نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية ملفاً مطولاً حول تمكّن عم رئيس النظام، رفعت الأسد، من مغادرة فرنسا والعودة إلى سوريا، بعد أن حُكم عليه بالسجن أربع سنوات بتهمة الاختلاس المالي، وذلك بتسهيل من الدولة الفرنسية، مشيرة إلى أن فرنسا استقبلت رفعت الأسد وحمته وكافأته منذ فترة طويلة.
وتحت عنوان "في عائلة الديكتاتوريين.. باريس تترك العم يفلت"، قالت الصحيفة الفرنسية إنه من الناحية الفنية، لم يهرب رفعت الأسد من فرنسا، ولم يقترن الحكم ضده بتهمة "غسل الأموال المنظم واختلاس الأموال العامة السورية"، الذي صدر في 9 من أيلول الماضي، بأمر قبض، لا سيما أنه استأنف على الفور لنقض الحكم، كما أن القضاء الفرنسي لا يبدو أنه حدد أدنى خطر بالفرار، وبالتالي لم يفرض أي مراجعة قضائية، ولا حتى طلب تسليم جواز سفره مع حظر مغادرة الأسد العم الأراضي الفرنسية.
وأضافت أن رفعت الأسد غادر فرنسا بشكل قانوني، مستقلاً رحلة تجارية من باريس إلى بيروت في الدرجة الاقتصادية، وقدّم جواز سفره السوري في المطار، فيما أكد محاميه، إيلي حاتم، أن الأسد ليس ضمن قائمة المطلوبين.
ENQUÊTE – 🔍 Comment Rifaat al-Assad a bénéficié de la mansuétude de la France pendant quarante ans
— Libération (@libe) November 24, 2021
Condamné début septembre à quatre ans de prison ferme pour biens mal acquis, l’oncle exilé de Bachar al-Assad est retourné en Syrie sans être inquiété ⤵️ https://t.co/Vov6YkWTZa
وأشار الملف إلى تورط رفعت الأسد بتجارة السلاح حول العالم، وخاصة زبائنه من الأنظمة الدموية، كما تحدث عن علاقته بالرئيس الفرنسي السابق، فرنسوا ميتيران، الذي كان يدعوه إلى رحلات الصيد الرئاسية، ووصل به الأمر أن منحه وساماً شرفياً.
وأكد الملف أن فرنسا تراخت طوال 37 سنة مع رفعت الأسد، كما تساهلت بعد إصدار الحكم عليه بالسجن لقاء خدمات استخبارتية قدمها لهذا البلد.
ونددت جمعية "شيربا"، التي قدمت شكوى في العام 2013 ضد رفعت الأسد، بمغادرته الأراضي الفرنسية دون عوائق، فيما اعتبرت منظمة "Trial" الدولية غير الحكومية، التي تقدمت بشكوى في سويسرا ضد رفعت الأسد لتورطه المزعوم في مذبحة حماة، أنه "من المدهش للغاية أن السلطات الفرنسية المختصة لم تتخذ أي إجراء لمنعه من المغادرة".
ووفق "ليبراسيون"، فإن "عودة الأسد إلى سوريا، من الناحية النظرية، لا تمنعه من أن يُحاكم يوما ما في سويسرا، حيث يخضع للتحقيق في جرائم حرب، لكن يمكن أن يشك بشدة في إمكانية تطبيق العقوبة التي يمكن تحديدها بعد ذلك بشكل ملموس". مشيرة إلى أن "الضحايا الذين قدموا الشكوى يشعرون بالغضب والصدمة لأنه تمكن من العودة إلى سوريا بهذه السهولة، على الرغم من الإجراءات المهمة الجارية والإدانة في فرنسا، كما تقول جنيفر تريسون من منظمة Trial".
وأكدت الصحيفة على أنه "بعد أن غضت الحكومات الفرنسية المختلفة الطرف، بشكل أو بآخر، عن التصرفات غير القانونية لرفعت الأسد مالياً وقانونياً، بات من المرجح اليوم ألا يعود عّم رئيس النظام إلى فرنسا أبدا، فهو الآن يعيش في دمشق، في أحد عقاراته في حي المزة الراقي قرب المطار".
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس النظام بشار الأسد "لم يلتق بعد بعمّه منذ عودته، على الأقل ليس علناً، حتى إنه كان سيمنعه من الذهاب إلى منطقة اللاذقية مهد الأسرة ومعقل النظام، لأنه ما يزال هناك عدم ثقة في المنافس السابق لوالده، الذي طالما كان لديه طموح لاستعادة السلطة لنفسه أو لأبنائه".
ونقلت الصحيفة عن فراس الأسد، المعارض لوالده وابن عمه، قوله إنه "لو سجن رفعت الأسد في فرنسا، فلن يأسف بشار لذلك، لكن في نظر مؤيديه، سيكون من المهانة أن نرى أكبر فرد في الأسرة محتجزا في سجن فرنسي".