تشتهر مناطق جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي بتصدير مختلف أنواع الكرز الفاخر، والذي يُعد ثقافة زراعية يتميز بها أهالي الجبل، ويُفضّله معظم السوريين على غيره من أنواع الكرز، حيث يتوافد سكّان المناطق الشمالية جنوباً باتجاه جبل الزاوية من أجل شراء الكرز.
وقال علاء الدين فطراوي -مزارع من قرية جوزف- لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّه لا يمكن حصر الكرز بتاريخ معين، إذ يجهل أهالي جبل الزاوية منذ متى وجدت أشجار الكرز في أراضيهم، مضيفاً: "لا أحد منا يعرف بالضبط تاريخ الكرز في مناطقنا، لكننا نعرف أن الكرز الجبلي اشتهر منذ نحو 70 عاماً، وأن أراضي الجبل قبل ذلك كانت عبارة عن أشجار زيتون وتين، كما اشتهرت بالحنطة والشعير".
وأشار "فطراوي" إلى أنّه اطَّلَع على وثائق عثمانية تعود إلى أكثر من 150 عاماً، إلى أيام الولاية وقضاء أريحا، حيث احتوت على مسائل زراعية، وأكّد أنه ذُكرت فيها أشجار الكرز والوشنة.
وبحسب سكّان جبل الزاوية فإن أراضي الجبل كانت تصدّر الكثير من مواسمها إلى روسيا ودول الخليج قبل اندلاع الثورة السورية، موضحاً "فطراوي" أنّه "بعد الثورة السورية أُغلِقت المنافذ التجارية وتحوّل الاستهلاك إلى استهلاك محلي فقط، وعلاوة على ذلك أصبحت مناطق الشمال السوري تستورد من تركيا كرزا تركيا، ما جعل أسعار الكرز السوري الأصلي ينخفض".
يُعرف كرز جبل الزاوية بأنه من أجود وألذِّ أنواع الكرز في العالم، وبحسب "فطراوي" مستذكراً أيام دراسته في الجامعة، فإن التجّار الأجانب عبّروا عن مدى إعجابهم بالكرز الجبلي وتحدّثوا كثيراً عن جودته وطعمه المميز.
وقد اختلفت العوائد المادية لموسم الكرز بعد الحرب السورية، حيث أفاد "فطراوي" بأنّه كان ينقل محصوله من الكرز إلى سوق أريحا، بين عامي 2005 و2006، وفي ذلك الوقت كان يصل سعر الكيلو الواحد من الكرز الجبلي إلى 115 ليرة سورية، وهو سعر يُعد مرتفعاً في تلك الأثناء.
من جانبه، قال عمر عوض فطراوي -والد علاء- لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "طقس جبل الزاوية مناسب جداً لثمار الكرز، وقد ظهرت أشجاره في الجبل عن طريق الجمعية الفلاحية، منذ العام 1960، وقد صُدّر إلى كثير من الدول، أما الآن فقد اقتصر التصدير على مناطق شمال غربي سوريا، بعد إغلاق الطرق وسبُل التصدير إلى الخارج"، مشيراً -نقلاً عن معارفه المغتربين- إلى أنّ "الكرز يُباع في أوروبا بالحبة الواحدة نظراً لغلاء سعره".
ولفت إلى أنّ "شجرة الكرز هي شجرة حسّاسة للغاية ولطيفة، وتحتاج إلى طقس معين صيفاً وشتاءً، حيث تحتاج في الشتاء إلى عدة أسابيع من الجليد حتى تموت الحشرات التي تسكنها، وصيفاً تحتاج إلى نسمات عليلة أيضاً، وهذا ما يمتاز به طقس جبل الزاوية".
وتابع: "لكن شجرة الكرز ليست شجرة معمِّرة مثل شجرة الزيتون، لذلك قال أجدادنا مثل شعبي: (عشرة تعب وعشرة ذهب وعشرة حطب)"، موضحاً أنّ هذا المثل يحكي دورة حياة شجرة الكرز التي تحتاج أول عشر سنوات إلى جهد وتعب الفلاح، والعشرة الثانية هي ذروة عطائها، والعشرة الأخيرة نهاية حياتها".
يشار إلى أنّ مزراعي جبل الزاوية يعانون من انخفاض أسعار الكرز مقارنة بأسعار المبيدات الحشرية والأدوية الزراعية التي يحتاجونها لأراضيهم، إضافة إلى تخوّف الأهالي من استهدافات قوات النظام السوري في أثناء قطافهم للموسم، لاسيما الأراضي القريبة من خط التماس، حيث سبَق أن استهدف النظام -أكثر من مرة- المدنيين، خلال عملهم في الأراضي.