تعيش أسواق العاصمة دمشق حالة من التخبط والذعر بسبب استمرار انهيار سعر الليرة أمام الدولار الأميركي، بالتزامن مع صدور قرار من مصرف سوريا المركزي رفع فيه سعر صرف الدولار الجمركي بنسبة 62.5%، ما دفع بعض الباعة إلى التوقف عن بيع بعض السلع، في حين قام آخرون برفع أسعار بضائعهم خلال يومين فقط بين 1000 – 5000 ليرة سورية.
جولة على الأسعار
وفي جولة للموقع على بعض محال المفرق، ارتفع سعر كيلو القهوة هال وسط نحو 5000 ليرة دفعة واحدة، وارتفع سعر كيلو الشاي حتى وصل إلى 92 ألف ليرة بعدما كان نحو 87 ألف ليرة، وارتفع سعر كيلو السمنة النباتية من 17,500 إلى 20 ألف ليرة، وليتر الزيت النباتي من 16000 إلى 17000 - 17500 ليرة.
كيلو الرز المصري ارتفع من 8500 ليرة إلى 9500 ليرة، والإسباني ارتفع إلى 17 ألف ليرة، والسكر وصل إلى 8700 - 9000 ليرة، في وقت استمر فيه توقف توزيع الدخان الأجنبي المستورد من الموردين، بينما رفع الباعة الذين يخزنون بعض الكميات أسعارهم 1000 ليرة لكل صنف خلال 48 ساعة فقط بعد أن رفعوه سابقاً نحو 1500 ليرة خلال الأسبوعين الماضيين.
خبراء يؤكدون التأثير السلبي
ورغم أن السلع التي تأثرت هي سلع مستوردة، إلا أن الباعة يؤكدون للموقع لحاق باقي السلع والمنتجات بركب ارتفاع الأسعار قريباً عند استقرار سعر الصرف في السوق الموازي، لأن التضخم يكون بشكل متواز لجميع السلع والمنتجات خاصةً وأن السلع المتأثرة هي سلع غذائية مهمة.
وأشار تجار، إلى أن الأسعار قد ترتفع أكثر في الأشهر القادمة بعد دخول بضائع مستوردة جديدة وفق الرسوم الجمركية الجديدة، وما يجري الآن من رفع أسعار ليس سوى تقديرات قد تكون غير صائبة.
واعتبر الخبير الاقتصادي علي محمد، في تصريح لموقع "صاحبة الجلالة" أن تعديل سعر الصرف للدولار الجمركي يعني ارتفاعاً في قيمة الرسوم الجمركية التي تُدفع على المستوردات بنحو 62%، ما قد يعني ارتفاعاً في أسعار السلع المستوردة بالسوق المحلية، لكون المستورد سيرفع قيمة بضائعه لتغطية الارتفاع الحاصل في قيمة الرسوم الجمركية.
الدكتور في كلية الاقتصاد أيمن ديوب قال لـ"صحيفة الوطن"، إن تعديل نشرة الدولار الجمركي يمثل حلقة تضخم جديدة في دورة الاقتصاد السوري مؤكداً أن لها أثراً مباشراً على الأسعار لأن كلف المستوردات ارتفعت، وبالتالي ارتفعت معها أسعار المواد والسلع المستوردة في السوق المحلية.
التجار في دمشق يحتاطون
ولوحظ في جولة الموقع أن التجار يحولون ما يجنونه يومياً إلى دولار بشكل متسارع دون قيامهم بشراء طلبيات جديدة، خوفاً من الانهيار المتسارع لليرة ما أسهم برفع سعر الدولار أكثر ورفع أسعار البضائع أيضاً، وباتت المقولة الأكثر انتشاراً (لا تشتغل شي حتى يثبت).
