ترجّح إسرائيل أن تشكّل أرمينيا ممراً تستغله إيران لمواصلة تقديم الدعم لحلفائها في سوريا ولبنان، من خلال إيصال بعض الأسلحة والمعدات العسكرية الإيرانية المرسلة إلى أرمينيا، لكل من النظام السوري و"حزب الله" اللبناني.
ووفق تقرير لموقع "ألما" (Alma) الإسرائيلي، فإن مطار حلب يعدّ "محطة جغرافية" ضمن الممر الإيراني إلى سوريا عبر أرمينيا، وأحد بوابات المسار الجوي لدخول الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان، بهدف استخدامها ضد إسرائيل.
ونتيجة لذلك، بحسب ما يشير التقرير، فقد تعرض مطار حلب في صباح الـ28 من آب الماضي، لهجوم إسرائيلي للمرة الثالثة هذا العام، بعد تعرضه للهجوم مرتين في آذار السابق. وحتى ذلك الحين، أُلحق الضرر بالمدرج وتم إغلاق المطار، بالإضافة إلى تضرر مواقع تخزين الأسلحة القريبة منه.
التعاون الإيراني الأرمني ضد إسرائيل وأذربيجان
ويوضح التقرير أن المجتمعات الأرمنية تعيش في حلب (ذات الانتشار الواسع للميليشيات الإيرانية)، ويمتد التعاون بين إيران وأرمينيا إلى سوريا، بالإضافة إلى مناطق أخرى ذات اهتمام إيراني؛ فعلى سبيل المثال، في عام 2007، سلمت أرمينيا إيران صواريخ أطلقتها الميليشيات الموالية لإيران في العراق ضد القوات الأميركية. وفي الوقت الحالي، تدعم إيران أرمينيا في صراعها مع أذربيجان (المدعومة من إسرائيل) حول منطقة كاراباخ. وما يزال الصراع هناك في حالة من التوتر الشديد وقد يندلع مرة أخرى في المستقبل القريب.
تعمل إيران ضد أذربيجان على جبهات متعددة، حيث ينفّذ "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الثوري الإيراني" عمليات في تلك المنطقة ضمن إطار الحرب غير المتكافئة، وحرب المعلومات، ونقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى أرمينيا. وبما أن وحدات فيلق القدس الإقليمية تتبع القيادة المركزية، بقيادة إسماعيل قاآني، يتم تنسيق المتطلبات العملياتية في مختلف المجالات.
وعلى هذا الأساس، يرى التقرير أنه من الممكن أن تستغل إيران أرمينيا ليس فقط لتخريب أذربيجان، ولكن أيضًا لدعم الجهد الإيراني في سوريا ولبنان، وأن بعض الأسلحة والمعدات المرسلة إلى أرمينيا "تستمر" إلى سوريا ثم إلى لبنان. ولا بد من التأكيد على أن الجهد الإيراني في كلا الساحتين يعمل ضد إسرائيل: بشكل غير مباشر في الساحة الأرمنية، ومباشرة في الساحتين السورية واللبنانية.
مؤشر آخر يعتبره التقرير دليلاً على استغلال إيران لأرمينيا، ويتمثل في سفير إيران في سوريا "مهدي سبحاني"، الذي ترك منصبه في آذار 2023 ليصبح سفير إيران في أرمينيا. فعادة ما يكون السفير الإيراني في سوريا ولبنان ضابطاً كبيراً في "الحرس الثوري الإيراني" مسؤولا عن تنسيق النشاط الإيراني مع "حزب الله" ونظام الأسد، وليس دبلوماسياً تعينه وزارة الخارجية الإيرانية. ومن هنا فمن المحتمل أن يكون اختيار مهدي سبحاني سفيراً لإيران في يريفان، عاصمة أرمينيا، يعكس التقدير الكبير الذي يكنه الحرس الثوري لأرمينيا.
شركات الطيران المتورطة بنقل أسلحة إيرانية وعناصر ميليشياتها
ويتساءل الموقع الإسرائيلي: هل تُستخدم أرمينيا كنقطة عبور لتغطية وإخفاء شحنات الأسلحة من إيران إلى سوريا ثم إلى لبنان؟ وهل يُستخدم مطار العاصمة الأرمينية يريفان كنقطة عبور لمرور الأسلحة والمعدات والعناصر إلى مطاري حلب ودمشق في سوريا، ومن ثم براً إلى لبنان؟
ثم يشير إلى أنه نشر تقريراً في كانون الأول 2022، استعرض فيه تورط ونشاط شركة الطيران الإيرانية "ماهان إير" (Mahan Air) في عمليات نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان لصالح "فيلق القدس"، بما في ذلك استخدام طائرات الركاب.
ويضيف أن شركة الطيران Flight Travel LLC الأرمنية، والتي تم إنشاؤها في عام 2018، تعمل كواجهة للمقر الرئيسي لشركة Mahan Air في أرمينيا. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على شركة Flight Travel LLC لمساعدة شركة Mahan Air في نقل عناصر الميليشيات الشيعية من باكستان وأفغانستان إلى سوريا. ومن المؤكد أن هذه الطائرات لم تكن تحمل عناصر الميليشيات فحسب، بل كانت تحمل أيضاً المعدات العسكرية والأسلحة، بحسب التقرير.
شركة ماهان إير ليست شركة الطيران الوحيدة التي لها علاقات مع "الحرس الثوري" أو التي تنقل الأسلحة والمعدات والعناصر. فهناك: معراج، قشم فارس، بويا إير، وإيران إير، كلها شركات طيران إيرانية تعمل داخل الممر الإيراني وترتبط بأنشطة "الحرس الثوري الإيراني" باستخدام طائرات الشحن والركاب. وجميعها تخضع للعقوبات.
ويوضح التقرير أنه من خلال بحث محدّث أجراه الموقع عن الرحلات الجوية من "إيران- طهران إلى أرمينيا-يريفان"، اكتشفن أن أربع شركات طيران تعمل على هذا الطريق. ثلاثة منها أرمينية، وواحدة إيرانية. ولا يستبعد المصدر استخدام إيران للطائرات الأرمينية ضمن الممر الجوي للمعدات والأسلحة الذي يمر عبر أرمينيا. ويرى أنه "من الممكن أن يؤدي نشر الطائرات الأرمينية إلى إحباط المراقبة الاستخباراتية للنشاط الإيراني من خلال زيادة صعوبة تغطية مساراتها".