تفاصيل إضافية تتكشف حول عملية الإنزال الجوي الذي قامت به القوات الخاصة الأميركية في قرية أطمة شمالي إدلب وقتلت زعيم "تنظيم الدولة" (عبد الله قرداش) المكنى (بأبي إبراهيم القرشي)، حيث حصل موقع تلفزيون سوريا على معلومات جديدة توضح موعد قدوم (قرداش) إلى إدلب وأسباب اختياره لبلدة أطمة دون غيرها، بالرغم من أنها منطقة حيوية ولـ "هيئة تحرير الشام" - العدو التقليدي لتنظيم الدولة - ثقل ليس بالقليل فيها.
بالعودة في الزمن إلى الوراء يقول محمد الشيخ أبو أحمد (والد مالك المنزل المؤجر قتيبة الشيخ والمسؤول الحالي عنه) لموقع تلفزيون سوريا إن مصطفى شيخ موسى "أبا أحمد الحلبي" مساعد قرداش الذي قتل معه في العملية الأميركية كان قد استأجر منه الطابق الأول من منزل ابنه المغترب قتيبة، وذلك منذ أحد عشر شهراً وسكن فيه مع عائلته، ومنذ خمسة أشهر خرج المستأجر الذي كان يسكن الطابق الثاني من المبنى المؤلف من قبو وفوقه طابقان، حيث طلب (أبو أحمد الحلبي) استئجار الطابق العلوي أيضاً وعلل ذلك الطلب لكونه يريد جلب شقيقته وإسكانها بجانبه، وقد تمت عملية التأجير ليشغر الطابقين.
ويضيف الشيخ: بعد فترة زمنية راودتني الريبة لكون الطابق العلوي بقي فارغاً، فاستوضحت من المستأجر فأجابني بأن أخته شارفت على القدوم، وبعد أيام قليلة بدأت معالم الحياة والإنارة تعج في الطابق العلوي من المبنى.
وبحسب شهادات الجيران فإن عائلة (أبي أحمد الحلبي) مساعد قرداش منغلقة على نفسها، حالها كحال عائلة أبي إبراهيم سلامة الذي كان مساعداً للبغدادي وقتل معه أيضاً بالطريقة ذاتها، فالأطفال لا يلهون في الخارج مع أطفال الحي، بل يقتصر لهوهم على شرفة المنزل وداخله، وهو ما تفسره كمية ألعاب الأطفال الكبيرة التي وجدت داخل المنزل بعد العملية، كما أن النساء لا يخرجن من المنزل إلا نادراً ومع أبي أحمد فقط.
أبو أحمد ذاته لا أحد من رجال الحي يعرف عمله بالضبط، لكنه يقول بأنه يعمل في التجارة على سيارته ذات الصندوق من نوع هونداي (مساعد البغدادي أبو ابراهيم سلامة كان يملك ذات السيارة ويمتهن المهنة ذاتها ويتطبع بالطباع ذاتها) ويخرج من منزله صباحاً ولا يعود حتى المساء.
ووفق الجيران ومؤجر المنزل فإن عائلة (أبي أحمد الحلبي) تتكون من زوجته وأطفاله الأربعة، آخرهم رضيع حديث الولادة، والمرأة التي تعيش في الطابق العلوي وادعى بأنها أخته الأرملة ومعها طفلتان أيضاً ليكون عدد الأفراد داخل المنزل تسعة أشخاص.
لكن عدد من قتلوا في العملية العسكرية بلغ بحسب الدفاع المدني السوري 13 قتيلاً، بينهم ستة أطفال وأربع نساء، وبحسب المصادر الأهلية وشهود عيان فإن رجلاً من سكان أطمة قتل عندما كان يقترب لمعرفة الذي يحصل، فتكون الخلاصة أنه كان داخل المنزل:
• رجلان هما: عبد الله قرداش ومساعده أبو أحمد الحلبي.
• أربع نساء قتلن خلال العملية: زوجة الحلبي والمرأة التي ادعى أنها أخته وامرأتان.
• ستة أطفال قتلوا خلال العملية.