بينما قام تجار آخرون بضرب أسعار بضائعهم على سعر أن الدولار بـ10 آلاف مثل باعة الأدوات المنزلية المستوردة أو التي تعتمد بشكل أساسي على القطع المستوردة، مثل المكيفات والغسالات والبرادات غيرها، علماً أن سعر الدولار الجمركي تحدد بـ6500 ليرة، لكنهم يؤكدون أن سعر الصرف المتهاوي بالسوق السوداء أهم لأنه الأساس في تسعير بضائعهم التي يضاف عليها لاحقاً تكاليف الرسوم الجمركية.
وعلى نحو آخر، أغلق تجار محالهم وخاصةً في سوق الكهرباء بدمشق، أو توقفوا نهائياً عن البيع وكدسوا بضائعهم بالمستودعات رغم فتحهم لمحالهم خوفاً من أي ملاحقة أو مساءلة، محاولين الحفاظ على قيمة بضائعهم وبيعها وفق السعر الذي سيستقر عليه سعر الصرف.
قطاع الأدوية في سوريا يشهد أزمة جديدة
وخلال اليومين الماضيين أيضاً، شهد قطاع الأدوية أزمة جديدة حيث فقدت أصناف كثيرة مثل المضادات الحيوية والضغط وأدوية أخرى، حيث أكد عدد من الموزعين أن المعامل توقفت عن ضخ العديد من الأصناف للموزعين والمستودعات بسبب ارتفاع سعر الدولار الجمركي والسوق السوداء بانتظار تسعيرة جديدة.
وأكد عضو مجلس نقابة الصيادلة محمد نبيل القصير مؤخراً، بدء المطالبات من عدة معامل بتعديل أسعار الأدوية لتتناسب مع سعر صرف الدولار الجمركي وإلا ستكون هناك أزمة في قطاع الدواء، لافتاً إلى أنه بدأ حالياً حدوث نقص في بعض الأمور.
وأشار القصير إلى أنه خلال شهر سوف يظهر النقص بشكل واضح في حال لم يكن هناك تحرك لتعديل الأسعار وفق سعر الصرف الرسمي الجديد.
وطالب القصير بضرورة إيجاد حلول سريعة باعتبار أن كلفة استيراد المواد الأولية الداخلة في إنتاج الأدوية أصبحت مكلفة وخصوصاً مع صدور نشرة سعر صرف الدولار الجمركي.
ماهو الدولار الجمركي؟
قام مصرف سوريا المركزي بخطوة مفاجئة يوم الثلاثاء الماضي، بتعديل سعر الدولار الجمركي، ضمن نشرته الخاصة بالجمارك والطيران، ليصبح 6500 ليرة بدلاً من 4 آلاف ليرة بمعدل زيادة 62.5%.
والدولار الجمركي، هو سعر الدولار الذي يدفع به المستورد المبالغ المالية بالعملة المحلية مقابل الإفراج عن البضاعة المستوردة والمحجوزة في المنافذ الجمركية.
بالتفصيل، عندما يقوم أي مستورد بطلب شحنة بضائع من دولة ما إلى بلده، وتصل تلك البضائع إلى المنافذ الجمركية كالموانئ مثلاً، يترتب عليه رسوم يجب دفعها لمصلحة الجمارك في بلده كيف يسمحوا له بإدخالها، وتختلف هذه الرسوم من دولة لأخرى ومن سلعة لأخرى.
المبلغ المالي الذي يتوجب على المستورد دفعه لمصلحة الجمارك، يسمى رسوماًَ جمركيةً ويتم تقديرها بالدولار وفق سعر صرف تعتمده البنوك المركزية.
والدولار الجمركي يسهم في تحديد أسعار السلع المستوردة ويحد أو يشجع من استيراد مواد دون أخرى ومن دول دون غيرها، لذلك تقوم الدول التي تشجع على تبادل المستوردات بين بعضها البعض بإلغاء الرسوم الجمركية أو تخفيضها لتسهيل انسياب البضائع بينها والحد من الاستيراد من مصادر أخرى مثل الحال بين إيران وسوريا.