إن كبير المهندسين محمد عبدي الذي تولى اليوم قيادة سفينة الشحن المشؤومة التي أصبحت بلا جنسية والتي تحمل اسم "جنان" (JINAN ) والتي تقطعت بها السبل في ميناء مومباسا منذ عام 2019، هو رجل قلق على الدوام.
فزنجبار التي كانت الدولة التي سجلت فيها تلك السفينة سحبت علم دولتها عقب تعرضها لضغوط من السلطات الكينية بعدما اكتشفت الأخيرة أن الظروف على ظهر السفينة أصبحت لا تطاق.
ولهذا أصبح هذا الرجل مع طاقمه المؤلف من 10 أشخاص يعيشون على الصدقات والتبرعات التي يقدمها لهم الطيبيون منذ أن تخلى عنهم مالك السفينة مالك لبادي بالرغم من قيامهم برحلة آمنة من ميناء روسي إلى ميناء مومباسا حيث قامت تلك السفينة بتسليم شحنة من الفولاذ المخصص للبناء.
في بداية الأمر، كان الطاقم مؤلفاً من 18 رجلاً، كلهم سوريون يعملون بجد على متن هذه السفينة اليابانية الصنع. ولكن بعد التخلي عنهم في ذروة انتشار جائحة كوفيد-19 في آذار 2020، ترك العمل أربعة من أفراد الطاقم قبل أن يغادر ثلاثة آخرون منهم عائدين إلى بلدهم بعد انتظار مضنٍ للحصول على أجورهم دون أي فائدة.
وفي يوم الاثنين الماضي، قام المدير العام لهيئة البحرية الكينية السيد روبرت نجوي بإرسال فريق مؤلف من ضابطين حملا المواد الغذائية التي تكفي لمدة أسبوع واحد لطاقم تلك السفينة.
وحول ذلك يقول السيد نجوي: "إننا نقوم بالاستجابة عبر المساعدات الإنسانية لمساعدة من تبقى من الطاقم السوري الموجود على متن هذه السفينة. فقد وصلت السفينة إم في جنان لميناء مومباسا وهي عائدة من روسيا بعد مرورها بمرفأ صلالة بعُمان".
Relaxing with my Syrian Buddy Onboard MV Jina in the Port of Mombasa. pic.twitter.com/thSljOrXIT
— African Postman (@HusamKabar) September 29, 2019
وهكذا قامت السيدة جوزفين نثيا التي تشغل منصب معاون أمين سجل البحارة لدى هيئة البحرية الكينية إلى جانب السيدة دوروثي موز وهي ضابط في البحرية، بتقديم المؤن الغذائية التي تشتمل على لحوم طازجة ودقيق القمح وزيت للقلي وحليب بودرة وبطاطا وطماطم وبصل لطاقم تلك السفينة بعد تسلم تلك المؤمن من منظم البحرية.
هذا وقد بقيت السفينة راسية في حوض سفن ميناء ريتز داخل مرفأ مومباسا.
وعن ذلك يخبرنا نجوي بالقول: "بعد عملية تفتيش أجرتها هيئة الرقابة في الدولة عن الميناء، والتي نفذها ضباط في هيئة البحرية الكينية، تبين بأن المؤن نفدت على متن تلك السفينة وبأن ظروف المعيشة فيها تدهورت وبأن أفراد الطاقم لم يحصلوا على أجورهم".
وأضاف بأن الطاقم يعتمد في الوقت الراهن على التبرعات التي يقدمها الطيبون من أمثال هيئة البحرية الكينية، وبعثة البحارة، واتحاد النقل الدولي، ومنظمة رسل البحار.
وذكر بأن هيئة البحرية الكينية قدمت لوكالة الصيانة المحلية للسفن، واسمها سيفورث شيبينغ، نسخة عن استمارة التفتيش وقائمة بالنواقص التي لا بد من تعديلها قبل أن تبحر السفينة مجدداً.
وأضاف: " من مهام هيئة البحرية الكينية الإشراف على كل ما يصب بصالح البحارة، إذ عند إبراء ذمتها أمام هيئة الرقابة في الدولة عن الميناء بموجب ميثاق العمل البحري الصادر في عام 2006، تواصلت هذه الهيئة مع وكالة السفن واتحاد النقل الدولي، وبعثة البحارة لضمان عودة البحارة سالمين إلى بلادهم".
يذكر أن سبعة من البحارة الذين تقطعت بهم السبل رفعوا دعوى أمام محكمة البحرية العسكرية والتي أصدرت أمراً يقضي ببيع السفينة وحصول البحارة على أجورهم.
وذكر كبير المهندسين بأن طاقم السفينة المؤلف من 18 شخصاً يجب أن يحصلوا على أجورهم التي يعادل مبلغها الإجمالي 300 ألف دولار أميركي بعد تراكمها. ثم أضاف: "إننا متعبون ونريد أن نعود إلى الوطن، فقد توسلنا كثيراً ونشعر بالخزي والعار لأن رب عملنا تخلى عنا ونحن بعيدون عن وطننا. لم يعد لدينا ما يكفي من الطعام، كما أننا نعاني من نقص في مياه الشرب، وليس لدينا ما يكفي من مياه للاستحمام".
فهذا الرجل البالغ من العمر 53 عاماً والذي حارب في البحار طويلاً على مدار عقدين ونصف من الزمان، هو من أهالي جزيرة أرواد التابعة لمدينة طرطوس السورية، وقد أخبرنا أنه لم يعد يطيق صبراً حتى يعود إلى وطنه.
ويقول ذلك البحار: "إن اللفتة التي قامت بها هيئة البحرية الكينية اليوم أراحتنا كثيراً، فقد عانينا الجوع منذ أن انتهت آخر دفعة من المؤن، ثم طلبنا مساعدات غذائية من أهالي مومباسا، إلا أننا ممتنون لهيئة البحرية الكينية لتقديم مساعدات غذائية لنا. إلا أننا ما نزال بحاجة للمياه الصالحة للشرب وللوقود اللازم لتشغيل جهاز توليد الكهرباء حتى نتمكن من إنارة السفينة".
أما السيد ضياء حليمة وهو مساعد مهندس عمره 30 عاماً فقد ذكر بأن السفينة بحاجة إلى عملية صيانة كاملة قبل أن تتمكن من الإبحار مجدداً في المياه الدولية، وأضاف قائلاً: "هنالك الكثير من النواحي التي لا بد من تفقدها وإصلاحها هنا؛ إذ يجب ألا تبحر هذه السفينة وهي على وضعها الحالي".
كما شاهدنا المسّاح البحري المحلي القبطان طالب محمد على ظهر السفينة وهو يجري المسح اللازم لوضعها حتى يتم تقييمه من قبل محكمة البحرية وذلك حتى يتم عرض السفينة للبيع، وحول ذلك يقول: "سنتمكن من التحقق من قيمتها الحالية عندما نعرضها للبيع بناء على قرار محكمة البحرية".
المصدر: ستاندرد