تحاول وسائل إعلام ألمانية أن تركز على الجانب السلبي من أي موضوع ذي صلة بالمهاجرين، لكن في الوقت نفسه يتم إغفال أرقام "استثنائية" لسرعة اندماج الجالية السورية في المجتمع الجديد مقارنة مع جنسيات أخرى، حيث حصل موقع تلفزيون سوريا على إحصائية تظهر أن 24 % من السوريين في ألمانيا حصلوا على وظيفة رغم العقبات والصعوبات.
وأظهرت إحصائية حصل عليها موقع تلفزيون سوريا من وكالة التوظيف الفيدرالية "Bundesagentur für Arbeit"، أن عدد العاملين السوريين في ألمانيا وصل إلى 192 ألف موظف من أصل 800 ألف سوري يعيشون في ألمانيا.
ومثالاً على التعاطي السلبي مع الوجود السوري في ألمانيا من قبل بعض الجهات السياسية والإعلامية، سبق أن كشفت إحصائية للوكالة الاتحادية للتشغيل في النصف الثاني من 2021 أن نسبة المهاجرين السوريين المعتمدين على معونات البطالة في ألمانيا تزيد على الثلثين، متجاوزة بكثير نسبة باقي اللاجئين من دول أخرى.
ويقول الخبير الاجتماعي سالم برقاوي، إن الرقم مرتفع جدا مقارنة بالتركيبة العمرية للسوريين في ألمانيا حيث إن جلهم تحت الـ24 سنة وهم في سن التعليم الجامعي وما قبل الجامعي أو التدريب المهني، وبحسب إحصاءات مكتب العمل فإن من هم في مرحلة التأهيل المهني "Auszubildende" قرابة 19 ألفاً وهم سينخرطون في سوق العمل فور تخرجهم.
وأكد برقاوي في حديثه لـ"تلفزيون سوريا" أنه وللأسف فإن أغلب وسائل الإعلام الألمانية ذات توجه يميني -وفي غالبيتها تحمل هذا التوجه بدرجات مختلفة- ولا تركز إطلاقا على النواحي الإيجابية للاجئين بمختلف جنسياتهم، ورغم أن هذه الأرقام صادرة عن جهة حكومية فإنه يندر أن يتم الاستناد إليها في وسائل الاعلام وفي برامج الـ"talk show" التي تتناول اللاجئين وما أكثر تلك البرامج.
نجاح رغم عقبات "لم الشمل"
وشدد برقاوي على نقطة "لم الشمل" وأن نسبة كبيرة ممن وصلوا في السنوات الثلاث الأخيرة لم يتمكنوا بعد من إتقان اللغة بالمستوى الذي يؤهلهم للانخراط بسوق العمل وهو ما يتم تجاهله تماما عند الحديث عن نسبة العاملين من بين السوريين.
وفسر برقاوي ضآلة نسبة العاملين بين اللاجئين السوريين مقارنة بجنسيات أخرى، قد يكون لها علاقة بموضوع لم الشمل، وخصوصاً وصولهم في ظل إغلاقات كورونا وعدم تمكنهم من الالتحاق بكورسات تعلم اللغة الألمانية وكذلك بنسبة النساء المرتفعة من هذه المجموعة، مشيراً إلى أن العديد من النساء السوريات لحقن بعائلاتهن في إطار لمّ الشمل، ولذا لم يمضين فترة طويلة في ألمانيا بعد، مضيفاً أنهن كثيرا ما يكن غير متاحات لسوق العمل بسبب رعايتهن لأطفال صغار.
وأوضح برقاوي أن عدد العاملين السوريين عام 2016 كان لا يتجاوز الـ30 ألفا وفي نهاية 2021 تجاوز العدد 192 ألف موظف، وهذا يدل على قفزة هائلة تعطي مؤشرا بأن السنوات المقبلة ستكون للعمالة السورية دور بارز في الاقتصاد الألماني مع تخرج طلاب جدد من الجامعات ومن مراكز التأهيل المهني.
المجنسون خارج الإحصائيات
أحمد طالب في جامعة هومبولت في برلين، وبالوقت نفسه يعمل في قسم الطلاب الأجانب في الجامعة، يقول إن الأرقام لا تعكس الحقائق، لأن نسبة لا بأس بها من السوريين حصلوا على الجنسية الألمانية بعد خمس أو ست سنوات من وصولهم وخرجوا بذلك من الإحصاءات، وهم بالتأكيد من العاملين ولا يتلقون أي نوع من المساعدات لأن الشرط الأساسي في الحصول على الجنسية أن يكون المتقدم يعمل بعقد عمل دائم وتجاوز الفترة التجريبية التي تمتد إلى ستة أشهر.
ولفت أحمد إلى أهمية تسليط الضوء على هذه الأرقام لأنها تعطي انطباعاً إيجابياً لدى المجتمع الألماني على عكس ما يشاع، رغم أن الإعلام الألماني لا يتحدث عن الجانب الإيجابي من نشاط اللاجئين في المجتمعات الجديدة.