تداول معلمون سوريون متطوعون في مدارس بعض الولايات التركية، وخصوصاً في ولايتي هاتاي وماردين جنوبي البلاد، رسائل نصّية قالوا إنها صدرت من مديريات التربية الفرعية في الولايات، ومن مديري مدارسهم، يبلغونهم فيها انتهاء عقود تطوّعهم مع منظمة "اليونيسيف" والاستغناء عن خدماتهم داخل المدارس التركية.
الرسائل التي تم تداولها عبر مجموعات خاصة بالمعلمين السوريين العاملين في تركيا على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بإيداع منظمة اليونيسيف مبلغ 2000 ليرة تركية ضمن حساباتهم في مؤسسة البريد والحوالات التركية (PTT) كتعويض عن دعم جائحة كورونا التي أعلنت الحكومة التركية انتهاء إجراءات التصدّي لها ابتداءً من اليوم الخميس الأول من تموز الجاري.
كما أشارت الرسالة إلى توقّف دوام المعلمين السوريين، ابتداءً من يوم غدٍ الجمعة (الثاني من تموز)، في المدارس التركية التي وزّعتهم عليها وزارة التربية التركية منذ بداية تطبيق برنامج دمج الطلاب السوريين في التعليم الوطني التركي (PICTES) منذ نحو 3 سنوات.
مصدر الرسالة وماهيتها
فريق من المعلمين ممن تداولوا نص (الرسالة) قالوا إنها إبلاغ بانتهاء العقد بين المعلمين في المدارس التركية ومنظمة اليونيسيف (الجهة المانحة لـ بدل التطوّع الشهري للمعلمين السوريين في تركيا)، وبالتالي فإن مبلغ الدعم الممنوح لقاء جائحة كورونا (2000 ليرة) هو بمثابة تعويض أخير للمعلمين فضلاً عن منحة شهر حزيران (بدل التطوّع/ الراتب) التي ستُصرف خلال هذا الشهر، بحيث تكون آخر المدفوعات من المنظمة.
وبحسب ترجمة نصّ الرسالة المتداولة، يتّضح أنها مقتبسة من رسائل داخلية بين مديري بعض المدارس أو المديريات الفرعية داخل الولايات التركية، ثم جرى تناقلها عبر منصات التواصل وغرف الـ (واتساب)، كما لم يتم التأكّد من وجود أي رسالة نصّية رسمية (مسج) على الهواتف المحمولة، أو (إيميلات) عبر البريد الإلكتروني.
ترجمة غير دقيقة
المدرّس (حسام العلي) يقول لـ موقع تلفزيون سوريا إن الرسالة عبارة عن "تبليغ للمعلمين بعطلتهم الصيفية التي تبدأ اعتباراً من الـ2 من هذا الشهر، ولا دخل لها بعقود المعلمين أو انتهاء عملهم". وأضاف: "بعض المعلمين ربطوا بين الجزء المتعلّق بدعم جائحة كورونا (الـ2000 ليرة تركية) وبين المنحة الشهرية (2020 ليرة) وكلاهما من اليونيسيف، ثم ترجموا العبارة بصورة مغايرة لما تضمنته الرسالة المسرّبة" على حد وصفه.
أما المدرّس (ياسر) أحد المدرسين السوريين المتطوعين في مدرسة بمدينة إسطنبول، فيتساءل: "لو كانوا سيفصلوننا فعلاً، فلماذا أرسل لنا المدير برنامج الدوام الصيفي، مع تشديده (المدير) على التزامنا بالدوام؟".
وأفاد ياسر في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا، بأن جميع زملائه من المعلّمين المتطوعين في إسطنبول، وكذلك في العديد من الولايات التركية الأخرى، تقاضوا مبلغ دعم جائحة كوفيد- 19 المقدّم من اليونيسيف عبر بطاقاتهم البنكية الصادرة من مؤسسة (PTT) من دون أن تردهم تلك الرسائل أو يتم إبلاغهم بقبض مبلغ الدعم، وإنما علموا بإيداع الـ 2000 ليرة عبر منشورات زملائهم وصور الرسالة المتداولة.
