icon
التغطية الحية

مؤتمر روسي لتعميق النفوذ في إفريقيا وسط أزمات إنسانية متفاقمة

2024.11.04 | 17:26 دمشق

0da6dc86.jpg
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

تستعد روسيا لاستضافة الاجتماع الوزاري الأول لمنتدى الشراكة الروسية-الإفريقية، المقرر عقده في 9-10 تشرين الثاني الحالي في منطقة "سيريوس" بإقليم كراسنودار.

ويهدف المؤتمر، وفقاً للمنظمين، إلى تعزيز التعاون الشامل بين روسيا والدول الإفريقية في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة، الأمن، الاقتصاد، والثقافة. لكن خلف هذه الشعارات الدبلوماسية الرنانة، يبدو أن موسكو تسعى لتحقيق أهداف أعمق تتجاوز التعاون التقليدي، حيث تتجه نحو توسيع نفوذها في القارة الإفريقية وتثبيت مكانتها كلاعب رئيسي، وإن كان على حساب الاستقرار والأمن الإقليمي.

التوجه الروسي نحو إفريقيا

تتزايد مؤشرات الاهتمام الروسي بإفريقيا في ظل تقليص القوى الغربية – الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا – اهتمامها بهذه المنطقة. وقد وجدت موسكو في القارة السمراء فرصة لسد الفجوة وتعزيز حضورها، خاصة بعد تعرضها للعقوبات الغربية التي عزلتها عن الأسواق الأوروبية. ومع تمتع روسيا بخبرة تاريخية في دعم دول إفريقية إبان الحقبة السوفيتية، فإنها تسعى الآن لاستعادة دورها القديم من خلال أدوات جديدة وأساليب أثارت قلق العديد من المراقبين.

تلعب روسيا دورًا متزايدًا في النزاعات الإفريقية من خلال تقديم الدعم العسكري والتقني لبعض الدول مثل ليبيا، والسودان، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وغيرها. وتعمل الشركات العسكرية الخاصة مثل مجموعة "فاغنر" كذراع عسكري غير رسمي، حيث تقدم تدريباً للجيوش الوطنية وتحمي المنشآت الحساسة وتؤمن كبار المسؤولين. بيد أن هذا الدعم يترافق مع اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد المدنيين، مما يساهم في تأجيج الأزمات الإنسانية وتعقيد المشهد الأمني في القارة.

التحالفات مع الأنظمة الاستبدادية

تعمل روسيا على بناء تحالفات استراتيجية مع قادة أفارقة استبداديين عبر تقديم الدعم العسكري والسياسي لهم، مما يعزز من قبضتهم على السلطة ويؤدي إلى قمع المعارضة وتراجع الديمقراطية. ورغم أن روسيا تُروِّج لدورها كقوة داعمة للاستقرار، فإن دعمها للأنظمة السلطوية يزيد من حالة عدم الاستقرار الداخلي ويجعل الديمقراطية بعيدة المنال في العديد من الدول الإفريقية.

تحرص روسيا على بسط سيطرتها على الموارد الطبيعية الغنية في إفريقيا، مثل الذهب، واليورانيوم، والماس، لما لهذه الثروات من أهمية استراتيجية بالنسبة لموسكو. ومن خلال التعاون مع الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، تتمكن موسكو من استغلال هذه الموارد بأسعار تنافسية، مما يعزز من اعتماد تلك الدول على النفوذ الروسي ويزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها.

التلاعب بالأزمة الغذائية في إفريقيا

لعبت روسيا دوراً محورياً في تفاقم أزمة الغذاء في إفريقيا، خاصة بعد انسحابها من "اتفاقية الحبوب" في يوليو 2023، مما أدى إلى نقص في إمدادات الحبوب وارتفاع أسعارها. على الرغم من محاولة روسيا تقديم نفسها كجهة مانحة تقدم شحنات من القمح والمساعدات الغذائية، إلا أن هذه الخطوات تبدو رمزية أكثر من كونها حلاً حقيقياً للأزمة، مما يعكس حرصها على استغلال معاناة الشعوب الإفريقية لأغراض دعائية.

تستغل موسكو مشاعر السخط تجاه القوى الاستعمارية السابقة عبر حملات دعائية مركزة تهدف إلى إلقاء اللوم على الغرب فيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها إفريقيا. ورغم ذلك، فإن هذه الحملات غالباً ما تزيد من حدة الانقسامات الداخلية وتعزز من التوترات بين الفئات المختلفة في المجتمعات الإفريقية، مما يسهم في خلق بيئة من عدم الاستقرار المستمر.

مع تصاعد النفوذ الروسي في إفريقيا، تبدو القارة أمام مرحلة جديدة من الصراع الجيوسياسي بين الشرق والغرب، حيث تعمل موسكو على استغلال الثروات الطبيعية واحتياجات الدول الإفريقية لتحقيق مصالحها على حساب استقرار المنطقة وأمن شعوبها. وبينما تسعى روسيا لتثبيت نفوذها في مواجهة القوى الغربية، فإن ذلك يأتي على حساب تطلعات الشعوب الإفريقية نحو مستقبل آمن ومستقر، مما يجعل دور موسكو في إفريقيا محفوفاً بالمخاطر والتهديدات التي قد تؤدي إلى مزيد من الأزمات الإنسانية والسياسية.