنص على إبعاد الفصائل العسكرية من المنطقة العازلة، وتسيير دوريات تركية – روسية مشتركة فيها.
تصعيد عسكري
عادت قوات نظام الأسد وطائراته المدعومة روسياً إلى التصعيد الميداني مجدداً مما يؤشر على عدم التوصل إلى تفاهم بين أنقرة وموسكو، حيث أكدت مصادر عسكرية لموقع "تلفزيون سوريا" أن قوات النظام السوري وبغطاء جوي سيطرت على "تل ترعي" شرق مدينة "خان شيخون" بهدف إطباق الحصار على "خان شيخون" و "كفر زيتا" و "اللطامنة" و "مورك"، الأمر الذي يعني تطويق نقطة المراقبة التركية في "مورك" بشكل كامل، وعزلها عن الطريق الدولي.
وتركزت الغارات الجوية أيضاً على منطقة "مورك" قرب نقطة المراقبة التركية، بالإضافة إلى بلدة "معر حطاط" القريبة من "حيش" حيث حط الرتل التركي الجديد رحاله يوم أمس، كما توسع نطاق الغارات ليشمل محيط مدينة سراقب، وريف معرة النعمان الشرقي.
وقادت القوات الخاصة الروسية محاولات اقتحام جديدة صباح اليوم لتلة "كبانة" بريف اللاذقية، حيث جرى تكثيف غارات الطيران على التلة، بالتزامن مع محاولة التقدم البرية التي لم تنجح.
ومن جانبها دفعت القوات التركية المتواجدة في بلدة "الصرمان" جنوب شرق إدلب بتعزيزات إضافية باتجاه قواتها قرب بلدة "حيش"، من ضمن التعزيزات "راشدة" خاصة بالتشويش على أجهزة الاتصال اللاسلكية، في خطوة تؤشر على تخوف تركي من تعمد الطيران استهداف النقاط العسكرية قرب خان شيخون.
مستقبل المنطقة مرتبط بمجريات الميدان
بات من الواضح أن المحاولات الروسية – التركية التي تهدف لإعادة الهدوء إلى محافظة إدلب وشمال حماة، قد وصلت إلى طريق مسدود، ويظهر ذلك جلياً من خلال مساعي قوات نظام الأسد التي تتحرك بأوامر روسية لفرض طوق عسكري على نقطة المراقبة التركية في "مورك"، لإرغامها على الانسحاب لاحقاً.
وفي جبهة أخرى تعمل روسيا على دخول تلة "كبانة" الإستراتيجية بريف اللاذقية، والمطلة على منطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، ومنطقة سهل الغاب غرب حماة، وفي حال نجحت المساعي الروسية في السيطرة على التلة، فسيكون دخولها إلى "جسر الشغور" وباقي قرى "سهل الغاب" و "جبل شحشبو" أسهل.
ومن غير المستبعد أن تعمد روسيا إلى تسخين جبهات قتال جديدة جنوب شرق إدلب، والغاية من ذلك التقدم باتجاه "سراقب" الواقعة على طريق دمشق – حلب الدولي، وفي حال نجحت في الوصول إلى سراقب انطلاقاً من منطقة "أبو الضهور" فسيتم تطبيق سيناريو مشابه لما حصل في "خان شيخون" من حيث عزل نقطة المراقبة التركية وإبعاد تأثيرها عن الطريق الدولي، وسحب ورقة مهمة من يد أنقرة.
ومن الواضح أن أنقرة ماتزال متمكسة بمكاسبها في الشمال السوري، حيث سارعت إلى تثبيت نقطة مراقبة جديدة في "حيش" على الطريق الدولي، في عملية استباقية لمحاصرة نقطة "مورك"، كما أكد وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" إصرارهم على عدم سحب نقطة المراقبة التاسعة من شمال حماة.
ومن المؤكد أن ثبات الفصائل العسكرية وقدرتها على مواصلة مواجهة الحملة الروسية، وعدم استمرار الانهيارات الميدانية سيكون له دوراً كبير في رسم مستقبل المنطقة التي تجري فيها العمليات العسكرية والشمال السوري عموماً.