يواجه اللاجئون السوريون ممن يريدون استخراج رخصة القيادة في أوروبا العديد من المشاكل على الصعيدين المادي والقانوني، دون أن تشفع للكثيرين منهم خبرة سنوات بقيادة السيارات في سوريا.
حيث وجد اللاجئ السوري وغيره من الجنسيات الأخرى، فرقا شاسعا بين قوانين السير وطريقة استخراج الرخصة في بلد الأصل وأوروبا، بالتزامن مع عدم السماح له بالقيادة اعتماداً على الرخصة المستخرجة من سوريا إلا لفترة معينة، وبعدها ينبغي عليه التقديم لاستخراج رخصة جديدة من البلد الذي يقيم فيه بأوروبا.
استحالة تعديل رخصة القيادة
تامر حسيب حقوقي متحدثاً لموقع تلفزيون سوريا "تعتمد حكومات الاتحاد الأوروبي كما الكثير من الدول الأخرى، قانون يسمح للاجئ الحاصل على حق الإقامة بإحدى دول الاتحاد القيادة لمدة 6 شهور كما في هولندا وألمانيا و12 شهر كما في فرنسا برخصته المستخرجة من بلده الأم أو بلد آخر كان يقيم فيها خارج الاتحاد الأوروبي أو السوق الأوروبية."
حيث يبدأ حساب المدة اعتباراً من تاريخ تسجيل دخول اللاجئ للبلد الذي ينوي تقديم طلب اللجوء فيه، بعد هذه المدة لن تكون رخصة القيادة صالحة، وفي حال ضبط حامل الرخصة المنتهية وهو يقود دون حصوله على رخصة معترف بها من دول الاتحاد، فسوف يتعرض للمساءلة القانونية، وعقوبتها ستكون بنفس عقوبة من لا يحمل رخصة.
يتابع حسيب "لم يستطع معظم اللاجئين الاستفادة من القانون، فمع وصوله لإحدى دول الاتحاد الأوروبي وتقديم طلب اللجوء، تؤخذ جميع الأوراق الثبوتية الخاصة به ليتم فحصها فيما إذا كانت مزورة أو لا."
حيث لا يتم إرجاع تلك الثبوتيات إلا بعد الحصول على قرار الإقامة، وهي مدة طويلة تتراوح بين 3 شهور حتى 12 شهرا، تكون فيه مدة السماح بالقيادة قد انتهت دون الاستفادة منها.
يكمل حسيب قائلاً: "يندرج اللاجئ السوري بين بلدان دول العالم الثالث، رعايا هذه الدول بخلاف رعايا دول الاتحاد الأوربي ورعايا المنطقة الاقتصادية الأوروبية، تطبق عليهم قوانين خاصة بخصوص تعديل رخصة القيادة".
ويطلب من اللاجئ السوري الحاصل على حق الإقامة بمعظم دول الاتحاد، اختبار نظري وعملي دائماً ، وكأنه يقوم باستخراج الرخصة لأول مرة، وهو أمر غير مطلوب من رعايا دول أوروبا والمنطقة الاقتصادية الأوروبية.
في هولندا
يخضع اللاجئ السوري الحاصل على حق الإقامة لفحص نظري وعملي، وعدد من دروس القيادة لدى أحد مدربي القيادة، ممن يحملون تراخيص من الحكومة الهولندية، تصل كلفة عملية استخراج ترخيص القيادة إلى مبلغ 1700 في الحالة العادية، موزعة ما بين نظري ودروس للتدريب على القيادة وعملي.
حسام الراوي مدرب قيادة في هولندا قال لموقع تلفزيون سوريا: "يعاني المتقدمون السوريون وغيرهم من الجنسيات العربية من عدة مشاكل عند استخراج شهادة القيادة في هولندا، تكون بين صعوبة دراسة منهاج النظري وارتفاع أسعار حجز مواعيد التقدم لامتحانات النظري والعملي، بالإضافة لارتفاع أسعار دروس تعليم القيادة تحت إشراف مدربين هولنديين وعرب، وخصوصاً المتقدمين للامتحان باللغة العربية المميز بكلفته المالية المرتفعة.
تكلفة مرتفعة للغة العربية
يتابع الراوي "هناك ثلاثة أسعار تختلف باختلاف لغة التقديم، حيث يسمح للمتقدم السوري الاختيار بين ثلاثة لغات لتقديم الفحص النظري وهي: 41 يورو كلفة حجز موعد لتقديم الامتحان النظري باللغة " الهولندية "، و36 يورو كلفة حجز موعد لتقديم الامتحان النظري باللغة " الإنجليزية "، 300 يورو كلفة حجز موعد لتقديم الامتحان النظري باللغة العربية، وهنا تكمن المشكلة".
