لماذا سيكون دور النظام السوري محدوداً في الرد الإيراني على اغتيال هنية؟

2024.08.05 | 16:51 دمشق

2345
+A
حجم الخط
-A

تعد إيران العدة من أجل الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي تم استهدافه أواخر حزيران الفائت في عقر دار الإيرانيين، وفي بقعة جغرافية يفترض أنها تحت أنظار الاستخبارات، وذلك بعد يوم واحد من حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

في أعقاب الحادثة، طلب مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي اجتماعاً لجميع وكلاء إيران في المنطقة. واللافت أن تمثيل النظام السوري في الاجتماع كان منخفضاً، واقتصر على مسؤولي استخبارات من الصف الثاني، على عكس الحشد الشعبي، وجماعة الحوثي، وحزب الله اللبناني، الذين كانوا هم المعنيون بالدرجة الأولى من الاجتماع الذي يهدف إلى تنسيق الرد الإيراني على إسرائيل.

من المتوقع أن تقود إيران بذاتها عملية الرد على إسرائيل، بغض النظر عما إذا كانت ستنفذ عملية توازي اغتيال هنية، أو قصفاً عسكرياً متعدد الجبهات يشترك فيه بصفة أساسية حزب الله اللبناني وفصائل عراقية محددة، وبدرجة ثانية جماعة الحوثي، مع تنسيق أمني ربما من طرف النظام السوري. وما يدفع للاعتقاد باضطلاع النظام السوري بدور محدود في الرد الإيراني هو المحددات التالية:

نظرة إيران باتجاه وكلائها

 لا تنظر إيران إلى جميع وكلائها في المنطقة النظرة ذاتها، سواء من حيث الولاء، أو القدرات العسكرية والاستخباراتية التي تتيح لها تنفيذ عمليات معقدة. وبناء عليه يمكن القول إن حزب الله اللبناني هو الوكيل الأول لإيران نظراً لارتباطه الشديد بالمرشد الأعلى، وتراكم قدراته العسكرية التي عملت طهران على تطويرها طوال العقود الماضية بحكم موقع تمركزه الاستراتيجي قرب البحر المتوسط.

 لا تنظر إيران إلى جميع وكلائها في المنطقة النظرة ذاتها، سواء من حيث الولاء، أو القدرات العسكرية والاستخبارية

تأتي الفصائل الولائية العراقية (التي تعتبر المرشد الأعلى هو مرجعيتها) في مرتبة ثانية بعد حزب الله اللبناني، والحديث هنا عن كتائب حزب الله العراقي، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وكتائب الإمام علي. كما أن الساحة العراقية خاضعة للتأثير الإيراني بشكل كبير، على عكس الوضع في مواقع أخرى مثل سوريا واليمن.

مع ارتفاع وتيرة الضربات الإسرائيلية ضد قيادات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، دار نقاش طويل في الأوساط الإيرانية حول تواطؤ جهات أمنية لدى النظام السوري مع إسرائيل، خاصة وأن طهران ليست المتحكم الوحيد بمؤسسات النظام التي لا تزال تحتفظ ببنيتها التي أسست عليها رغم ضعفها، وتتأثر بالدور الروسي، ومؤخراً انفتحت على الدول الإقليمية التي طبعت علاقاتها مع النظام.

الدور الروسي في سوريا

تعتبر روسيا فاعلاً خارجياً مؤثراً على النظام السوري إلى درجة كبيرة، وقد استطاعت عبر ثقلها العسكري والسياسي توفير هامش كبير للنظام الذي كان يعاني من الاختناق والعزلة قبل التدخل الروسي المباشر في سوريا عام 2016، ويمكن القول إن روسيا أثرت في مسار تطبيع العديد من الدول العربية مع النظام، بالإضافة إلى محاولاتها المتكررة رعاية استعادة العلاقات بين تركيا والنظام، وقبل كل هذا حاولت إلزام النظام إلى حد كبير بالمصالح الإسرائيلية لتضمن عدم اعتراض الغرب على الدور الروسي في سوريا، وفي هذا السياق لا تعترض روسيا الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا.

نشطت روسيا دبلوماسياً منذ اندلاع حرب غزة لمنع امتداد الحرب إلى الساحة السورية، فاستعادت الاتصالات مع إسرائيل بعد مرحلة توتر أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية وموقف تل أبيب الداعم لكييف في مواجهة موسكو.

النظام السوري يخشى من جر الساحة السورية إلى حرب مفتوحة، وبالتالي خسارة المكاسب التي حققها في الفترة الماضية

ونشرت روسيا خلال الأشهر الماضية عدة نقاط مراقبة على الحدود مع هضبة الجولان، تحديدا في القنيطرة، وتدخلت من أجل إجراء الميليشيات المدعومة من إيران لعملية إعادة انتشار في بعض المواقع، كما أسهم الدوران الروسي والإماراتي بالحفاظ على حالة هدوء على الجبهات السورية طوال فترة الحرب في غزة، رغم المناوشات المحدودة.

لا يبدو أن النظام السوري في وارد الانخراط الكبير في عملية الرد الإيرانية رغم عدم استبعاد اشتراكه المحدود بتسهيل بعض الهجمات التي قد تنفذها فصائل عراقية من الأرضي السورية باتجاه أهداف أميركية للضغط على واشنطن من جبهات متعددة، وبما يخدم مصالح النظام الباحث عن مغادرة القوات الأميركية لشمال شرقي سوريا.

النظام السوري يخشى من جر الساحة السورية إلى حرب مفتوحة، وبالتالي خسارة المكاسب التي حققها في الفترة الماضية المتمثلة بانفتاح العديد من الدول عليه، وهو يطمح لتعزيز المكاسب من خلال تخفيف العقوبات عنه وخاصة من جانب الولايات المتحدة، وبالتالي استعادة توازنه بشكل كامل، كما أن إيران فيما يبدو متفهمة لمصالح النظام لأن تعويمه مجدداً سيحقق المصالح الإيرانية وإن كان بالحد الأدنى.