صعد وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد ضد الولايات المتحدة الأميركية، وطالبها من العاصمة الإيرانية طهران بالانسحاب من الأراضي السورية.
وقال المقداد خلال مؤتمر صحفي له مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم أمس: "من الأفضل للجيش الأميركي الانسحاب من سوريا، قبل أن يُجبر على ذلك"، وأضاف: "هناك مئات الطرق التي تعلمها السوريون منذ بداية تاريخ الأمة لقهر المعتدي".
تصريحات المقداد أتت بعد يوم واحد عن إبداء الرئيس الروسي بوتين استعداد بلاده لأي سيناريو في سوريا، رغم عدم رغبتها بالصدام العسكري مع الولايات المتحدة، وذلك في معرضه رده على أسئلة صحفية حول "الاستفزازات الأميركية" في سوريا.
تصعيد ميداني
شهد شهر تموز/ يوليو المنصرم تصعيداً ميدانياً روسياً ضد الطائرات الأميركية في سوريا، إذ قامت طائرات حربية روسية باعتراض طائرات استطلاع أميركية فوق الأجواء السورية أربع مرات، وفي إحداها قامت الطائرة الروسية بإلقاء قنبلة ضوئية على مسيرة أميركية من طراز "ريبر – إم كيو 9" في 23 من تموز/ يوليو.
وأفاد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا أن النظام السوري وممثلين عن الحرس الثوري الإيراني وقاعدة حميميم الروسية، عقدوا اجتماعاً مشتركاً نهاية الشهر الماضي من أجل مناقشة التهديدات التي تشكلها القوات الأميركية على الأراضي السورية ومصالح طهران وموسكو، خاصة استقدام أسلحة أميركية جديدة إلى قواعدها العسكرية شمال شرقي سوريا، وإجراءها محادثات مع بعض الجهات السورية من أجل تحرك عسكري محتمل ضد النفوذ الإيراني في المنطقة.
وبحسب المصدر فإن إيران كثفت نشاطها خلال الآونة الأخيرة لاستكمال تأسيس مقاومة شعبية من أبناء العشائر في شمال شرقي سوريا، يتم توظيفها في الضغط على القوات الأميركية بهدف دفعها للانسحاب من سوريا.
وفي منتصف شهر تموز/ يوليو الفائت أرسل النظام السوري تعزيزات عسكرية من ريف دمشق باتجاه منطقة الميادين في ريف دير الزور، بالتوازي مع إطلاق قوات التحالف الدولي في محافظة الحسكة لتدريبات عسكرية، كما قامت الميليشيات الإيرانية المنتشرة في منطقة البوكمال بعملية إعادة توزيع وانتشار لقواتها، مع إنشاء تحصينات جديدة.
نشاط أميركا مقلق
رجح مصدر أمني رفيع لموقع تلفزيون سوريا أن يكون قلق النظام السوري وداعميه من القوات الأميركية المنتشرة على الأراضي السورية سببه التوجس من النشاط الأميركي المريب بالنسبة لدمشق وطهران بالدرجة الأولى.
وأكد المصدر أن قوات التحالف الدولي أجرت مناقشات قبل مدة مع قوات الصناديد من أجل تنفيذ عملية عسكرية على الحدود السورية العراقية تستهدف الميليشيات الإيرانية، كما أنها قدمت عرضاً لقائد لواء ثوار الرقة السابق (أبو عيسى الطبقة) من أجل توفير دعم له مقابل مشاركته في جهود تقليص النفوذ الإيراني.
وأشار المصدر المطلع إلى أن التوجهات الأميركية الأخيرة للاعتماد على قوات عشائرية عربية لمواجهة النفوذ الإيرانية، أتت بعد القناعة التامة بعدم إمكانية دخول قوات قسد في مثل هذه المواجهات، نظراً لكون الأخيرة تمتلك حسابات خاصة حيال التعامل مع النظام السوري وداعميه، وتتجنب إغضابهم من أجل الحفاظ على خيار المناورة في حال تعرضت لضغوطات أميركية لإعادة انتشارها استجابة لتفاهمات واشنطن وأنقرة المحتملة حول شمال شرقي سوريا.
وأفاد المصدر أن قوات التحالف الدولي منفتحة على خيار الاستفادة من جهود فصائل المعارضة السورية المنحدرة من محافظة دير الزور، المنتشرة بين ريفي حلب والرقة، لطالما أن الأمر متعلق بمواجهة الميليشيات الإيرانية، إذ تتخوف واشنطن من احتمالية اتجاه تلك الميليشيات بالفعل إلى التصعيد ضد القواعد الأميركية في المنطقة، بهدف إجبار القوات المتمركزة فيها على إعادة انتشارها.
وعلى الرغم من نذر التصعيد بين واشنطن والنظام السوري ومن خلفه إيران وروسيا، يبقى الجزم بحصول مواجهات بين الطرفين وإن كانت بشكل غير مباشر أمراً صعباً، حيث تبقى فرص التفاهم بين واشنطن وطهران على وجه التحديد متاحة، خاصة أنهما يجريان من حين لآخر مباحثات بوساطة عمانية من أجل نقاش إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي، وفي حال تم التوافق فمن غير المحتمل الاتجاه إلى التصعيد في سوريا.