ينظم الاتحاد الأوروبي في بروكسل غداً الدورة الثامنة من مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سوريا والمنطقة بعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عاماً على بدء الثورة السورية.
يواصل الاتحاد الأوروبي تعزيز التزامه تجاه الشعب السوري، ويسعى هذا العام لتكثيف الجهود للاستماع إلى الأصوات السورية من الداخل والمنطقة والشتات، حيث تؤكد الأوضاع الصعبة في المنطقة على الحاجة الماسة لحل سلمي دائم يتوافق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
على الرغم من التزام الدول المانحة بتمكين المجتمع المدني السوري وإشراكه في العملية السياسية، غالباً ما يكون الإشراك والدعم المقدم ضمن نهج هرمي لا يعزز القدرات الذاتية لمكونات المجتمع المدني، بل قد يؤدي عن غير قصد إلى تفتيته.
وهناك حاجة ماسة لإعادة توضيح مصطلح المجتمع المدني السوري والذي يضم نقابات واتحادات وروابط وحتى تيارات وكتلاً سياسية وغيرها، وإجراء تقييم شامل لآليات الدعم الحالية وتطوير نهج يحترم التنوع الكبير داخل المجتمع المدني السوري. هذا النهج يجب أن يضع الأساس لشراكة متجددة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تضمن إشراك جميع الأطراف.
يتضمن المؤتمر يوماً للحوار يجمع المجتمع المدني السوري في مقر البرلمان الأوروبي بتاريخ 30 أبريل/نيسان الجاري؛ وجزءًا وزاريًا في 27 مايو بمقر مجلس الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى فعاليات جانبية وبرنامج ثقافي.
المؤتمر، الذي يشهد مشاركة نحو 800 فرد، يعتبر فرصة قيمة لتعميق الحوار مع المجتمع المدني السوري والجهات الفاعلة الرئيسية، مؤكدًا دعم المجتمع الدولي للشعب السوري وجهود الأمم المتحدة لتحقيق حل متفاوض عليه، وفقًا لقرار مجلس الأمن.
يهدف المؤتمر أيضًا إلى تعبئة الدعم المالي الضروري لتخفيف الحاجات الملحة للسوريين ومجتمعاتهم المضيفة في الأردن، لبنان، تركيا، مصر، والعراق.
وسيواصل الاتحاد الأوروبي استخدام كل الأدوات المتاحة لدعم حل سياسي متفاوض عليه وخلق ظروف أفضل لمستقبل السوريين.
التطورات والتحديات
تبرز عدة تحديات كبيرة تؤثر على مستقبل سوريا والمنطقة، مما يستدعي جهودًا متجددة لمواجهة هذه التحديات بفعالية.
ومن بين هذه التحديات، يظهر النقاش حول تحويل المساعدات عبر النظام السوري كموضوع رئيسي، حيث يثار قلق بالغ حول الفساد وعدم الكفاءة في توزيع المساعدات بشكل عادل وشفاف، يبرز هنا التأكيد على أهمية تحقيق الشفافية ومكافحة الفساد قبل توجيه أي دعم عبر النظام السوري.
من الواضح أن هناك توجها عاما نحو تعزيز كفاءة الاستجابات الإنسانية من خلال التركيز على استراتيجيات التعافي المبكر والتي تشمل تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين في جميع مناطق سوريا.
كما يتم مناقشة العديد من الأسئلة حول كيفية تعزيز هذه الاستجابات في ظل التحديات المالية واللوجستية الكبرى.
إضافة إلى ذلك، يتوافق السوريون للضغط نحو إعادة تقييم وتعديل الآليات المستخدمة لنقل المساعدات، مع التأكيد على أهمية تأجيل أي تغييرات كبيرة في هذه الآليات حتى تتحقق حلول سياسية دائمة. وتشدد النقاشات على أهمية التركيز على الاحتياجات المحددة للمناطق المختلفة داخل سوريا، وتعزيز التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لضمان توزيع المساعدات بكفاءة وعدالة.
