خفف القضاء الهولندي حكماً سابقاً على لاجئ سوري متهم بأنه كان "قياديا" في جبهة النصرة إلى السجن ستة أعوام ونصف، وسط معلومات صحفية عن ارتباطات سابقة له بالمخابرات الهولندية، في حين أعلنت النيابة أنها ستستأنف ضد الحكم أمام "المحكمة العليا".
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية: "دانت محكمة الاستئناف في لاهاي رجلاً من سوريا بتهمة المشاركة في تنظيم جبهة النصرة الإرهابية في الفترة ما بين 1 كانون الثاني (يناير) 2012 و 1 آب (أغسطس) 2013، كما أدين بارتكاب أعمال تحضيرية لجرائم إرهابية وحيازة اثنين من جوازات السفر السورية المزورة".
لماذا خُفف الحكم؟
وحكمت عليه المحكمة بالسجن ستة أعوام وستة أشهر على هذا الأساس، وخلصت المحكمة إلى أنها أثبتت أن المشتبه به التحق بجبهة النصرة في سوريا وشارك بالفعل في العمل المسلح، ولعب دوراً مهماً داخل هذا الفصيل المسلح.
وكانت محكمة روتردام قد حكمت على اللاجئ السوري بـالسجن 15 عاماً وتسعة أشهر بتهمة الإرهاب، كما طالبت النيابة الهولندية حينئذ بسجنه لمدة 22 عاماً ونصف العام.
النيابة تستأنف أمام "المحكمة العليا"
بدورها انتقدت النيابة قبل أيام الحكم الأخير ورفضت تخفيف الحكم وأعلنت أنها ستستأنف أمام المحكمة العليا للحكم على اللاجئ السوري بـالسجن 22 عاماً ونصف العام، بحسب ما قال الناطق باسم النيابة وفق وسائل إعلام هولندية.
وتم تخفيف العقوبة لأنه وفقاً للمحكمة لا يمكن إثبات أن عبد العزيز كان له دور قيادي داخل جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حاليا)، كما أخذت المحكمة في الاعتبار أن "المشتبه به لم يسع إلى أعمال العنف في سوريا مثل المقاتلين الذين سافروا من هولندا إلى سوريا"، وأنه وُلد ونشأ في سوريا وحين كان شاباً سُجن لست سنوات في سجن صيدنايا سيئ السمعة المعروف أيضاً باسم "المسلخ"، وفي أثناء سجنه تعرض للتعذيب بشكل متكرر.
وبين عامي 2011 و 2014، قيل إن عبد العزيز كان عضواً في النصرة وشغل منصباً رفيعاً، بحسب النيابة العامة الهولندية.
وفي عام 2014 جاء إلى هولندا وبدأ حياة جديدة في أمستردام، وفي عام 2017 شوهد في قاعة "دي بالي" حيث تم التعريف به كمقاتل جهادي من قبل أعضاء مجموعة "الرقة تُذبح بصمت" خلال عرض فيلم وثائقي عن الرقة "عاصمة الخلافة" لتنظيم الدولة "داعش".
وعبد العزيز نفسه قال إنه حضر في القاعة بناءً على طلب المخابرات الهولندية حيث كان مخبراً لهم وقال في وقت سابق إن "القضية أصبحت أكبر".
وشقيق عبد العزيز الأكبر أيضاً المدعو "فتح 44 عاما" مشتبه به في هذه القضية الجنائية لكن الجلسة تأجلت إلى العام المقبل، وكلا الرجلين اللذين كانا رهن الحبس الاحتياطي منذ نهاية 2018 أنكرا أي تورط لهما.
ما علاقته بالمخابرات الهولندية؟
وكانت وسائل إعلام هولندية ذكرت سابقاً أن عبد العزيز كان مخبراً لجهاز المخابرات الهولندية في الفترة ما بين 2016 و2018 وقام خلال تلك الفترة بالاجتماع مع اثنين من جهاز المخابرات، لكي يعرف ما هي المعلومات التي قدمها لجهاز المخابرات ومدى فائدتها.
وحصل أيضاً على أموال لقاء ما قدمه من معلومات ما مجموعه عدة آلاف من اليوروهات.
وبحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة الهولندية فإن المخابرات الهولندية "AIVD" طلبت منه أن يقدم لهم معلومات بما في ذلك معلومات عن السوريين في هولندا ووافق على ذلك واجتمع معهم ما لا يقل عن عشر مرات.
وتقول بياتريس دي جراف خبيرة الإرهاب في جامعة أوتريخت إنها لا تتفاجأ من أن المخابرات الهولندية تحاول الاتصال باللاجئين السوريين "إن هدف AIVD التعرف المبكر إلى التهديدات (..) ويجب عليهم القيام بذلك وقد تم توسيع صلاحياتهم لتحقيق هذه الغاية".
مقرب من الجولاني وصديق لصحفية هولندية!
وتم تداول اسم عبد العزيز في الأخبار في عام 2019 أيضاً حين تم ترحيل صديقته السابقة الصحفية الهولندية إنس بورسما من تركيا بسبب علاقته معها، وبحسب النيابة العامة فقد كانت قد ساعدت (عبد العزيز .أ) في الحصول على أوراق "مزورة" قبل مجيئه إلى هولندا.
وكانت النيابة العامة الهولندية قد قالت إن لديها "أدلة كافية" على تورط عبد العزيز، وأشارت إلى المحادثات التي تم التنصت عليها إضافة إلى أقوال الشهود.
ووفقاً للنيابة الهولندية، فقد ثبت أن الأخوين كانا يشغلان منصباً قيادياً وبالتالي بارزاً في جبهة النصرة، ويُقال إن عبد العزيز ينتمي إلى "دائرة المقربين" لزعيم "النصرة" أبو محمد الجولاني ويقال إنه تعاون مع قيادي في جبهة "النصرة" يدعى أبو لقمان وهو "العقل المدبر" المشتبه به وراء العديد من الهجمات الإرهابية الدموية التي وقعت في أوروبا سابقاً.
ونقلت صحيفة "دا فولكس كرانت" الهولندية عن شهود عيان في سوريا بعد تحقيق أجرته أن عبد العزيز كان يحتل مكانة بارزة في "جبهة النصرة" حيث كان أميراً في قرية "المنصورة" شرقي سوريا ومسؤولاً عن سجن النصرة الموجود فيها.
وذكرت للنيابة العامة الهولندية أنه كان هناك مسؤولاً بشكل جزئي عن أسر وتعذيب وقتل الجنود والموالين للنظام السوري والأشخاص الذين لم يعيشوا وفقاً لقواعد جبهة "النصرة"، بحسب صحيفة "دا فولكس كرانت".
وقال شهود للصحيفة إن فتح كان يستغل منصب شقيقه عبد العزيز في "جبهة النصرة" خلال وجوده في سوريا، ونقل عن أحد معارف العائلة قوله: "إذا كنت شقيقاً لعبد العزيز.. فهذا يكفي".