يشير خبراء اقتصاديون إلى أن إيران هي المستفيد الأكبر من المباحثات التي كشف عنها معاون وزير التجارة الداخلية التابع للنظام جمال شعيب والتي تهدف لإنشاء متجر للمنتجات الغذائية الإيرانية داخل فروع المؤسسة السورية للتجارة.
وتأتي هذه الخطوة استكمالا لخطة النظام في تصدير كل ما هو متاح من سلع ومنتجات شحيحة أصلا في سوريا، كما تشير التصريحات الرسمية للنظام إلى إمكانية حدوث مقايضة بين المنتجات، وكلا الأمرين يقودان إلى نتيجة واحدة: زيادة رفع الأسعار في السوق السورية وتفاقم المجاعة في دمشق على حساب إثراء بعض التجار الموالين للنظام.
يقول أسامة القاضي رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا إن المباحثات التي يقودها العميد حشمتي بور مدير مؤسسة إيتكا للصناعات الغذائية والتحويلية الإيرانية مع مسؤولي النظام ستكون "وبالا على توفر المواد الغذائية في سوريا" لأن أحد أهم أهداف الزيارة هو تصدير المواد الغذائية التي يحتاجها الجانب الإيراني عبر نوع من المقايضة تدخل تحت حسابات استحقاقات مالية باتجاه النظام، حيث تأخذ إيران ليس ما يفيض عن حاجة السوريين فقط وإنما حاجة السوريين أنفسهم وهذا سيؤدي إلى نقص في السلعة المطروحة.
سلع سورية بكلفة صفر
تصريحات النظام أوضحت أنه تم التفاهم مع الجانب الإيراني على تخصيص فرع لشركة "إيتكا للصناعات الغذائية " الإيرانية، لدى المؤسسة السورية للتجارة في دمشق، مع بحث إمكانية مقايضة السلع بين البلدين، وتأسيس شركة مشتركة لتجارة المنتجات الغذائية.
وجاءت المباحثات بحسب وكالة أنباء النظام سانا خلال زيارة الوفد الاقتصادي التابع للنظام إلى طهران، والذي ضم معاوني وزيري التجارة الداخلية والصناعة، والمدير العام للمؤسسة السورية للتجارة ومدير المؤسسة العامة للصناعات النسيجية.
وعن حاجة إيران للسلع السورية بالرغم من تدهور قطاع الصناعة الغذائية في سوريا يوضح قاضي "لا يمكن للإيرانيين أن يحرموا أنفسهم من مكاسب لسلع سورية مطلوبة في السوق الإيرانية، أما السوريون فهم مضطرون لقبول عقود إذعان؛ لأن الشركات حكومية، ولا يهمها الربح وملتزمة بخط النظام في دفع فواتيره".
ويتابع قاضي بأن السوق الإيرانية كبيرة جداً وتستوعب كل السلع الغذائية السورية، وخاصة أنها "مقايضة فيما لا يتم تصريفه من السلع الإيرانية بسبب قلة جودته أو سمعة منتوجه".
ويضيف "تعاني إيران أيضا من شح في السلع بسبب الحصار على مدى نصف قرن وتزويدها بسلع غذائية سورية تسد حاجة في السوق الإيرانية، خاصة أن كلفتها تقريبا صفر لأنها مقايضة مع سلع إيرانية وجزء من دفع فواتير الديون الإيرانية".
النفوذ من باب السلعة
تنتشر السلع الإيرانية بشكل ملحوظ في أسواق دمشق وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن النظام إلى أن قيمة الصادرات الإيرانية إلى سوريا بلغت 104 ملايين دولار في الفترة من آذار 2020 وحتى شباط 2021.
يلاحظ خالد التركاوي الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات سببين مباشرين للمباحثات مع إيران الأول يتعلق بتمويل الميليشيات الشيعية في سورية بينما يتمثل الثاني في وجود رغبة إيرانية في زيادة النفوذ من باب نشر السلعة الإيرانية في البيوت السورية.
يوضح "التركاوي" خلال حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أنه "عندما تحصل إيران على ركن خاص في فروع المؤسسة السورية للتجارة التي باتت اليوم البائع رقم واحد للسلع الاستهلاكية السورية فسوف تحقق دخلا ثابتا وستضمن موارد دائمة يمكن أن تذهب عوائدها باتجاه الميليشيات الإيرانية المتمركزة في سوريا".
الجانب الأهم في فكرة المتجر بحسب "التركاوي" هو لجوء إيران لتطبيع العلاقات مع المجتمع السوري من باب ضخ منتجاتها داخل السوق السورية ليعتاد المجتمع عليها مع الأخذ بعين الاعتبار ما لهذه المنتجات من تأثير كبير في المستقبل على ثقافة المجتمع، وهي جزء من خطة شاملة بدأتها طهران على الصعيد السياسي ثم العسكري.
ويتابع "لدينا إذن خطة متكاملة من ضمنها اختراق الأسرة السورية عن طريق المنتجات".
المواطن هو الضحية
في المجمل، يمكن الجزم في حال جرى تصدير سلع غذائية مصنعة في سوريا إلى إيران بحدوث ارتفاع مقبل يطول المواد الغذائية في السوق السورية، شح المواد التموينية والاستمرار في تصديرها سيرفع الأسعار أكثر، كما يساهم استيراد مواد غذائية من إيران في زيادة أسعار السلع المحلية.
يقول أسامة القاضي إن هذه الخطط بين المؤسستين الإيرانية والسورية لن تعود بالفائدة على المجتمع السوري لا على صعيد العرض أو تخفيض الأسعار ورفع الطلب، بل لها انعكاسات سلبية في حال نجحت عملية المقايضة بشكل كبير.
بالرغم من استبعاده فكرة تصدير السلع السورية نحو إيران بشكل مكثف بسبب كلفة النقل، يؤكد خالد التركاوي بأن النظام يحاول دائما تصدير منتجات سورية نحو الخارج بهدف استجرار القطع الأجنبي، ويضيف "استمرار استراتيجية التصدير لأي شيء متاح ستؤدي إلى رفع الأسعار بكل تأكيد".