icon
التغطية الحية

كي لا "يتجول المجرمون في شوارع لندن".. كلوني تطالب بتعديل قانون العدالة الجنائية

2023.10.27 | 11:09 دمشق

آخر تحديث: 27.10.2023 | 11:09 دمشق

المحامية أمل كلوني
المحامية أمل كلوني
The Times- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

طالب سياسيون بريطانيون مع شخصيات بارزة من المجتمع المدني بأن تقوم المملكة المتحدة بالمحاسبة على جرائم الحرب المترتبة على الغزو الروسي لأوكرانيا، وكان من بينهم المحامية الشهيرة المدافعة عن حقوق الإنسان، أمل كلوني، التي علقت على القوانين الحالية بقولها: "لكن في حال قدوم جنرال روسي متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا إلى مطار هيثرو، نتركه ليتجول في شوارع لندن وليتسوق في هارودز أو ليراجع أحد الأطباء في هارلي ستريت، من دون أن نتمكن من إلقاء القبض عليه".

في اجتماع عقد تحت قبة البرلمان البريطاني خلال الأسبوع الماضي، كشفت كلوني عن تقرير يطالب بإصلاح قانون الولاية القضائية الشاملة حتى يشمل مزيداً من المتهمين بجرائم دولية خطيرة، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة، حتى تتمكن المملكة المتحدة من مقاضاتهم.

شروط المقاضاة

ويشتمل قانون العدالة الجنائية الصادر عام 1988 في المملكة المتحدة على صيغة محدودة للولاية القضائية الشاملة، تسمح للمحاكم البريطانية بمقاضاة المتهمين بجرائم التعذيب أو اتخاذ أسرى إلى جانب قدرتها على إقامة محاكمات تتصل بعدد ضئيل من جرائم الحرب، وذلك في حال وجود الجاني في المملكة المتحدة، ولكن قانون المحكمة الجنائية الدولية الصادر عام 2001 يمنح المحاكم البريطانية ولاية قضائية على جرائم الإبادة وعلى الجرائم ضد الإنسانية وغيرها من جرائم الحرب، فقط في حال وجود الجاني في المملكة المتحدة وكان مواطناً بريطانياً أو يحمل إقامة قانونية في المملكة المتحدة.

وهذا يعني أن القوانين الحالية لا تسمح للشرطة بفتح تحقيق إلى أن يصبح المتهم في المملكة المتحدة، وبالنتيجة، لم تجر سوى ثلاث محاكمات ناجحة للجرائم الدولية في المحاكم الإنكليزية، آخرها عقد قبل عقد ونيف من الزمان.

 

 

بيد أن أمل كلوني التي تثير حملاتها اهتماماً أكبر في الأوساط نظراً لزواجها من النجم السينمائي جورج كلوني، تحدثت عن موقف المملكة المتحدة الذي يتناقض بشدة مع موقف ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والسويد، حيث أقامت المحاكم المحلية محاكمات لمقاتلين من تنظيم الدولة متهمين بارتكاب جرائم إبادة في العراق، كما أجرت محاكمات لزبانية بشار الأسد ممن مارسوا التعذيب في سوريا ولمرتكبي جرائم إبادة في رواندا.

يناقش التقرير الصادر عن مؤسسة كلوني الخيرية المعنية بالعدالة وحقوق الإنسان والتي تعرف باسم إنصاف، وتساعد الناجين من التعذيب بعد تلك التجربة، بأنه ينبغي على المملكة المتحدة إسقاط شرطي الجنسية والإقامة بالنسبة لإقامة محاكمات هدفها محاكمة مرتكبي جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وذلك حتى تتسنى محاكمة أي متهم موجود على أراضيها. ويطالب هذا التقرير أيضاً بتعديل القانون الصادر عام 2001 والذي يكفل تمتع محاكم المملكة المتحدة بالسلطة القضائية على كامل الجرائم المشمولة بنظامها الأساسي الصادر عام 1991 والتغييرات التي طرأت على القوانين ذات الصلة بحيث تعترف بمسؤولية القيادة العليا عن كل الجرائم الدولية.

حصانة المسؤول

هنالك حجر عثرة آخر يقف في طريق إجراء تلك المحاكمات، وهو "حصانة المهمة الخاصة" التي تمنحها الحكومة في المملكة المتحدة لمن يزورها من المسؤولين الذين يمثلون حكومات دول أجنبية. وترى كلوني بأن هذه الحالة التي تماثل بطاقة الخروج من السجن بنظرها منعت المملكة المتحدة من إلقاء القبض على أفراد متهمين بجرائم دولية ومحاكمتهم.

