فصّلت وزارة الخارجية الأميركية، في تقرير لها، ثروة بشار الأسد وأفراداً من عائلته ورموز نظامه، موضحة أن التقديرات المستندة إلى معلومات مفتوحة المصدر تشير إلى أن صافي ثروة عائلة الأسد تتراوح بين مليار وملياري دولار.
وقال التقرير إن هذا التقدير هو غير دقيق، ولا تستطيع وزارة الخارجية تأكيده بشكل مستقل، وذلك بسبب صعوبة التقدير التدقيق لثروة بشار الأسد وأفراد أسرته الممتدة عن أصول العائلة التي يُعتقد أنها منتشرة ومخبأة في العديد من الحسابات والمحافظ العقارية والشركات والملاذات الضريبية الخارجية.
وأوضحت الوزارة أنه من المحتمل وجود أصول تعود لعائلة الأسد موجودة خارج سوريا ولم يتم حجزها أو تجميدها وفق العقوبات المفروضة على نظام الأسد، بسبب إخفاء ملكيتها بأسماء مستعارة أو بأسماء أفراد آخرين.
وسبق أن أقر مجلس النواب الأميركي، قانوناً يطلب من إدارة الرئيس جو بايدن الكشف عن ثروة بشار الأسد وعائلته والدائرة المقربة منه، إلى جانب طلب إعلان استراتيجية الإدارة بشأن سوريا.
ويطلب القانون بصيغته النهائية التي تمت الموافقة عليها ورفعت إلى مجلس الشيوخ، الكشف عن تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يوضح صافي ثروة رئيس النظام السوري بشار الأسد وأفراد أسرته، بما في ذلك الزوجة والأطفال، والأشقاء، وكذلك أبناء عمومتهم من الأب والأم.
وفنّد تقرير الخارجية الأميركية الثروات المالية لكل من رئيس النظام بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس، وشقيقي بشار ماهر وبشرى الأسد، وأبناء خالته رامي وإيهاب مخلوف، وعمه رفعت الأسد، وابني عمته ذو الهمة ورياض شاليش، مضيفة أنه لا يوجد معلومات كافية عن ثروة أبناء بشار الأسد الثلاثة، حافظ 20 عاماً، وزين 18 عاماً، وكريم 17 عاماً، ولذلك لم يتم إدراجهم في التقرير.
فيما يلي نص تقرير الخارجية الأميركية الذي فنّد فيه ثروات هؤلاء الأشخاص:
بشار وأسماء الأسد
تقدّر تقارير المنظمات غير الحكومية والتقارير الإعلامية أن بشار الأسد وزوجته أسماء يمارسان نفوذاً كبيراً على جزء كبير من ثروة سوريا، ويعتبران من أكبر اللاعبين الاقتصاديين في النظام، عبر استخدام شركات وشبكات لغسيل الأموال من الأنشطة غير المشروعة، وتحويل الأموال لدعم النظام، وتخترق هذه الشبكات جميع قطاعات الاقتصاد السوري.
وصنّف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية بشار الأسد على قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13573 في 18 من أيار من العام 2011، في حين صُنفت زوجته أسماء بموجب الأمر التنفيذي رقم 13894 في 17 من حزيران من العام 2020.
وأقامت أسماء الأسد شبكة تمارس نفوذاً متزايداً على الاقتصاد السوري، كما تمارس نفوذاً كبيراً على اللجنة الاقتصادية التي تدير الأزمة الاقتصادية المستمرة في سوريا، ووفقاً لتقارير مفتوحة المصدر، تتخذ اللجنة الاقتصادية قرارات بشأن دعم الغذاء والوقود والتجارة وقضايا العملة.
ووسّعت أسماء نفوذها على الأمانة السورية للتنمية، التي أسستها في العام 2001، وتوجّه التمويل إلى المبادرات الخيرية والإنسانية في مناطق سيطرة النظام.
