تحدى طبيب الأسنان السوري، محمد العمار، كل الظروف الصعبة لشق "طريق جديد" له في هولندا، والعمل في مهنة جديدة بعد أن واجه صعوبات بإيجاد فرصة عمل في مجال الطب الذي يمتلك فيه خبرة لأكثر من 35 عاماً، بسبب صعوبة اللغة الهولندية ولرغبته الشخصية في تغيير مهنته وفتح مطعم ينقل عبره الثقافة السورية إلى بلاد الطواحين.
وقال "العمار"، الذي ينحدر من قرية نَمر من محافظة درعا، إنه غادر سوريا "في نهاية عام 2014 بسبب الخوف على حياتي كوني كنت ناشطاً معارضاً ضد نظام الأسد"، ويتابع: "كان من الصعب علي البقاء في سوريا بسبب مواقفي المعارضة".
ويضيف الطبيب السوري (64 عاماً) لموقع تلفزيون سوريا: "كنت ممنوعاً من الانتساب إلى حزب البعث رغم أني تقدمت مرتين للانتساب إليه اتقاء للشر، وتبين لي فيما بعد بأن سبب الرفض عائد إلى تشكيكي بما سمي بانتصار حرب تشرين، حيث قلت أثناء حضوري في إحدى محاضرات التوجيه السياسي بأن إسرائيل احتلت 38 قرية إضافة إلى الجولان فكيف نسمي هذا انتصارا؟.. وقد تم تسجيل ذلك في ملفي".
ويشير إلى أنه تعرض عدة مرات للاعتقال في بداية الثورة، "وفي الفترة الأخيرة قبل مغادرتي سوريا أحسست بأن علي المغادرة خوفاً على حياتي (..) كما طلب مني كثير من أصدقائي الخروج من البلد".
وكما معظم السوريين في تلك الفترة، سافر الطبيب السوري إلى تركيا ومنها بحراً إلى إيطاليا ثم وجد نفسه في هولندا، رغم أنه كان يفضل السفر إلى بريطانيا أو ألمانيا لإن فرصته هناك بالحصول على عمل في مجال الطب كانت أكبر.
وعن الصعوبات التي واجهته يقول العمار: "حين وصلت إلى هولندا كان عمري 59 عاماً وكان من الصعب علي تعلم اللغة والحصول على ترخيص للعمل كطبيب أسنان في هولندا".
ويضيف: "تم تقييم شهادتي في هولندا كشهادة جامعية لكن كان علي أن أجتاز بعض الامتحانات في اللغة الهولندية والحقيقة لم أستطع اجتيازها خصوصاً أن هذه الامتحانات تتطلب مهارة عالية في اللغة رغم أن مستوى لغتي جيد".
ورغم تلك الصعوبات، عمل العمار في عام 2017 ستة أشهر في عيادة أسنان في مدينة روتردام، ويشير إلى أن تلك الفترة كانت "تجريبية وتعليمية لمعرفة نظام عمل أطباء الأسنان في هولندا".
وأشار إلى أنه حصل في بداية عام 2018 على عقد عمل "ثابت" في عيادة طبيب أسنان، وتابع: "عملت كطبيب تحت الإشراف وليس كمساعد كما ذكرت صحيفة (ان دا بوورت) التي أجرت معي لقاء سابقاً"، مشيراً إلى أنه عمل "لأكثر من ثلاثة أعوام وكان علي أن أتوقف في شهر كانون الأول من عام 2020 لكن تم تمديد العقد إلى شهر شباط من عام 2021".
وبيّن أن "الأجر كان متدنيا والطبيب الذي عملت معه في العيادة أراد استغلالي عبر جذب المرضى السوريين ولم أتفق معه على عقد عمل يرضيني إضافة إلى أنه طلب مني ترخيص مزاولة المهنة بعد ثلاث سنوات من العمل الأمر الذي لا يمكنني الحصول عليه بسبب صعوبة اللغة".
إضافة إلى كل تلك الأسباب التي حالت دون استمراره بالعمل في مهنته، يقول الطبيب السوري: "لأكثر من 35 عاماً عملت كطبيب أسنان (..) قلت لنفسي علي التوقف عن العمل في هذه المهنة والبدء بمشروعي الخاص".
"فكرة فتح مطعم لم تكن جديدة (..) فأنا أحب الطبخ وزوجتي تحب صنع الحلويات ولديها خبرة واسعة بذلك كون عائلة زوجتي كانت تملك محل حلويات في دمشق"، بحسب ما يقول الطبيب السوري.
ويضيف العمار: "في فترة الحظر بسبب فيروس كورونا سمعت بأن هناك مطعما للبيع في مدينة دوردريخت بسعر مغرٍ جداً فجازفت وقمت بشرائه بعد أن كنت قد ادخرت بعض المال"، مشيراً إلى أنه في البداية كان أحد الجيران السوريين يعمل معه، لكنه لم يستمر لاحقاً.
يقدم المطعم السوري كل أنواع المعجنات والكبة إضافة إلى الفلافل والحمص والسلطات، كما يقدم الحلويات التي تصنعها زوجته، بحسب ما يقول العمار، الذي أشار إلى أنه "يريد نقل الثقافة السورية إلى بلاد الطواحين، وقد بدأت مأكولاتنا تلقى رواجاً لدى الهولنديين في المنطقة".
وأشار إلى أن أبرز الصعوبات التي تواجهه خلال عمله هي "الصعوبات المادية لإن إيجار المطعم مرتفع والضرائب أيضاً مرتفعة لكني أحصل من أصدقائي وإخوتي على دعم".
الطبيب السوري وجه نصيحة لأصحاب الشهادات العليا من السوريين بالتركيز على تعلم اللغة وإتقانها، وقال إن "اللغة هي مفتاح البلد".
"أما الذين يعانون في تعلم اللغة فعليهم إيجاد عمل وهناك كثير ممن استطاع شق طريقه وإيجاد فرصة عمل جيدة"، بحسب العمار.