الورش التحضيرية بين السوريين تعكس أيضاً الحاجة الماسة لإشراك جميع مكونات المجتمع المدني السوري بشكل فعال ومنصف في العملية السياسية وفي توزيع المساعدات وتجاوز التعريفات الضيقة والنظر لهم كمجموعة متنوعة وشاملة، حيث نجد الآن منظمات غير ربحية حازت على ثقة المجتمع الدولي، في المقابل هناك مكونات أخرى من المجتمع المدني تصارع في بيئة غير صحية لتشكيل نظام اجتماعي ديمقراطي يُفترض سماع أصواتها ومعرفة أولوياته وهي جميع المؤسسات والجهات المدنية داخل سوريا وخارجها.
ويتطلب هذا الأمر تجاوز النهج الهرمي التقليدي والعمل نحو تمكين المجتمع المدني بشكل يحترم تنوعه ويعزز من قدرته وإشراكه في إطار العملية السياسية التي يقودها السوريون كما هو مفترض.
ومن أهم الفعاليات والجلسات في المؤتمر:
1. التنفيذ الفعال لقرار مجلس الأمن 2254:
تركز هذه الجلسة على الحالة الراهنة والخطوات المستقبلية لتنفيذ القرار، بمشاركة خبراء دوليين وممثلين من المجتمع المدني السوري.
2. تعزيز التغيير الملموس.. استثمار في القوى العاملة الصحية بسوريا:
ناقشت الجلسة الحاجة الملحة للاستثمار في قطاع الصحة وتطوير القوى العاملة الصحية لتحقيق التعافي المبكر والتنمية المستدامة.
3. التعليم في حالات الطوارئ.. الحواجز والفرص للوصول إلى التعليم:
تم التركيز على التحديات التي يواجهها الأطفال والشباب السوريون في الوصول إلى التعليم، وسُلط الضوء على العقبات والفرص المتاحة لتحسين هذا الوصول.
4. تعزيز استدامة الخدمات الأساسية وفرص الدخل للاجئين والمجتمعات المضيفة:
تطرقت هذه الجلسة إلى التحديات والاستراتيجيات المتعلقة بتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية وتعزيز الفرص الاقتصادية للاجئين والمجتمعات المحلية في تركيا، الأردن، ولبنان.
5. المساعدة الإنسانية الفعالة كمحرك لدعم الصمود والتعافي المبكر:
تناولت الجلسة الطرق الأكثر فاعلية للمساعدة الإنسانية وتعزيز الصمود في مواجهة الأزمة الممتدة، وتبادل الخبراء وجهات النظر حول تحسين استدامة النتائج الإنسانية.
6. العدالة والسلام والحق في معرفة الحقيقة: التعامل مع قضايا المفقودين والمعتقلين:
استعرضت هذه الجلسة الجهود الرامية إلى معالجة مشكلات المفقودين والمعتقلين في سوريا، مع التركيز على الحاجة إلى الوضوح والمساءلة لتحقيق المصالحة والسلام المستقبليين.
وبينما يتأهب العالم لمتابعة أعمال الدورة الثامنة من مؤتمر بروكسل، تتجلى أهمية هذه الفعالية كفرصة لتجديد الالتزامات الدولية نحو سوريا وشعبها.
ومع تأكيد المجتمع الدولي على دعمه المستمر، يأتي المؤتمر كمنصة لتوحيد الجهود الرامية إلى بناء مستقبل يسوده السلام والعدالة للسوريين.
ومن خلال جلسات الحوار والنقاش، يسعى المؤتمر إلى تسليط الضوء على القضايا الأساسية التي تواجه سوريا والمنطقة، وتعبئة الدعم المالي اللازم للتخفيف من المعاناة الإنسانية.
هذه اللحظة تمثل نقطة محورية للتأكيد على أهمية التعاون الدولي والعمل الجماعي، وتقدم فرصة للعالم لإعادة تأكيد تضامنه مع سوريا، وللسوريين أنفسهم للمشاركة بفاعلية في تقرير مستقبلهم.