في العام 2019، ورد أن أسماء استولت على "جمعية البستان الخيرية" من رامي مخلوف، وفي العام 2021 ورد أن مسؤولين في القصر الجمهوري مقربين من أسماء تم تعيينهم في مجلس إدارة شركة اتصالات "سيريتل".
وفي العام نفسه، أسست أسماء الأسد أكبر شركة "إيماتيل" للاتصالات السلكية واللاسلكية مع رجل الأعمال خضر علي طاهر، والذي أدرجه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، مع شركة "إيماتيل"، في 30 من أيلول من العام 2020، بموجب الأمر التنفيذي 13582، على خلفية مساعدته المادية ورعايته وتقديمه الدعم المالي والتكنولوجي للنظام السوري.
كما يدير ابن عم أسماء مهند الدباغ، وشقيقها فراس الأخرس، شركة "تكامل"، التي تدير برنامج البطاقة الذكية الإلكترونية لتوزيع المواد الغذائية المدعومة في سوريا.
وأدرجت الخارجية الأميركية، في 22 من كانون الأول من العام 2020، بموجب الأمر التنفيذي 13894، فراس الأخرس على لائحة العقوبات، مشيرة إلى أن عائلة الأخرس راكمت ثرواتها غير المشروعة على حساب الشعب السوري، من خلال السيطرة على شبكة واسعة غير شرعية، لها روابط في أوروبا ودول الخليج وأماكن أخرى.
ماهر الأسد
يعمل ماهر الأسد من خلال "الفرقة الرابعة" في جيش النظام السوري كرئيس لشبكة رعاية متورطة في أنشطة غير شرعية، تستفيد من الشركات في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهندسة والطاقة والسياحة.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على ماهر الأسد و"الفرقة الرابعة" في تموز من العام 2020، بموجب الأمر التنفيذي 13894، على خلفية تقديمها لدعم لنظام الأسد والتورط في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا منذ العام 2011.
وتشير التقارير على نطاق واسع إلى أن "الفرقة الرابعة" متورطة في عمليات تهريب المخدرات في سوريا، بما في ذلك تهريب "الكبتاغون" و"الأمفيتامين"، بالإضافة إلى مواد أخرى غير مشروعة، كما تقول منظمات غير حكومية ووسائل الإعلام أن "الفرقة الرابعة" تحصّل رسوماً وإتاوات من المرور عبر نقاط التفتيش الرسمية التابعة للنظام، وغير الرسمية الخاضعة لسيطرتها، وتفرض رسوم حماية وإتاوات على وسائل النقل التجارية.
يرتبط ماهر الأسد بعلاقة عمل وثيقة مع محمد صابر حمشو، الذي يدير أعمالاً في قطاعات البناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهندسية والسياحة، وهو أحد كبار رجال الأعمال السوريين، وله مصالح في كل قطاعات الاقتصاد السوري تقريباً، وعمل كواجهة اقتصادية لماهر الأسد ونفذ العديد من مشاريعه.
أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية حمشو، في العام 2011، وفقاً للأمر التنفيذي 13573 و13572، على خلفية تقديمه خدمات لدعم نظام بشار الأسد وماهر الأسد، أو لآخرين بالنيابة عنهما.
كما يمتلك ماهر الأسد استثمارات في قطاعات المقاولات والطاقة وتكنولوجيا المعلومات، من خلال مجموعة "Telsa" الاستثمارية.
وتشمل العلاقات الوثيقة الأخرى لماهر الأسد مع عائلة القاطرجي، التي تدير شركاتها وميليشياتها آبار النفط في مناطق سيطرة النظام، وفي الماضي سهّلت عائلة القاطرجي تجارة الوقود بين النظام و"تنظيم الدولة"، بتنظيم من خضر علي طاهر، الذي ينظم الحماية ويجمع الإتاوات من الأنشطة التجارية كوسيط محلي مهم، ومقاول خاص بـ "الفرقة الرابعة".
