انخفض منسوب المياه في نهر الفرات ضمن الأراضي السورية بشكل كبير خلال الفترة الماضية، حتى وصل إلى مستوى باتت فيه عمليات توليد الطاقة أمراً شبه مستحيل، كما هو الحال في سد تشرين بريف حلب.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً أظهر رجلاً يمشي على أحد أرصفة بحيرة سد الفرات الداخلية، قائلاً إن منسوب المياه انخفض بنحو 5 أمتار عما كان عليه خلال شهر آذار من العام الماضي.
ما علاقة الزلازل؟
ناشطون ربطوا انخفاض منسوب المياه بالزلازل التي ضربت المنطقة خلال الشهر الماضي، إذ جرى تداول تحليلات اعتبرها البعض "متضاربة"، بدأت بالحديث عن ارتفاع منسوب المياه في بحيرة تشرين إلى مستويات لم تصلها منذ أعوام بسبب تفريغ الجانب التركي لسدوده خوفاً من التصدعات التي لحقت بها، تلاها حديث عن إغلاق الجانب التركي لسدوده وانخفاض المنسوب إلى مستويات قياسية، وكل ذلك خلال فترة لم تتجاوز الشهر.
ما سبق يطرح عدداً من التساؤلات حول: أين ذهبت المياه التي تجمّعت في البحيرات السورية بافتراض أن تركيا قد أفرغت جزءاً من مياه سدودها؟ كيف انخفضت خلال أيام قليلة إلى مستويات لم تصلها من قبل؟ وهل فعلاً تضررت السدود التركية من جراء الزلزال للحد الذي أوجب إفراغها؟
انخفاض تدريجي
في مقارنة بين صورتين التقطتهما الأقمار الصناعية لبحيرة سد تشرين، تبيّن أن منسوب المياه آخذ بالانخفاض التدريجي منذ شهر آذار 2022 ولم يشهد ارتفاعاً ولو طفيفاً طوال هذه المدة.
وللدقة، أظهرت صورة التقطت في التاسع من شباط الماضي - وهي الفترة التي قيل إن منسوب المياه ارتفع فيها إلى مستواه الطبيعي - انخفاض مستويات المياه بشكل كبير لدرجة ظهور بقع من اليابسة في منتصف بحيرة السد.
من جانبها كشفت وكالة الأناضول التركية، في تقرير نشرته بتاريخ 14 شباط الماضي، أن أيّاً من السدود التركية لم تتضرر بشكل كبير من جراء الزلزال، باستنثاء 8 سدود لحقت بها أضرار "سطحية لم تتطلب تدخلاً طارئاً"، وأن وزارة الزراعة والغابات لم تفرغ أياً منها.
بالمحصلة، لم يشهد منسوب مياه نهر الفرات ارتفاعاً خلال الشهر الماضي، وجميع الأنباء المتداولة حول ذلك لا صحة لها بحسب ما رصد موقع تلفزيون سوريا، كما أن تركيا لم تفرغ / ولم تلحق أضرار "بالغة" بأيّ من سدودها على نهر الفرات من جراء الزلازل.
لماذا انخفض منسوب مياه الفرات؟.. الجفاف أزمة جديدة تخيم على #سوريا
— تلفزيون سوريا (@syr_television) March 3, 2023
تقرير: أحمد إسماعيل عاصي @ahmedalasi#تلفزيون_سوريا #سوريا_اليوم pic.twitter.com/C12v9X7KtI
إيقاف عمليات توليد الطاقة في سد تشرين
وأوقفت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا، أمس الأربعاء، عمليات توليد الطاقة في سد تشرين لمدة أسبوع لاقتراب منسوب المياه في السد إلى "المستوى الميت"، وهي النقطة التي تكون فيها مياه السد منخفضة للدرجة التي تنكشف فيها الأنابيب المخصصة لسحب المياه.
وأرجع رئيس لجنة الطاقة التابعة "لمجلس الرقة المدني"، انخفاض منسوب مياه نهر الفرات إلى نقص كبير في المياه الواردة من تركيا.
ويتزامن انخفاض منسوب مياه الفرات في سوريا مع تراجع غير مسبوق لمستوى منسوبي نهري دجلة والفرات في الأراضي العراقية، إذ أعلنت حكومة بغداد عن عزمها التفاوض مع النظام السوري وتركيا بشأن حصص العراق المائية من النهرين المذكورين آنفا.
يشار إلى أن انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات انعكس سلباً على سكان مناطق شرقي الفرات عموماً، ومدينة جرابلس وما حولها في ريف حلب الشرقي، ومن أبرز المشكلات التي تواجه المدنيين، النقص في ساعات وصول مياه الشرب إلى المنازل، وشح المياه المخصصة لري المزروعات على ضفتي النهر.
وينبع نهر الفرات من تركيا ويعبر الأراضي السورية ليجري في الأراضي العراقية حيث يلتقي في جنوبيها مع نهر دجلة، ليشكلا شط العرب، ووقعت تركيا وسوريا اتفاقية في عام 1987، نصت على تعهد الجانب التركي بأن يوفر معدلاً سنوياً من المياه يزيد على 500 متر مكعب في الثانية للجانب السوري، وبعد ذلك بعامين اتفق الجانب السوري مع العراقي على تمرير 58 % من مياه الفرات نحو الأراضي العراقية مقابل 42 % لسوريا.