يشجع التقرير المملكة المتحدة على رفض استقبال الأفراد الآتين بمهمة خاصة، ومنحهم حصانة بموجبها، وذلك في حال وجود أسس منطقية لاتهامهم بالتورط بجرائم دولية أو الاشتراك فيها. وفي الوقت الذي تعترف فيه كلوني بتاريخ المملكة المتحدة العريق في مجال تعزيز العدالة الدولية، ترى المملكة المتحدة مقصرة فيما يتعلق بإجراء هذا النوع من المحاكمات.

 

 

وفي معرض حديثها الذي حثت من خلاله الحكومة البريطانية على قبول التوصيات الواردة في التقرير، قالت كلوني: "حان الوقت لترتقي بريطانيا بمبادئها، إذ لا يجوز أن نصبح ملاذاً آمناً بل أرضاً معادية لمرتكبي أبشع الجرائم التي عرفتها البشرية". وفي محاولتها لاستباق من قد ينتقد رأيها عبر القول بإنه لا يجوز للمملكة المتحدة أن تتحول إلى شرطي يحرس العالم، أو من يتحججون بنقص الموارد، قالت كلوني بأن السلطة القضائية تقوم على أساس الوجود، أي إنها موجودة في مواضع أخرى من القانون الوطني، وأكدت بأن هذه الإصلاحات ستسقط أي تمييز لا لزوم له.

انتقدت اللجنة البرلمانية المشتركة المعنية بحقوق الإنسان هذا الخليط من القوانين الداعية لمقاضاة المتهمين بارتكاب جرائم دولية في المملكة المتحدة، وفي تأييد للدعوة الساعية لإصلاح القوانين، ذكر اللورد ماكدونالد وهو المدير السابق للمحاكمات العامة، بأن التشريع الحالي يترك "ثغرة حقيقية في القانون"، وهذه الثغرة ظهرت مصادفة من دون أن يكون هناك أي منطق أو فلسفة  .

وشرح بأن القانون يعني بأنه تجوز مقاضاة من يزور البلاد ممن مارسوا التعذيب هنا في المملكة المتحدة، إلا أن الأمر لا ينطبق على من يزور البلاد من مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية، وأضاف بأنه لا بد من إلقاء القبض على كلا النوعين من المجرمين، لأن العالم إن أصبح آمناً أمام هؤلاء الناس، فلن يكون آمناً بالنسبة لنا على حد تعبيره.

أيد التقرير أيضاً السير هاوارد موريسون وهو قاض سابق لدى المحكمة الجنائية الدولية ومستشار حول جرائم الحرب لدى المدعي العام بأوكرانيا، إذ ذكر أن المحكمة الجنائية الدولية محدودة بحجمها وميزانيتها، ولهذا فإن التغيير المقترح الذي يهدف للخروج بنظام موحد فيما يتصل بالولاية القضائية الشاملة داخل المملكة المتحدة، بوسعه أن يكمل أعمال المحكمة الجنائية الدولية.

أما اللورد فالكونر وهو مستشار سابق لدى حزب العمال، فيقول بأن التقرير يطرح قضية لم يتصدَ لها أحد في الوقت المناسب، وأضاف بأن وضع القانون "مخز بالنسبة لنا بوصفنا جهة تشريعية ودولة" وتمنى أن تدعم الحكومة البريطانية التي سيتزعمها حزب العمال مستقبلاً هذا الإصلاح الذي وصفه بأنه يعيد المملكة المتحدة إلى جادة الصواب بدلاً من أن تتخلف عن الركب.

فيما لم يعلق الناطق باسم الحكومة على المقترحات واكتفى بالقول بأن الوزراء ملتزمون بمحاسبة مرتكبي أخطر الجرائم مثل جرائم الحرب على ما اقترفت أيديهم.

كما لم ترد المحامية شابانا محمود وزيرة العدل لدى حكومة الظل التي يترأسها حزب العمال، عندما طلب منها التعليق على الموضوع، في حين ذكرت زميلتها في الحزب، البارونة كينيدي بأنه ينبغي على المملكة المتحدة أن تجعل من أفعالها مطابقة لأقوالها في الداخل.

 

المصدر: The Times