تسعى تركيا لاستقطاب شركات الصناعة العالمية إلى أراضيها، مستفيدة من موقعها الجغرافي القريب من القارة الأوروبية، إضافة إلى المحفزات الاقتصادية المتوفرة لديها.
وسجّلت تركيا صادرات قياسية عام 2021 متقدمة لأن تكون "مصنع العالم" على أبواب أوروبا، عبر استثمار أزمة العملة المحلية ورغبة الشركات متعددة الجنسيات في تقريب إنتاجها من أسواقها الرئيسية.
والعام الماضي وصلت صادرات البلاد إلى 225.4 مليار دولار، وفقاً لما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شهر كانون الثاني الماضي، كذلك تسعى تركيا لزيادة هذا الرقم إلى 300 مليار دولار عام 2023.
كما أعلن وزير التجارة التركي محمد موش، في تشرين الأول الماضي، تجاوز صادرات بلاده 1 بالمئة من الإجمالي العالمي، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية.
وأشار موش، في تغريدة عبر حسابه في تويتر، إلى أنّ حجم الصادرات التركية عام 1980 كان يشكل 0.14 من نظيره العالمي، وفي 2000 ارتفع إلى 0.43، مضيفاً أن "المنتجات التركية أصبحت تصدر إلى كافة أصقاع العالم، هذا النجاح لكل تركيا".
موقع تركيا
ويعتبر موقع تركيا الجغرافي قرب أوروبا ميزة، نظراً إلى الارتفاع الحاد في كلفة الشحن البحري، بالإضافة إلى اضطراب سلاسل التوريد المرتبط بالوباء، ما يدفع شركات أوروبية إلى تقليل اعتمادها على آسيا.
من جانبه، أكّد رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية بوراك داغلي أوغلو، أن "العديد من الشركات متعددة الجنسيات تتخذ خطوات من أجل الحصول على المزيد من الإمدادات من تركيا"، وفق حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح داغلي أوغلو أن البلاد التي طالما جذبت عمالقة سيارات ومنسوجات توفر قوة عاملة ماهرة وموقعاً جغرافياً "مثالياً" و"بنية تحتية متطورة".
إيكيا السويدية في تركيا
وأعلنت شركة "إيكيا" السويدية أنها تريد نقل جزء من إنتاجها إلى تركيا، فيما أكدت مجموعة الملابس الإيطالية بينيتون رغبتها في زيادة حجم إنتاجها بدول أقرب إلى أوروبا بما فيها تركيا.
بدوره قال بيتر وولترز نائب رئيس غرفة التجارة الهولندية-التركية إنه "يتلقى طلبات من قطاعات التجهيزات المنزلية والحدائق والمنسوجات والأزياء وبناء اليخوت" من رؤساء شركات يبحثون عن شركاء جدد في تركيا.
الجانب المضيء لتراجع سعر الليرة
منذ شباط عام 2020 ازدادت كلفة الشحن بأكثر من تسع مرات بين الصين وشمال أوروبا، حسب مؤشر "فريتوز بالتيك"، ما جعل أسعار الشحن من آسيا باهظة جداً، فيما تبعد تركيا ثلاثة أيام فقط في الشاحنة عن أوروبا الغربية.
وفي تشرين الثاني نشرت دراسة أجرتها مجموعة "مكنزي" للاستشارات صنفت فيها تركيا ثالثة بين الدول التي لديها أفضل إمكانات لتوريد المنسوجات بحلول العام 2025، بعد بنغلاديش وفيتنام، متقدمة على إندونيسيا والصين.
وقالت المجموعة: "تسعى الشركات في قطاع الملابس لتغيير مجموعة البلدان الموردّة" التي تتعامل معها و"الاقتراب" من أسواقها، مشيرة إلى أن تركيا تقدم "تكاليف إنتاج أقل بسبب تراجع قيمة الليرة التركية".
ونتيجة لتراجع العملة المحلية مقابل الدولار (-44% خلال 2021)، فإن صافي الحد الأدنى للأجور التركي يعادل حالياً 315 دولاراً.
من جانبه قال إردال يالتشين أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كونستانز في ألمانيا: "لا نرى استثمارات كبيرة حتى الآن، حتى لو كانت تركيا، من وجهة نظر اقتصادية بحتة، البلد المثالي لتقريب الإنتاج من أوروبا".