يكافح الشباب في الشمال السوري للحصول على فرصة عمل، في ظل ارتفاع نسبة البطالة بين السكان وشح مصادر الدخل، ما يدفع كثيرا منهم إلى ابتكار وسائل غير تقليدية لتأمين عمل يساعدهم على كسب المال وإعالة أسرهم.
الشاب محمد بكور، من مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، كان أحد الشباب الذين عملوا بجد لتأمين عمل خاص بهم، إذ افتتح مشروعاً صغيراً سماه "كومجي الفزعة"، لإصلاح إطارات السيارات المتعطلة من دون التقيد بمكان محدد، مستعيناً بسيارته المزودة بالمعدات اللازمة، لتصبح أشبه بـ "محل متنقل".
فكرة فريدة من نوعها
يعاني سائقو السيارات في شمالي حلب من الأعطال المتكررة في إطارات آلياتهم بسبب وعورة الطرق، وفي غالب الأحيان يتعذر وصول السائق إلى المحال المخصصة للتصليح بسهولة، ومن هنا أتت فكرة "كومجي الفزعة" للوصول إلى السيارة المتعطلة في موقعها بعد الاتصال بالقائم على المشروع عبر رقم مخصص.
وقال الشاب محمد بكور، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إنه كان ينوي افتتاح محل خاص بإصلاح الإطارات، وبحث لفترة طويلة عن محل يتناسب مع إمكاناته، إلا أن ذلك تعذّر بسبب إيجارات المحال المرتفعة، والتي تتراوح بين 100 و 150 دولاراً.
وأضاف بكور أن شقيقه يملك سيارة كبيرة نوعاً ما، فاقترح عليه تحويلها إلى محل "كومجي متنقل" مزوّد بالمعدات اللازمة، ويعتمد بشكل رئيسي على إصلاح إطارات السيارات في حال تعطلت على الطرقات البعيدة عن مركز مدينة اعزاز، ويتعذر نقلها إلى "كومجي ثابت".
وأشار إلى أن المشروع انطلق قبل أسبوعين، واستجاب خلال هذه الفترة إلى عدة أشخاص طلبوا المساعدة بعد تعطل آلياتهم، سواء في أوقات متأخرة من الليل، أو في أماكن بعيدة عن محال التصليح، مضيفاً أن الاستجابة تتم بعد الاتصال به، أو التواصل عبر تطبيق "واتساب".
نطاق عمل محدود
يتركز عمل "كومجي الفزعة" حالياً، في مدينة اعزاز والبلدات القريبة منها، مثل كفركلبين، وكفرجنة، وقطمة، وسجو، وندة، ونيارة، وشمارين، وشماريخ، وبحسب بكور، فإنه يتقاضى 70 ليرة تركية لقاء تصليح الإطار، في حال كانت السيارة بمدينة اعزاز، و100 ليرة في حال كانت ضمن البلدات القريبة، مع حساب مصروف "المازوت" في "سيارة الفزعة".
ويرى بكور أن مشروعه يعتبر فريداً من نوعه على المستوى المحلي، مشيراً إلى أن والده اقترح الفكرة عليه بعدما استوحاها من مهن مشابهة في تركيا، وانطلق بها بكلفة قدرها 1500 دولار، من دون حساب ثمن السيارة.
من جهته، أبدى الشاب عدي مسطو -صاحب سيارة أجرة في مدينة اعزاز- إعجابه بفكرة "كومجي الفزعة"، لكونها تنهي معاناته بـ"رنة هاتف" بحسب قوله، في حال تعطلت سيارته في أثناء تأدية أحد الطلبات في المدينة أو ريفها.
وأضاف مسطو في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن الفكرة مفيدة لكثير من أصحاب "باصات النقل الصغيرة" أو التكاسي، خاصة أولئك القاطنين في المخيمات المحيطة بمدينة اعزاز، مضيفاً أن بعض السائقين يعانون من أعطال مفاجئة في إطارات سياراتهم ويكتشفون ذلك صباحاً قبل الخروج إلى العمل، وبذلك يكون "كومجي الفزعة" خياراً مناسباً لهم، في حال تعذر وصولهم إلى محل تصليح بالقرب منهم.
يشار إلى أن ارتفاع إيجارات المحال وعدم امتلاك معظم العمال في شمالي سوريا للسيولة المالية الكافية لافتتاح مشاريعهم الخاصة، يدفعهم إلى العمل بمجالات لا تحتاج إلى رأس مال كبير، كافتتاح "بسطات" لبيع الخضر أو المحروقات، أو المأكولات السريعة.