مسؤول في التربية يؤكد توقّف دوام المعلمين
من جهة أخرى، تناقل المعلمون عبر غرف (واتساب) خاصة، تسجيلاً للمعلّم والناشط التربوي "طه الغازي" ذكر فيه أنه "تمّ التواصل مع مسؤول مديرية (تعليم مدى الحياة) في التربية التركية الفرعية بإسطنبول، الأستاذ جلال الدين، الذي أكّد توقّف المعلمين السوريين عن الدوام إلى مدارسهم بدءاً من الثاني من الشهر الجاري، وهم غير ملزمين بالدوام. ولكنه لم يتطرق إلى أي قرار بخصوص انتهاء العقود أو استمرارها مع المعلمين السوريين المتطوعين، قائلاً بأن مستقبلهم غير واضح حتى اللحظة".
وأضاف الغازي بحسب التسجيل المتداول، أنه "ربما سيتم توقيع مشروع جديد بخصوص المعلمين السوريين، سواء مع اليونيسيف أو غيرها خلال الشهور القليلة المقبلة، وحتى ذلك الحين لا يوجد أي شيء واضح بهذا الخصوص".
بينما يرجّح معلمون آخرون أن يتم وضع مشروع جديد، تفصل فيه التربية التركية بالتعاون مع اليونيسيف أو الاتحاد الأوروبي، الجامعيين وطلاب الدراسات العليا الحاصلين على شهادة إتقان اللغة التركية مستوى (A2 أو B1)، عن المعلمين من حملة شهادة المعهد المتوسط فما دون؛ من ناحية المدارس وطبيعة العمل والأجور والميزات الممنوحة لكل من الطرفين.
مشروع "دمج اللاجئين الأطفال السوريين/ PICTES"
في عام 2016، أطلقت وزارة التربية والتعليم التركية، بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأوروبي، مشروع "دمج اللاجئين الأطفال السوريين/ PICTES" أو (PIKTES باللفظ التركي) في نظامها التعليمي، ويتم تغطية كامل ميزانية المشروع من قبل الاتحاد الأوروبي في إطار "برنامج الدعم المالي لأجل اللاجئين في تركيا" عبر نظام الهبة المباشرة.
شاهد: مشروع استدراك عام دراسي لتأهيل الطلاب المتسربين
ويغطي المشروع 26 ولاية تركية، تمثل الولايات التي ينتشر فيها القسم الأكبر من اللاجئين السوريين. وسيبقى المشروع مستمراً حتى كانون الأول من عام 2021، بحسب تأكيد الموقع الرسمي للمشروع.
قبل ذلك، كان المعلمون السوريون يشرفون على تعليم الطلاب السوريين المنهاج التعليمي السوري المعدّل، في "المراكز السورية المؤقتة" التي كانت تنتشر داخل المخيمات منذ نهاية العام 2011 ثم راحت تتبع لبعض منظمات "الإغاثة" والجمعيات الأهلية داخل بعض المدن والولايات التركية منذ عام 2012.
المعلم السوري من نصيب "اليونيسيف"
بعد الانتهاء من خطة دمج الطلاب السوريين في المدارس التركية، خلال الأعوام ما بين 2016- 2020، بالتزامن مع ذلك، جرى توزيع المعلمين السوريين تباعاً على المدارس التركية أيضاً.
وبلغ عدد المعلمين السوريين الموزعين على المدارس التركية بعد إغلاق المراكز المؤقتة وإتمام الدمج 12 ألفاً و352 معلماً. ما يقرب من ثلثهم تم توزيعهم على مدارس "إمام وخطيب" لتدريس مبادئ اللغة العربية للطلبة الأتراك مع الطلبة السوريين الذين تم دمجهم. أما بقية المدرسين فقد تم توزيعهم على مختلف المدارس التركية الأخرى بصفة "مشرفين وموجهين ومترجمين ومكتبيين ومناوبين"، نظراً لعدم وجود شواغر تدريسية يعملون بها داخل المدارس.