وجهت السلطات الكندية اتهامات رسمية للشاب شيروز تشودري (25 عاماً)، بتزوير انتمائه سابقاً لتنظيم الدولة، وخداعه لكثير من وسائل الإعلام العالمية بقصص متناقضة، بثّت الرعب في المجتمع الكندي.
وهذه المرة لم توجه السلطات الكندية تهمة الإرهاب لشخص يعيش في كندا، بل حصل العكس وكانت التهمة "الإرهاب الوهمي المخادع وبث المعلومات الكاذبة التي تثير الرعب في المجتمع".
ومنذ العام 2016 ظهر شيروز المنحدر من أصول باكستانية وابن صاحب مطعم كباب وشاورما، في لقاءات مع صحف ووسائل إعلام تحت اسم "أبو حذيفة"، وروى قصصاً متناقضة الأحداث والأزمان عن قتاله في صفوف تنظيم الدولة وأنه يعيش الآن بحرية في كندا. ما أثار نقاشاً حاداً داخل البرلمان الكندي.
ونالت صحيفة نيويورك تايمز جائزة بيبودي، على بودكاست حمل عنوان "الخلافة"، يروي قصة شيروز أو أبو حذيفة كما يلقّب نفسه، ومشاركته في عملية إعدام تاجر مخدرات، وقال "كان دمه ساخناً وانتشر في كل مكان.. كان قبل إعدامه يبكي ويصرخ". وزعم أنه قام بطعن تاجر المخدرات المفترض عدة طعنات بخنجره قبل أن يطعنه في القلب.
واعترف شيروز الذي يحمل الجنسيتين الباكستانية والكندية، في مقابلة تلفزيونية لشبكة الأخبار CBC أنه أعدم شخصاً آخر بطلقة في رأسه من الخلف. وفي لقاء إعلامي لاحق ناقض تشودري رواية القتل بالخنجر، قائلاً إنه لم يقتل أحداً.
وعبر صفحة على فيسبوك، استخدم تشودري لقب "أبو حذيفة"، ووصف نفسه بـ "المجاهد"، وقالت الشرطة الكندية في بيان، إن منشورات ومقابلات تشودري، إضافة إلى ظهوره في برامج تلفزيونية لتكرار مزاعمه، "أثار قلقاً بين الكنديين حول السلامة العامة"، ويوحي للمواطنين بأن "هناك تهديداً محتملاً"، رغم أن الشرطة توصلت إلى عدم وجود تهديد حقيقي.
ويسمح قانون الإرهاب الوهمي للسلطات الكندية بمحاكمة أولئك الذين يقدمون بلاغات كاذبة عن تهديدات بقنابل أو يرسلون رسائل تحوي مواد غريبة لإثارة الخوف. ويستند القانون إلى أن مثل هذه البلاغات تنشر المخاوف بين الناس وتستهلك موارد الشرطة.
وأوضح أستاذ القانون البروفيسور مايكل نيسبيت لموقع "غلوبال نيوز" بأن فبركة مزاعم عن الانتماء لتنظيم إرهابي "لم يشهد لها مثيلاً من قبل".
وفي حين يمكن أن تصل عقوبة التهمة إلى السجن لخمس سنوات، أشار نيسبيت إلى أن مزاعم تشودري قد تعطي انطباعاً بأن عناصر تنظيم الدولة يعودون من سوريا، وأن الشرطة غير قادرة على إيقافهم.
واستغلت المعارضة المحافظة قضية سيروز للهجوم على الحكومة الليبرالية، متسائلة عن سبب عدم اعتقال تشودري وتركه يتحرك بحرية.
سلسلة من التناقضات والفبركات
بحسب ما كتب شيروز على حسابه في إنستغرام، فإنه قضى أقل من سنة بقليل في سوريا، في حين قال لموقع غلوبال نيوز بأنه أمضى أقل من ستة أشهر هناك.
ويزعم أنه ذهب إلى سوريا في كانون الثاني 2014، في حين أن وثائق تشير إلى أنه كان حينها يدرس في جامعة لاهور في باكستان، حيث التحق بالجامعة ابتداء من عام 2013، وبعد عودته إلى تورنتو في كندا عام 2016، بدأ بنشر مزاعم عن ذهابه إلى سوريا خلال فترة غيابه.
وهو يزعم أنه استخدم جواز سفره الباكستاني للسفر إلى سوريا، قبل أن يصاب بخيبة أمل من التنظيم ليقرر الفرار عبر تركيا والعودة إلى باكستان، ثم إلى كندا، كما يقول.
نيويورك تايمز تحاول الدفاع عن نفسها
من جهتها، دافعت روكميني كاليماشي، مراسلة صحيفة نيويورك تايمز التي أعدت برنامج "الخليفة"، عن اعتمادها على رواية تشودري، وكتبت على تويتر أن البودكاست حاول التدقيق في رواية شيروز، "وفي الفصل السادس يشرح الخيوط المعقدة في قصته وما يمكننا وما لا نستطيع تأكيده".
وأوضحت المراسلة بأنه "من بين أسئلتي الدائمة - السؤال الذي أنهينا البودكاست به - هو اللغز لماذا لم توجه الحكومة الكندية أي تهمة له.. حقيقة أنه كان متطرفاً ومؤيداً لداعش منتشرة في جميع وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به".
وشكّكت كاليماشي بالقرار الكندي الذي يعتبر أن شيروز ليس إرهابياً بقولها في سلسلة التغريدات "إذن، ألم يتهموه لأنهم لم يتمكنوا من إثبات أنه ذهب إلى سوريا؟ أخبرتنا عدة وكالات استخبارات أميركية أنه كان هناك وقد حددنا موقعاً جغرافياً له وهو يطلق النار بمسدس فوق نهر في سوريا. لكننا نعلم أيضاً أنه لم يسافر بجواز سفره الخاص".