صنّف مكتب مراقبة الأصول محمد قاطرجي وشركة القاطرجي، في العام 2018، بموجب الأمر التنفيذي 13582، على خلفية تسهيل تجارة الوقود بين النظام و"تنظيم الدولة"، كما صنّف المكتب شقيق محمد حسام، بموجب الأمر التنفيذي 13573، وشركة يملكها الأخوان باسم "Arfada Petroleum Private Joint Stock Company"، بموجب قانون قيصر لعام 2020.
وفي العام نفسه صنف المكتب شركة "القلعة للحراسة والحماية"، التابعة لخضر علي طاهر، على قائمة العقوبات على خلفية مشاركتها الأنشطة غير الشرعية للفرقة الرابعة، والتي تضمنت مسؤوليتها عن توفير الحماية للقوافل، كما تم تصنيف خضر علي طاهر على خلفية توجيهه تحصيل الرسوم على الحواجز والمعابر الداخلية بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة، وكذلك المعابر مع لبنان.
بشرى الأسد
بشرى الأسد هي الأخت الكبرى لبشار وماهر الأسد، وأرملة آصف شوكت، نائب رئيس أركان القوات المسلحة، والرئيس السابق للمخابرات العسكرية التابع لنظام الأسد.
صنّفت الخارجية الأمريكية بشرى الأسد، في 17 من حزيران من العام 2020، بموجب الأمر التنفيذي "13894".
ووفق التقرير، تعيش بشرى وأطفالها في دبي منذ العام 2012، بعد خلاف مع بشار حول طريقة تعامله مع الصراع، دون أن يحدد أي معلومات موثوقة عن صافي ثروتها.
رامي مخلوف
رامي مخلوف هو ابن محمد مخلوف خال بشار الأسد، ويعتبر رامي مخلوف من أغنى وأقوى الرجال في سوريا، وفي وقت من الأوقات كان يسيطر على حصة كبيرة من الاقتصاد السوري.
صُنف مخلوف في قوائم العقوبات من قبل الحكومة الأميركية في العام 2008، على خلفية استفادته من الفساد العام لمسؤولي النظام السوري ومساعدتهم.
اختلف مخلوف علناً مع الأسد ربيع العام 2020، ووُضع قيد الإقامة الجبرية في اللاذقية، وبعد ذلك، ورد أن النظام السوري وضع يده على العديد من مشاريع مخلوف ومصالحه التجارية.
وتتراوح تقديرات المصادر المفتوحة لثروة رامي مخلوف بين 5 و10 مليارات دولار.
يمتلك مخلوف 50 % من شركة "شام القابضة"، أكبر شركة قابضة في سوريا، كما كان في السابق مالكاً للحصة الأكبر في شركة "سيريتل"، وفي العام 2016، بلغت قيمة أسهمه أكثر من 130 مليون دولار، وفي حزيران من العام 2020 وضع النظام السوري حجزاً احترازياً على أصول مخلوف ضماناً لسداد ضرائب مستحقة، وفي تموز من العام 2021، أفادت وسائل الإعلام بعزل مخلوف من مجلس إدارة "سيرتيل".
صنّف مكتب مراقبة الأصول شركة "سيرتيل"، في العام 2016، وفقاً للأمر التنفيذي 13460، وصنّف شركة "شام القابضة"، وغيرها من الشركات المملوكة لمخلوف في العام 2011.
في العام 2020، اتهم النظام السوري رامي مخلوف باختلاس أموال من خلال حسابات وهمية في الخارجة، ورد مخلوف بالتأكيد على أن تحويلات الأموال كانت أداة للتهرب من العقوبات المفروضة على شركة "شام القابضة".
