وصل علاء الحراكي إلى غلاسكو قبل خمسة أشهر، إذ لديه عمة وعم هناك، وذلك بعد رحلة مضنية استغرقت ثمانية أشهر قطعها عبر أوروبا، تضمنت رحلة خطرة بقارب صغير لعبور بحر المانش حيث قامت السلطات البريطانية بإنقاذه.
ولكن بموجب الخطة الجديدة للحكومة البريطانية، فإن الطالب في جامعة دمشق علاء الحراكي، 24 عاماً، والذي هرب من سوريا بسبب الحرب والتجنيد الإجباري ضمن صفوف جيش النظام، يعتبر غير مرحب به على الأراضي البريطانية، وذلك لأنه وصل إلى المملكة المتحدة عبر طريق غير شرعي، بدلاً من الحصول على تأشيرة نظامية بموجب البرنامج المخصص لذلك. وعليه، في حال وصل علاء في الوقت الذي سيبدأ فيه تطبيق برنامج نقل اللاجئين، فعندئذ سيتم إرساله إلى رواندا.
ولذلك ناشد علاء وزيرة الداخلية بريتي باتيل وطالبها بأن تتفهم محنة اللاجئين الهاربين من الحرب، وقال: "هل عاشت هذا الوضع كلاجئة أو طالبة لجوء؟ هل عانت من كل ذلك التوتر والصدمة؟ أو تعرضت للخوف بسبب القصف خلال الحرب؟ أتمنى منها أن تراعي ذلك، لأنه غاية في الأهمية".
وأضاف: "إنها لا ترى بأن هذا لن يغير الوضع ولن يمنع الناس من مغادرة بلادهم، إذ في حال قيام حرب، يسعى الناس للهروب من بلدهم بحثاً عن الحماية وعن بلد آمن".
قرر علاء أن يغادر مدينته دمشق بسبب التهديد المستمر المتمثل بالحرب، ولهذا قطع رحلة استغرقت ثمانية أشهر، سافر من خلالها إلى تركيا ومنها إلى إيطاليا بالقارب، وبعدها إلى فرنسا سيراً على الأقدام، قبل أن يستقل قارباً آخر ليصل إلى المملكة المتحدة.
ويعلق على ذلك بالقول: "كان القارب صغيراً ومزدحماً، إذ كان هنالك نساء مع أطفالهن، وقد أرعبتهم فكرة الوصول إلى عرض البحر، كما أن الطقس كان بارداً. وفي لحظة من اللحظات، علا الموج كثيراً، فأوشكنا على الغرق في البحر، ولكن لحسن حظنا قامت السلطات البريطانية بإنقاذنا".
وبعد مرور شهرين على إقامة علاء عند أقاربه في غلاسكو، طالب الحكومة بسكن، لكنه فوجئ بنقله إلى شيفيلد حيث ينتظر معالجة طلب لجوئه وهو يقيم في فندق مع مئات اللاجئين.
وعن ذلك يحدثنا فيقول: "أحس بالوحدة بعدما أرسلوني إلى شيفيلد بعيداً عن عائلتي، ثم إن القلق بات يساورنا جميعاً بخصوص هذه الخطة الخاصة برواندا إذ من المخيف أن يسمع عنها المرء اليوم".
ويتابع بأنه قرأ عن حالة انعدام الاستقرار في رواندا التي شهدت حرباً أهلية في تسعينيات القرن الماضي، كما تعرض شعبها لمجزرة وقعت في عام 1994، وبالرغم من أن الوضع في البلاد استقر كثيراً خلال السنوات الأخيرة، فإن توتراً نشأ أخيراً بينها وبين جارتها أوغندا دفعها إلى إغلاق حدودها مع تلك الدولة في عام 2019، ولم تفتح الحدود إلا في مطلع هذا العام، ولهذا يقول علاء: "قرأت عن القتال الدائر في رواندا وعن القتل هناك، فاكتشفت أنها ليست دولة مستقرة، ثم إنني تركت سوريا لأن بلدي تشهد حرباً شاملة، ولا أريد أن أعود لطريقة التفكير ذاتها أو الحياة نفسها التي ينعدم معها الأمان، إذ هذا ما سأشعر به في رواندا في حال تم نقلي إلى هناك. ثم إنني أتيت إلى المملكة المتحدة بحثاً عن الأمان والحماية وحتى أعمل وأسهم في الاقتصاد البريطاني، وهذا غير متوفر في رواندا، كما أني لا أريد أن أعيش معزولاً في دولة أخرى، فلقد أتيت إلى المملكة المتحدة نظراً لكونها دولة آمنة ولأن عمي وعمتي يعيشان فيها، وهذا ما يجعل وضعي أفضل، ولهذا لا أريد أن أصبح معزولاً في مكان آخر أو دولة أخرى".
المصدر: سكوتسمان