حيث قام مكتب رخصة القيادة الحكومي في هولندا " cbr" بوضع شرط، أنه لا يمكن لأي متقدم حجز موعد لتقديم امتحان النظري باللغة العربية إلا عن طريق إحدى مدارس القيادة العربية صاحبة الترخيص، بحجة وجوب حضور مترجم مرافق يتكلم اللغة العربية مع المتقدم.
ساعات التدريب غالية
عند نجاح المتقدم في الفحص النظري يبدأ المرحلة الثانية، وهي أخذ دروس في كيفية القيادة على الأراضي الهولندية، يتقاضى المدربون مبالغ مرتفعة لا يستطيع حاملي الإقامة من الجنسية السورية من تسديدها.
صبحي مارديني متحدثاً لتلفزيون سوريا: "هي المرة الثالثة التي أرسب بالامتحان العملي، وذلك بعد نجاحي بالنظري من أول مرة، يكمل مبتسماً بالعامية " طلع الفرق يا صاحبي "
يتابع " بدأت بالبحث عن مدرب بإحدى المدن الهولندية بهدف تعلم القيادة حتى وجدت أحدهم في مدينة " روتردام " يتحدث اللغة العربية؛ يتقاضى على كل ساعة تدريب 40 يورو، دفعت 750 يورو مقابل 20 درس وحجزت موعد لتقديم امتحان العملي ب 250 يورو، ولليوم رسبت ثلاث مرات متتالية بأسباب غريبة، الأولى المبالغة بالحذر عند تقاطع الطرق، والثانية لأن " الفاحص" لم يشعر بالأمان معي، والثالثة للضغط على البنزين بشكل زائد.
ألمانيا
لم يواجه اللاجئون السوريون الصعوبات في تعديل أو استخراج رخصة القيادة فقط في هولندا، بل تمتد لتشمل معظم دول الاتحاد الأوروبي بمن فيهم ألمانيا والنرويج وبلجيكا.
أحمد حمام قانوني متحدثاً لتلفزيون سوريا: ألمانيا كمعظم دول الاتحاد الأوروبي، يجب على اللاجئ السوري التقدم للفحصين النظري والعملي لاستخراج رخصة قيادة جديدة، وتتراوح تكلفة إصدار الرخصة بين 2 حتى 3 آلاف يورو تختلف الأسعار باختلاف المدن .
الامتحانات النظرية والعملية
يتابع حمام: "يستطيع اللاجئ تقديم الامتحان العملي في ألمانيا ب 11 لغة من بينها العربية، وتجري الامتحانات في مكاتب رخص القيادة الحكومية الموزعة في المدن الكبرى، يعطى المتقدم مهلة سنة واحدة لتقديم امتحان العملي إذا انقضت قبل تقديم الامتحان العملي والنجاح به، يكون عليه إعادة النظري مرة أخرى".
بعد اجتياز الامتحان النظري يمكن التقديم على العملي مباشرة، وذلك بعد أخذ دروس في كيفية القيادة على الأراضي الألمانية كما هو الحال في هولندا.
تساهل في فرنسا
لا يتعامل الاتحاد الأوربي عادةً بقوانين واحدة، فلكل دولة قوانين وشروط خاصة، هنا تتساهل فرنسا مع اللاجئين السوريين فيما يخص شهادة القيادة الصادرة من بلادهم.
حيث تطلب الحكومة الفرنسية ممن يريدون الإقامة في فرنسا في البلاد لأكثر من سنة سواء للاجئين سوريين أو غيرهم، القيام بتبديل رخص القيادة الصادرة من بلدان الأصل أو أي بلد آخر خارج الاتحاد الأوروبي برخص قيادة فرنسية " دون إجراء امتحانات نظرية أو عملية" كما في هولندا أو ألمانيا.
كما ووضعت عدة شروط ليست بالشديدة لاستبدال الرخصة؛ أن تكون صالحة، أن يكون قد حصل اللاجئ السوري عليها قبل دخوله لفرنسا. وأن تكون صدرت من دولة يوجد فيها اتفاق بخصوص تبادل رخص القيادة، وتسليم رخصة القيادة التي حصل عليها من بلده.
أما في حال لم يستوفِ اللاجئ السوري وغيره من الجنسيات الأخرى الشروط المذكورة أعلاه، فسوف يكون عليه اجتياز امتحان القيادة في فرنسا كما ولو أنه يريد إصدار رخصة لأول مرة في حياته.