حصل مخلوف على عقود حصرية لإدارة الأسواق الحرة في سوريا حتى العام 2020، حيث ألغى النظام العقود، متهماً إياه باستخدام الشركات لتهريب البضائع والأموال، ونقل عقود الأسواق الحرة إلى شقيق رامي الأصغر إيهاب.
يدير رامي مخلوف أيضاً جمعية "البستان" الخيرية، التي تدعم عائلات العناصر القتلى في جيش النظام الذين قُتلوا خلال الحرب، إلا أن تقارير مفتوحة المصدر تؤكد أن جمعية "البستان" كانت قناة لتمويل الميليشيات الخاصة، لتسيطر أسماء الأسد على الجمعية في العام 2019.
وأشار تقرير وزارة الخارجية الأميركية إلى أن هناك معلومات إضافية عن رامي مخلوف موجودة ضمن ملحق سري، دون أن يكشف عنها.
إيهاب مخلوف
إيهاب مخلوف هو الأخ الأصغر لرامي مخلوف وابن عم بشار الأسد، نما دوره في إدارة أصول عائلة مخلوف بعد الخلاف بين رامي وبشار الأسد، عندما منحه النظام حق احتكار الأسواق الحرة.
أدرجت الحكومة الأميركية إيهاب وشقيقه إياد على قائمة العقوبات، في العام 2017، لتقديمهما الدعم المالي والتكنولوجي والمادي لرامي مخلوف.
وتنحّى إيهاب عن منصبه كنائب لرئيس مجلس إدارة شركة "سيريتل" في أيار من العام 2020، معلناً تأييده لبشار الأسد، ومحمّلاً شقيقه رامي مسؤولية متاعب الشركة.
يمتلك إيهاب استثمارات في قطاعي الخدمات المالية والمصرفية، ويدير أكثر من 200 مكتب صرافة في دمشق.
رفعت الأسد
رفعت الأسد هو عم بشار الأسد، غادر سوريا بعد محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة في العام 1984. وتحكم بمحفظة أعمال كبيرة في سوريا حتى العام 1999، عندما طُرد رسمياً من سوريا بعد اشتباكات عنيفة في مدينة اللاذقية بين مؤيديه ومؤيدين لأخيه حافظ الأسد في العام 2017.
صادرت الحكومة الإسبانية أصول رفعت الإسبانية بعد أن ورد اسمه في تحقيق أوروبي لغسل الأموال.
في حزيران من العام 2020، قضت محكمة فرنسية بسجن رفعت أربع سنوات بتهمة غسل الأموال المنظم والاحتيال الضريبي المشدد واختلاس أموال سوريا، وصادرت ممتلكاته وحساباته في باريس ولندن.
قبل مصادرتها، قدّرت محفظة رفعت العقارية الإجمالية بنحو 850 مليون دولار أميركي.
عاد رفعت الأسد إلى سوريا في تشرين الأول من العام 2021 هرباً من السجن.
ذو الهمة شاليش ورياض شاليش
ذو الهمة شاليش، ويعرف أيضاً باسم باسم زهير شاليش، ورياض شاليش هما أبناء عمومة بشار الأسد.
شغل ذو الهمة شاليش منصب قائد الحرس الرئاسي في نظام الأسد من العام 1994 حتى العام 2019، عندما وضع النظام السوري ذو الهمة قيد الإقامة الجبرية للاشتباه في الاختلاس.
صنّف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ذو الهمة شاليش، في العام 2005، بموجب الأمر التنفيذي 13315، على خلفية شراء أسلحة وسلع دفاعية للرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، ونظامه.
كما صنّفت وزارة الخزانة الأميركية شركته "SES International Corp"، وهي تكتل سوري كبير له مصالح في قطاعي البناء واستيراد السيارات.
أما رياض، فشغل منصب مدير مؤسسة الإسكان العسكرية، وهي شركة أشغال عامة يديرها النظام السوري، وتم تصنيفها من قبل الحكومة الأميركية، في العام 2011، بموجب الأمر التنفيذي 13582.