لماذا يرفض الروس والإيرانيون الحديث عن مؤسسات النظام العسكرية؟

قد يظن البعض أن الروس أو حتى الإيرانيين يرفضون الحديث عن المؤسسات العسكرية للنظام وإصلاحها بسبب أنها مطالب قوى الثورة والمعارضة، أبداً هذا غير دقيق، ولكن تلك القوات التي تدخلت ووجدت فرصة للتموضع على الأراضي السورية بطلب من النظام لمساندته في حربه على شعبه، لا يمكن أن تسمح له بتقوية مؤسسته العسكرية فيصبح غير محتاج لهم أو يتغير الموقف منهم فيفقدوا بعض الامتيازات، ولكن بالنسبة لهم ينبغي لهذه القوة أن تبقى بحد محدد موجودة وتحت السيطرة، لاستمرار الحاجة إلى تلك القوى التي أصبحت مرهونة لها، وبدأت تلك القوى تستثمر كما تريد بالمؤسسات العسكرية السورية.

ولو سألنا سؤالاً ما هو وضع جيش النظام الآن؟

لا نسمع سوى بالعميد سهيل الحسن (وهو ضابط رياضة ونظام منضم بالمخابرات الجوية سابقاً) وهو رجل تابع للقوات الروسية وهو شكلي فقط لأخذ الصور بالمعارك مع حديث ينم عن جهل كبير في الحضيض وببدلة نظيفة وحذاء نظيف!

كذلك العميد غياث دلّة قائد اللواء ٤٠ فرقة رابعة وهو (خدمات ثابتة نسبة ٣٥٪ بالنظر) أصبح أكبر مخطط مع مجموعات تشبيحة!

أين ذهب جيش قوامه 3 فيالق وفيه 140 ألف ضابط ويعتبر من المؤسسات القوية في الشرق الأوسط، ولا نسمع للضباط أي ذكر سوى على صفحات الموتى والنعي بظروف غامضة!

وأكثر ما يفكر به قادة الكتائب والألوية اليوم هو السرقة والتي تصل إلى سرقة مخصصات الطعام للعناصر، فأي مؤسسة هذه!

وأصبح عناصر جيش النظام يهربون من الخدمة للالتحاق بالقوات الروسية من خلال عقود عمل فردية بدول شتى دون موقف من النظام، وذلك مقابل بعض الدولارات وبطاقة أمنية لحمايتهم من الملاحقة ولا يستطع النظام أن يعترض، وأحياناً يتطوعون مع الحرس الثوري وميليشيا القاطرجي، كون الرواتب والميزات أفضل...!

عدا أن التركيبة الطائفية للجيش من لون واحد ساهمت بتفككه داخلياً. وأكثر ما يفكر به قادة الكتائب والألوية اليوم هو السرقة والتي تصل إلى سرقة مخصصات الطعام للعناصر، فأي مؤسسة هذه!

مثال ذلك في الجنوب السوري لم يعد هناك اللواء 90 أو اللواء 61 أو اللواء 112 وإنما أصبحت عبارة عن نقاط مراقبة واستطلاع ومنصات صواريخ ومقرات للحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، وميليشيات مغنية، وقنطار.

وهذا كله لتمتلك إيران ورقة تفاوضية بأنها على الحدود الإسرائلية، بالنهاية جميع حلفاء النظام يعملون على ترسيخ وجودهم بقوة في سوريا، فمن يأخذ امتيازات وجنود لدول شتى ليقاتلوا لأهداف تتعلق بهم هم، والسيطرة على مناطق وقواعد عسكرية يستحدثونها كما يفعل الروس في القامشلي ويستخدمونها بمفاوضاتهم مع الناتو والأميركان ولقضايا تخص دولهم هم، فهل سيسمح هؤلاء بالحديث حول إصلاح المؤسسات العسكرية أو المساس بها.

هذه هي سياسة الاستبداد الذي يجلب الغزاة لبلده، ويتحول إلى بيدق بيدهم هو وكل المؤسسات التي تصبح مرهونة لتلك القوى

 هؤلاء أصلاً ليسوا بصدد التفكير بقرارات دولية وحلول سياسية، فالبوصلة لديهم هي مصلحتهم وأطماعهم في المنطقة، ولن يقدموها هكذا على طاولة الحل السياسي، وهم يجنون أكبر الفوائد بأقل الخسائر، فالحرب السورية رخيصة على الجميع إلا السوريين.

لم يبقَ للسوريين من سوريا سوى مبنى الهجرة والجوزات للحصول على جواز سفر لقبوله لاجئا في إحدى الدول...!

هذه هي سياسة الاستبداد الذي يجلب الغزاة لبلده، ويتحول إلى بيدق بيدهم هو وكل المؤسسات التي تصبح مرهونة لتلك القوى، وتستثمر من قبلهم لأهدافهم هم، ويبقى الحل السياسي بلا ضغوط دولية حالة مراوحة بالمكان، مالم تتهيأ له ظروفه الموضوعية.

وكل فترة تسمع أن الروس تأخذ دفعات من المتطوعين لدولة وأخرى، مع صمت للنظام وجماعته، وإيران تتوالى بإرسال الدفعات والدورات التدريبية إلى إيران، فيتحولون إلى أذرع لإيران، فلا أحد اليوم لديه مصلحة بموضوع الحديث عن المؤسسات العسكرية، وهم المستفيدون من هذه الحالة المرتهنة لهم، والنظام الذي نجا بنفسه من شعبه وقع بشراك معاونيه وحلفائه، ويوماً بعد يوم ستزداد حالة الارتهان والضعف وتتحول لحالة تآكل وتدمير ذاتي داخلي لا يلاحظه إلا عقلاء القوم وهم ندرة...!