انتشرت بين السوريين وخاصة الأعمار بين 18 – 25 عاماً، "موضة" العمل على وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق الأرباح بالقطع الأجنبي، ما أدى إلى ازدياد المنصات على فيس بوك والتي تعتمد أساساً على تقديم فيديوهات مقالب مدبرة مسبقاً أو غير مدبرة أو محتوى تمثيلي غير ذو جودة، كلها أثارت الجدل والانتقاد مؤخراً من قبل شريحة واسعة من السوريين، لأن الهدف منها تحقيق الربح فقط وبأسرع وقت بغض النظر عن جودة المحتوى المقدم والذي لا يخضع لأي رقابة.
لا تخضع صفحات فيس بوك في سوريا لرقابة محتوى مرئي كما هو الحال في رقابة المحتوى المكتوب، يقول أحد المبتدئين في المجال مفضلاً عدم كشف هويته، ويتابع "المهم أن نبتعد عن السياسة وانتقاد الحكومة وغيرها من أمور شائكة، ونعتمد على المحتوى المضحك والمسلي فالجميع يريد الترويح عن نفسه".
يبلغ الشاب من العمر 22 عاماً، ويقول إنه يعمل في بيع الملابس بمنطقة الصالحية بدمشق، لكن ركود السوق وضعف المدخول دفعه للبحث عن مصدر للمال، ووجد بفيس بوك التسلية والمال مع أصدقائه في الحي، رغم أنه لم يحصل على أي مبلغ مالي من الفيديوهات حتى اليوم لأن صفحته لم تحقق شروط الربح بعد.
صحيح أن الشاب الذي فضل ذكر اسمه لم يحصل على المال بعد من فيديوهاته، إلا أن هناك نماذج كثيرة تجني آلاف الدولارات من الفيديوهات على فيس بوك، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر شادي قاسو وآلان كيكي، كان لديهم صفحة ALDI BROTHERS، الشابان من منطقة فقيرة في عشوائيات ركن الدين بدمشق، وبدؤوا مشروعهما من هناك بفيديوهات قصيرة مضحكة، ثم قاما بافتتاح مطعم في منطقة الشعلان من أموال الفيديوهات، وبعدها أسسا شركة إنتاج، ولاحقاً انفصلا، حيث يعمل شادي اليوم لحسابه الخاص، وآلان يدير شركة الإنتاج.
في سوريا الوضع معقد
كي تربح من فيس بوك في سوريا تحتاج بعض الإجراءات الالتفافية لأن ميزة الأرباح على فيس بوك محجوبة، وفقاً لأحد خبراء السوشيال ميديا، الذي أكد للموقع أن القضية بحاجة صفحة يتم فتحها من خارج البلاد وتدار من هناك وتربط بحساب بنكي خارجي، وترسل الفيديوهات للمتعاون في الخارج ليقوم بنشرها، مشيراً إلى أن بعض الشركات المخفية في سوريا بدأت تقوم بهذا العمل تحت ستار ترخيص شركات إنتاج، إضافةً إلى بعض الأفراد الذين لديهم علاقات بأشخاص خارج سوريا.
سحب الأرباح بالدولار يتم أيضاً عبر تلك الشركات أو الأشخاص، الذين يأخذون نسبتهم ويقومون بتحويل الأرباح بالسوق السوداء، لكن وفقاً للمصدر، فإن القضية فيها خطورة عالية، حيث يستطيع من يملك الحساب في الخارج توقيف الصفحة أو سحب ما فيها متى يشاء، لذلك يفضل منشؤوا الفيدوهات الشركات التي انتشرت مؤخراً، مؤكداً أن بعض صفحات فيس بوك الكبيرة التي اشتهرت مؤخراً باتت تعمل إضافةً لإنتاج الفيديوهات الخاصة بها، بفتح أو شراء الصفحات من الخارج وإدارتها وسحب الأرباح من الخارج للعملاء من سوريا.
لماذا فيس بوك؟
يفضل السوريون الفيسبوك لنشر المحتوى المصور لانتشاره أكثر بين السوريين وخبرتهم فيه، ولسهولة التعامل معه وسرعة تحقيقه للأرباح وشروطه الأسهل. يحتاج الشخص إلى صفحة فيها 10 آلاف متابع على الأقل، ويجب أن تحقق الصفحة 600 ألف دقيقة مشاهدة على فيديوهات في آخر شهرين قبل التقدم بطلب الدخول بنظام الربح، ويجب أن يكون لدى الصفحة 5 مقاطع فيديو نشطة على الأقل.
من الشروط التي تدفع الشباب السوريين إلى القيام بمقاطع المقالب والسكتشات والتي تثير حفيظة الشريحة الأكبر من السوريين، هي سهولتها لأن فيس بوك يضع شرطاً للربح بعدم نشر أي محتوى غير منتج بالكامل من قبل صاحب المحتوى، بمعنى لا يمكن لصفحة أن تنشر مقاطع مسلسلات أو أغاني، أو فيديوهات من إنتاج صفحات أخرى لتحقيق الربح.
وقد يضطر البعض لنشر محتويات إيحائية جنسية أو تافهة أو مثيرة للجدل في المعتقدات وغيرها من أمور، لتحقيق نسب المشاهدة على الفيديوهات ثم الدخول بنظام الربح، وهذا ما يجعل المحتوى السوري على فيسبوك غير ذو جودة.
وبهذا المجال نشأت تجارة بصفحات فيس بوك، حيث يقوم مختصون بتأهيل الصفحات الجاهزة للربح خارج سوريا بأساليب غير معلنة، ويبيعونها بالسوق السوداء في سوريا بأسعار تبدأ من 150 دولار وصولاً لـ2000 دولار أو أكثر تبعاً لعدد المتابعين وتوزعهم الجغرافي والتفاعل على الصفحة، وبهذا يمكن البدء بالعمل والربح مباشرةً من فيسبوك برأسمال قد لا يتجاوز الـ150 دولار.
مشكلة الأرباح في سوريا
وبدلاً من Google Adsense للإعلانات على الفيديوهات الذي يستخدمه يوتيوب لجني الأرباح له ولصانع المحتوى، استخدم فيسبوك برنامج In-Stream Ads ومن خلاله يستطيع أصحاب الفيديوهات الربح، لكن هذا غير متاح في سوريا، لذلك مهما كان عدد المشاهدين من داخل سوريا للفيديوهات لن يستطيع صانع المحتوى تحصيل الأرباح إلا إن استطاع الوصول بمحتواه للجمهور السوري بالخارج وهو أهم عنصر في تحقيق الربح.
تعتبر أسعار المشاهدات مختلفة من دولة إلى أخرى فسعر المشاهدة من أوروبا وأميركا والخليج العربي أغلى من سعر المشاهدة من لبنان ومصر مثلاً، وهذا يعني أن العائدات اليومية لصاحب الصفحة ليست ثابتة. ويضاف إلى أسعار المشاهدات أسعار الإعلانات التي تظهر، ويختلف السعر تبعاً لنوع المحتوى.
ضوابط قانونية
ونتيجة انتشار التوجه نحو إنشاء المحتوى المرئي لتحقيق الأرباح على فيس بوك، أعلن مجلس الوزراء مؤخراً على مشروع الصك التشريعي المتضمن قانون الإعلام الجديد، والذي يركز في جزء مهم منه على صفحات فيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام لتنظيم عملها وإلزامها بالحصول على التراخيص اللازمة لضمان مراقبتها.