في 16 و17 من أيلول، نفذ الجيش الإسرائيلي غارات في محيط مدينة دمشق، لاستهداف مراكز لوجستية إيرانية موجودة هناك بحسب ما ورد من تقارير. وأتت تلك الغارات في ظل زيادة في وتيرة هذه الهجمات خلال الأسابيع الأخيرة، والتي كان من بينها الغارات التي استهدفت مطار حلب في 31 من آب و6 من أيلول، ما دفع المحلل الإسرائيلي جوناثان سباير للتعليق بالقول: "إن استهداف مطار حلب بشكل محدد له علاقة بكل تأكيد بالمؤشرات التي ظهرت مؤخراً والتي تشير إلى اعتماد إيران بشكل أكبر على "الجسر الجوي" الذي أقامته بين سوريا ولبنان، نظراً لنجاح إسرائيل في استهدافها الممنهج لعمليات نقل الأسلحة والمعدات براً (أي عبر العراق). بيد أن زيادة وتيرة النشاط الإسرائيلي لا يتصل فقط بمسألة استخدام طهران للنقل الجوي بصورة أكبر، وإنما يعتبر جزءاً من الصورة الأكبر التي تعبر عن زيادة التوتر في المنطقة، إذ ثمة عدة عوامل أسهمت في رسم تلك الصورة:
أولها: سحب روسيا لجنودها من سوريا على ما يبدو.. بالرغم من عدم وجود أي أمل بانسحاب روسيا بشكل كامل من هناك، وذلك لأن القاعدة الجوية في حميميم والمرافق التابعة للبحرية الروسية في كل من طرطوس واللاذقية تعتبر من الأصول الاستراتيجية الثابتة التي وجدت لتبقى هناك. كما أن الإبقاء على حكم الأسد من الأهداف الواضحة لموسكو في المنطقة، ولكن بعيداً عن ذلك، نجد بأن الروس باتوا منشغلين اليوم بحملة عسكرية متعثرة وعبثية في أوكرانيا، وموسكو لا يمكنها أن تتدخل استراتيجياً وعن كثب في موقعين معاً.
ثانياً: إذا افترضنا عدم وقوع تغير في اللحظة الأخيرة، يبدو بأن العودة للاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم في 2015 لن تكون قريبة، إذ بغياب أي عملية دبلوماسية لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني، ونظراً لتصميم إسرائيل على تحطيم طموحات إيران في المنطقة، لذا فقد أصبح احتمال المواجهة هو الأرجح.
وأخيراً، لابد من الإشارة إلى أن ارتفاع وتيرة النشاط الإسرائيلي لا علاقة له بسوريا وحدها كما هو واضح، بل إن ذلك يمثل جزءاً مما تبذله إسرائيل منذ أشهر قليلة لتوسع وتعمق موقفها الجازم تجاه مجمل النشاط الإيراني في المنطقة... ولذلك يعكس مجال النشاط الجوي الإسرائيلي في سوريا وجرأته مدى التغير الحاصل.
المصدر: موزاييك