أصدرت منظمة "مع العدالة" كتاباً بعنوان"شبكة رجال الأعمال لتمويل النظام السوري والتحايل على العقوبات الدولية" يوثق طرق نظام الأسد في التحايل على العقوبات الدولية المفروضة عليه، بالاعتماد على شبكة من رجال الأعمال والتجار تجاوز عددهم المئتين.
وقالت المنظمة لموقع تلفزيون سوريا إنها قبل إصدار الكتاب سلطت الضوء على مجموعة من التجار المقربين من القصر الجمهوري، من خلال حملة "رجال أعمال الأسد"، وتحدثت الحملة حينها عن 70 شخصية ارتبطت بالنظام لتشكيل مجموعة من تجار الحرب الذين تضاعفت ثروتهم على حساب معاناة ملايين السوريين.
وأشارت المنظمة إلى أن اختيار تلك الشخصيات تم من خلال الكشف عن نمط الانتشار الشبكي لمجموعة المتمولين الذين اعتمد عليهم بشار الأسد وعزز سلطته من خلالهم عبر تمكينهم من السيطرة على سائر مفاصل الاقتصاد السوري خلال السنوات التسع الماضية.
والشبكة المقربة من النظام تضم رجال أعمال سوريين، عدد منهم يعيش ويدير تجارته من دول أخرى كروسيا ودول الخليج وتركيا.
علاقة تجارية مع تنظيم الدولة والوحدات
فرض الاتحاد الأوروبي عقوباته على النظام، في كانون الأول 2011، وفي كل عام يعيد الاتحاد نظره في تلك العقوبات ويمددها، وتشمل العقوبات تقييد الاستثمارات، وحظر تصدير المعدات التقنية والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها لممارسة العنف وقمع المدنيين وحظر النفط.
وفي منتصف عام 2012 أدى خروج حلب وأجزاء كبيرة من ريفي حلب وإدلب عن سيطرة النظام إلى تقليص موارد النظام، الذي تلقى ضربة جراء خروج آبار نفط كثيرة عن العمل في دير الزور، ما دفع النظام إلى تسليم مهام حماية وحراسة منشآته النفطية في رميلان لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD مقابل 40 في المئة من النفط للحزب، ومن ثم التخلي عن إدارة نفط رميلان إنتاجاً وبيعاً للحزب.
ولم تكد فصائل المعارضة والجيش الحر تسيطر على حقول النفط في دير الزور والشدادي، حتى داهمها تنظيم الدولة منتصف عام 2014 ،وسيطر على آبار النفط فيها، وبذلك باتت حقول النفط والغاز في غالبيتها العظمى تحت سيطرة التنظيم أو تحت حماية وحدات حماية الشعب، بحسب "منظمة مع العدالة".
وعلى الرغم من خروج منابع النفط والغاز ومنشآتهما عن سيطرة النظام، إلا أن موارده من الطاقة بقيت كافية لتشغيل آلته العسكرية ومنشآته الحيوية، وذلك نتيجة استمرار موظفي حقول نفط رميلان في أعمالهم وقبض رواتبهم من حكومة النظام رغم تبعيتهم لحزب الاتحاد الديمقراطي، كما استمرت عبوات الغاز المنتجة في معمل السويدية بالتدفق إلى كل أرجاء محافظة الحسكة. وكذلك الحال بالنسبة للآبار الخاضعة لتنظيم الدولة. ويتم نقل النفط إلى مناطق سيطرة النظام عبر وسطاء أبرزهم "القاطرجي".
ولأجل الحصول على التمويل الذي بلغ 40 مليون دولار شهرياً من عائدات النفط عام 2016 بحسب وثائق القوات الأميركية، أسس تنظيم الدولة علاقات استثمارية مع رجال أعمال مرتبطين بنظام بشار الأسد.
تأسيس شركات وهمية
في أيلول 2018 فرضت واشنطن على كيانات منتشرة في سوريا ولبنان والإمارات كانت تقوم بتأمين شحنات النفط والغاز للنظام وتأمين المدفوعات المالية للمنتجات النفطية، عبر حسابات مصرفية تابعة لكيانات حكومة النظام والشركات الأمامية.
واعتمد النظام على "الأف شور" ويشير المصطلح إلى تمركز الشركة في بلد ما من بلدان الملاذات الآمنة، وتنفيذها أعمالاً لصالح جهة ثالثة كالنظام.
ويوضح الكتاب أن بداية التحايل على القانون كانت مع رامي مخلوف ابن خال الأسد، الذي أسس عام 2002 شركة »سيرياتيل« الخاصة بخدمات الهاتف المحمول، وحصل على نسبة 10 في المئة منها في سوريا، ونسبة 63 في المئة لشركة وهمية قام بتأسيسها في جزر العذراء البريطانية تحت مسمى "دركس تكنولوجي" وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية فإن الشركات الثلاث بانغاتس إنترناشيونال وماكسيما ميدل إيست ترايدينغ مورغان أديتيفز، وفرت الوقود لطائرات النظام الحربية، التي قتلت عشرات آلاف المدنيين منذ بداية الثورة عام 2011.
ما أهمية المعلومات التي يقدمها الكتاب؟
تقول منظمة مع العدالة لموقع تلفزيون سوريا، إنها لقيت تفاعلاً دولياً كبيراً في الحملة السابقة "القائمة السوداء" وَالتي تم الكشف فيها عن نحو 100 شخصية أمنية والجرائم والانتهاكات التي ارتكبوها بحق الشعب السوري، وذلك لمحاسبة الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، واستمرت الحملة الثانية (شبكة رجال أعمال الأسد) لنحو أربعة أشهر تم من خلالها كشف الجرائم الاقتصادية والدور الذي قام به رجال أعمال الأسد لتمويل الجرائم بحق السوريين، حيث تواصلت مع المنظمة مختلف الجهات الفاعلة على الصعيد الأممي والدولي.
وتضيف المنظمة أنها تهدف من خلال حملة "رجال أعمال الأسد" إلى التأكيد على ضرورة محاسبة الجناة وجلبهم للعدالة تمهيداً لجبر الضرر ولتحقيق الانتقال السياسي والمصالحة المجتمعية في سوريا.
والتأكيد على أنه لا مجال لشرعنة بشار الأسد والفئة المحيطة به ممن أجرموا بحق السوريين وَساهموا في أكبر مجزرة شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت حزمة من العقوبات هي الأشد بموجب قانون قيصر في 17 من حزيران الماضي، حيث استهدفت الدفعة الأولى بشار الأسد وزوجته وشخصيات وكيانات أخرى، في حين أضافت الدفعة الثانية من العقوبات نجل الأسد حافظ و ورجل الأعمال وسيم قطان والفرقة الأولى التابعة لـ قوات النظام وتسعة كيانات إلى القائمة.
وشددت واشنطن على أن العقوبات ستتواصل بحق داعمي النظام إلى أن يلتزم بالقرارات الدولية، مؤكدة أن قانون قيصر لن يستثني أحداً من داعمي النظام أفراداً وكيانات ودولاً.