• بالإضافة لطفلين بقيا على قيد الحياة وغير معروف هم لمن، تسلمتهما "هيئة تحرير الشام" بحسب شهادات الجيران، من بين الطفلين فتاة تم تداول صورتها على وسائل التواصل الاجتماعي وهي مصابة وتم نقلها إلى أحد مشافي أطمة، وقد تواصل موقع تلفزيون سوريا مع المكتب الإعلامي في "هيئة تحرير الشام" بغية معرفة صحة وجود طفلين ومصيرهما، ومن يكون والدهما لكنه لم يلق أي رد.
فتكون النتيجة بأن قرداش وصل إلى أطمة خلال مدة زمنية أقصاها ستة أشهر، ومعه امرأتان قد تكون كلتاهما زوجتيه بالإضافة إلى طفلين.
لماذا أطمة تحديداً؟
كان زعيم تنظيم الدولة على علم بأن "هيئة تحرير الشام" تلاحق جميع أفراد تنظيمه في مناطق سيطرتها، وأنها لن تتأخر لحظة واحدة في الإمساك به أو القضاء عليه في حال وصلتها معلومات عن مكان وجوده، ومن المفترض أن يتوارى عن الأنظار في منطقة نائية بعيدة عن مراكز ثقل الهيئة وعيون أجهزتها الأمنية وكان لديه خيارات عديدة كمنطقة جسر الشغور التي تكثر فيها العناصر الغريبة والأجنبية ومنتمو الفصائل الإسلامية، لكن اختيار (قرداش) لأطمة كان مبنياً على دراسة خطر الهيئة عليه ومحاولة لإيجاد مخرج له من مناطقها بأقصر الطرق.
بواسطة تقنيات قياس المسافات على برامج الخرائط فإن المنزل الذي كان يقيم فيه قرداش يبعد عن معبر أطمة الذي يفصل مناطق "هيئة تحرير الشام" عن مناطق "الجيش الوطني" 390 متراً وعن الساتر الذي يفصل ما بين المنطقتين مسافة 600 متر من الأراضي الزراعية المغطاة بأشجار الزيتون، مما يوفر له طريق هروب سهلة بين تلك الأشجار وخصوصاً في الليل نحو مناطق "الجيش الوطني" في حال كشف مكان وجوده من قبل "هيئة تحرير الشام".
على الطرف المقابل لأطمة وفي منطقة (دير بلوط) الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني" أفادت مصادر محلية خاصة لموقع تلفزيون سوريا بأن تحركاً غير طبيعي استمر لعشرة أيام لأشخاص يشتبه بميولهم لـ "تنظيم الدولة" وقد سبق اعتقالهم من قبل فصائل "الجيش الوطني"، وأن ذلك التحرك غير الطبيعي كان منذ ستة أشهر تقريباً وهي الفترة ذاتها التي يعتقد بأن قرداش وصل فيها إلى أطمة وقد يكون أولئك الأشخاص كانوا يؤمنون له طريق عبور غير شرعي إلى أطمة بسبب التشديد الأمني الذي تفرضه "هيئة تحرير الشام" على الداخلين والخارجين من وإلى مناطقها عبر معبر (أطمة - دير بلوط) الذي يفصل مناطق نفوذها عن مناطق سيطرة "الجيش الوطني".
مكوث زعيم "تنظيم الدولة" في أطمة كان يترك له مجال المناورة والتنقل بين منطقتين خاضعتين لسلطتين مختلفتين غير متعاونتين في الملفات الأمنية كما أن قرب أطمة من الحدود السورية التركية يترك المجال مفتوحاً أمام خيار انتقال زعيم التنظيم إلى داخل الأراضي التركية، كما أن (أبا أحمد الحلبي) مساعد (قرداش) كان على علم مسبق بقدوم الأخير إلى المنطقة واستأجر المنزل قبل وقت قصير تحضيراً لقدومه وإقامته، كي يبقى بجانبه ويؤمن احتياجاته دون أن يضطر (قرداش) للخروج من منزله إطلاقاً.
ومن المعروف أن منطقة (أطمة) يوجد فيها أعداد كبيرة جداً من كل المناطق السورية، بالإضافة إلى النازحين والمخيمات، وبالتالي فإن سكان المنطقة معتادون على وجود أناس غرباء.