في النسخة المعدلة الجديدة من رواية توم كلانسي التي تحمل عنوان: "بلا ندم"، يظهر مايكل جوردان كجندي عمليات خاصة في البحرية الأميركية وقد أوشك على التخلي عن الحياة العسكرية مقابل العمل مع شركة أمنية خاصة وذلك بعد مقتل زوجته الحامل (التي تمثل دورها لورين لوندون) في بيتهما بالعاصمة واشنطن.
كان ذلك جزءاً من كمين محسوب بدقة، حيث عمد القتلة لملاحقة الرجال في القطعة العسكرية بسبب ما وقع في حلب من أحداث مؤسفة عندما هاجم الأميركيون الجيش الروسي بدلاً من قوات النظام السوري، فقد كانوا ينفذون الأوامر دون أن يدركوا القصة الكاملة، ولهذا سرعان ما بدأ الروس بالانتقام من الولايات المتحدة.
وهنا تتحول شخصية جون كيلي التي يمثلها جوردان إلى هدف لهم، غير أنه بالصدفة كان يجلس على الأريكة وهو يضع سماعات كاتمة للضجيج في أذنيه، ولم يكن في سريره عندما اقتحموا منزله.
إنه لمن المحبط أن تتشابه أفلام من هذا النوع مما يولد حالة انعدام تعاطف مؤكدة مع ذلك الحدث المثير. ثم إن الزوجة التي قتلت وهي حامل تحولت إلى نقطة انطلاق، غير أن السيناريو الذي كتبه تايلور شيريدان وويل ستيبيلز لم نستفد منه نحن ولا هم بشيء. إذ لم يكن هنالك زوجان أكثر تقارباً من بعضهما كما كان الزوجان في أسرة كيلي. ومن المشاهد القليلة الرائعة التي تجمعهما سوية ثمة مشهد نراهما فيه وهما يسترجعان الذكريات التي أثارتها صورة لحفلة موسيقية وضعت ضمن إطار في غرفة الطعام. وبعد فترة قصيرة، تقتل الزوجة وعندها تبدأ قصة جون والفيلم معاً.
وفي ذلك شيء من العدالة أيضاً، لأنه لا يمكن لأحد أن يشاهد فيلماً بلا ندم ليتابع قصة زوج مع زوجته، بل إننا نستشعر تلك الفرصة الضائعة عندما نشاهد جوردان يتوقع قدوم ابنه لهذا العالم بكل التفاصيل المتعلقة بذلك، بدلاً من تحوله إلى شخص تتطور الأمور على يده بشكل سريع عبر دلالات محملة بمعان كثيرة تصل بنا إلى دافع محدد وراء ما يجري.
نبشركم بأن فيلم بلا ندم عظيم جداً من حيث الأحداث التي يزخر بها هذا الفيلم، وذلك لأن المخرج ستيفانو سوليما، الذي أخرج مسلسل سيكاريو الذي ألفه شيريدان، يبقي محرك الأحداث في تقدم، ويعنى بدقائق الأمور وتفاصيلها التي تبدو ديناميكية ومميزة منذ بداية الفيلم. وعلى الرغم من أن جون كيلي قد لا يكون الشخصية الأكثر تنوعاً على الورق، إلا أنه من المستحيل غض الطرف عنه ولو لثوان، فهل يعود السبب في ذلك إلى قوة جاذبية بطل الفيلم؟ لقد أدى جوردان أفضل مشاهده أمام جودي تيرنر-سميث التي لعبت دور الرائد كارين غرير حيث بدت صلبة ومرعبة دون أن تقلد غيرها بشكل ممجوج وتثير فينا الرغبة لمعرفة طريقة تقسيم الأدوار وكيف وصلت هي إلى هذا المنصب.
اقرأ أيضاً: "أطفال العدو" فيلم عن تشيلي حاول إعادة أحفاده من مخيم الهول
يذكر أن رواية كلانسي نشرت في عام 1993 وقد سمع كل من بهوليوود بها منذ أن ركنت على الرف ثم وصلت إلى يد كيناو ريفيز وبعده إلى يد توم هاردي وكل من قلبوا هذا المشروع من جوانبه خلال العقدين الماضيين. ولكن إلى جانب الأسماء التي استخدمت في الفيلم، يبدو الكتاب لا يشبه الفيلم في شيء. إذ بدلاً من أن تدور الأحداث خلال حرب فيتنام، حوّل سوليما والكاتبان الرواية إلى عمل معاصر، وذلك مع اشتداد التوتر بين روسيا والولايات المتحدة. ويشارك في البطولة أيضاً جامي بيل الذي يظهر في الفيلم كشخصية تفتقد روح الدعابة، وروبرت ريتر في دور الضابط المريب من وكالة الاستخبارات المركزية الذي كان السبب وراء نكبة حلب. في حين يضيف الممثل غاي بيرس بعض الجاذبية في ظهوره بدور وزير الدفاع الأميركي. وبوجود هذا الشكل المميز والممثلين الرائعين، لن يستغرب أحد إن علم بأن هذا الفيلم كان سيعرض في دور السينما لصالح شركة باراماونت قبل تفشي الجائحة.
وبالرغم من تحوير وتغيير الأحداث في بعض المواضع، ووقوع بعض الأحداث غير المتوقعة، إلا أن فيلم بلا ندم يعرض ما يتوقعه الجمهور بالضبط في الكثير من جوانبه. كما أنه لا يقدم أي شيء يتصل بالدبلوماسية على مستوى العالم أو الجيش الأميركي، بل إنه يقدم نفسه بطريقة غاية في الجدية، وهذا ما نجده مع الظهور الآسر لبريت غيلمان في لحظة فارقة.
وبناء على هذا الفيلم سيتم إعداد مسلسل كامل من المرجح أن يلعب فيه جوردان دور جون كيلي نفسه (وقد سبق له أن لعب دور جون كلارك في مسلسلRainbow Six )، وإلى أن يتم ذلك يمكن أن يضيف المخرج أموراً أخرى على تلك الشخصية، وحتى إن فعل ذلك، سيظل جوردان العنصر المحفز الذي كان عمل كلانسي بحاجة إليه.
المصدر: أسوشيتد برس