في عام 2014 اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2156، الذي منح الإذن لوكالات الأمم المتحدة وشركائها لاستخدام المعابر الحدودية في سوريا "باب السلام" و"باب الهوى" و"الرمثا" و"اليعربية" بهدف إيصال المساعدات الإنسانية، ومن ضمنها المستلزمات الطبية والجراحية، إلى الأشخاص المحتاجين في سوريا.
تبع هذا القرار عدة تمديدات له، أول تمديد جاء في عام 2014 وحمل الرقم 2191 والثاني في عام 2015 وحمل الرقم 2258، والثالث في 2016 وحمل الرقم 2332 والرابع في 2017 وحمل الرقم 2393 والخامس في 2018 وحمل الرقم 2449 وهذا القرار ظل نافذاً حتى العاشر من كانون الثاني من عام 2020، حينئذ تغير كل شيء.
اليد الروسية تسقط معبرين من أصل أربعة معابر
في الـ11 من كانون الثاني 2020 اعتمد مجلس الأمن القرار رقم 2504 الذي قضي بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، لكن هذه المرة عبر معبرين فقط، ومن خلال الحدود مع تركيا وهما "باب الهوى" و"باب السلام" ولمدة ستة أشهر فقط، حيث تم إغلاق معبري "اليعربية" في العراق و"الرمثا" في الأردن.
ووفق إحصائيات الأمم المتحدة فقد دخلت من هذين المعبرين خلال شهري أيار وحزيران 2020 أكثر من 3500 شاحنة، وتشكل العمليات الإنسانية التي تقوم بها الوكالات الأممية وشركاؤها شريان الحياة لـ 2.8 مليون امرأة وطفل ورجل في شمال غربي سوريا، وفق ما تقوله منظمة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).
روسيا تقلص عدد المعابر من معبرين إلى واحد
في تموز 2020 وبعد أربع محاولات فاشلة كانت روسيا تقف وراءها، صوت مجلس الأمن، على تبني مشروع قرار ألماني-بلجيكي جدد بموجبه عمل آلية المساعدة الإنسانية عبر المعابر الحدودية لمدة عام واحد.
هذا القرار جاء بعد أن تمكنت روسيا من تقليص عدد المعابر إلى معبر واحد، حيث نص على إيصال المساعدات الإنسانية لسكان شمال غربي سوريا عبر معبر "باب الهوى"، وسينتهي العمل بهذا القرار في آب 2021.
المحاولات الأربع:
في يوم الثلاثاء، 7 تموز 2020، اعترضت روسيا والصين على مشروع قرار قدمته ألمانيا وبلجيكا وكان من شأنه إعادة تفويض معبري "باب السلام" و"باب الهوى" لمدة 12 شهرا.
وفي يوم الأربعاء، 8 تموز، لم يُعتمد مشروع قرار عممته روسيا، وكان يدعو إلى إعادة تفويض معبر حدودي واحد في باب الهوى، لمدة ستة أشهر، حيث حصل على أربعة أصوات فقط لصالحه (روسيا والصين وفييتنام وجنوب أفريقيا)، مع تصويت سبع دول أعضاء ضد القرار وهي بلجيكا، الدومينيكان، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، في حين امتنعت أربع دول هي إندونيسيا، والنيجر، وسانت فنسنت وجزر غرينادين، وتونس.
وفي صباح يوم الجمعة، 10 تموز، اعترضت روسيا والصين مرة أخرى على مشروع قرار ثالث لألمانيا وبلجيكا، يدعو إلى إعادة تفويض معبري "باب السلام" و"باب الهوى" لمدة ستة أشهر، وقد حظي القرار بتأييد جميع أعضاء المجلس الآخرين.
وفي مساء نفس اليوم، 10 تموز ، فشل مشروع القرار الروسي الثاني، بالحصول على دعم كل من روسيا، والصين، وجنوب أفريقيا وفييتنام. وفيما صوتت دول ضد القرار وهي بلجيكا، جمهورية الدومينيكان، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، امتنعت أربع دول عن التصويت هي: إندونيسيا، النيجر، سانت فنسنت، جزر غرينادين، تونس.
أشهر قليلة قبل عودة السجال في مجلس الأمن حول المساعدات
نحو أربعة أشهر هي المدة المتبقية على سريان العمل بقرار مجلس الأمن تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين عبر معبر "باب الهوى"، حيث من المتوقع أن تعود روسيا إلى محاولتها في تعطيل وصول المساعدات، ما يعني هذا المرة إلغاء وصولها عبر معبر "باب الهوى"، إذ تبحث روسيا عن قرار أممي يقضي بإيصال المساعدات عبر نظام الأسد.
وتعتمد روسيا في تعطيل وصول المساعدات إلى السوريين على هيكلية مجلس الأمن التي تمنح موسكو سلطة فيما يتصل بتسليم المساعدات في سوريا، بصرف النظر عن نسبة إسهام روسيا في تقديم تلك المساعدات، إذ تقوم كل من الولايات المتحدة وأوروبا في هذه الحالة بتمويل أكثر من 90% من المساعدات الأممية التي تقدم إلى سوريا.
في حين لا تسهم روسيا إلا بنحو 1% من تلك المساعدات، ومع ذلك يمنح حق النقض الذي تتمتع به روسيا في الأمم المتحدة بوتين سلطة كبيرة تجعله قادراً على رهن قرارات مجلس الأمن لصالحه، إلى جانب قدرته على قطع وصول المساعدات إلى سوريا بشكل كامل.
واليوم الإثنين من المقرر أن تنطلق جلسة لمجلس الأمن في نيويورك، حول الوضع الإنساني في سوريا يترأسه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، والذي ترأس بلاده مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر.
ويأتي الاجتماع ضمن الاجتماعات الشهرية المدرجة على جدول أعمال المجلس، وسيقدم خلاله كل من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، والمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) هنريتا فور، إحاطتهما حول آخر المستجدات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية في سوريا.
ومن المتوقع أن يركز المسؤولان الأمميان على عدد من النقاط، ومن بينها النقص في التمويل على الرغم من زيادة الاحتياجات الإنسانية، بعد مرور عشر سنوات على الحرب، التي دفعت 13 مليون سوري للنزوح داخل وخارج بلادهم، وقتل فيها مئات الآلاف ناهيك عن السجن والتعذيب والاختفاء القسري وغيرها.
ويتزامن ذلك مع عدد من التحركات على الصعيد الدولي والأمم المتحدة فيما يخص الوضع الإنساني في سوريا، بما فيها نقاش دول أعضاء بمجلس الأمن، في اجتماعات غير رسمية، عناصر مسوّدة مشروع قرار تتعلق بالتجديد لقرار مجلس الأمن رقم 2533 وعمليات تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود للشمال الشرقي والشمال الغربي لسوريا عبر "باب الهوى" على الحدود التركية- السورية والذي تنتهي صلاحيته في 11 تموز المقبل.
ومن المتوقع أن يتطرق لوكوك في إحاطته لتلك القضية ويشدد على أن الآلية الحالية، والتي تشمل توصيل المساعدات للشمال الغربي والشرقي عبر معبر "باب الهوى" وخطوط التماس، أي عبر الأراضي التي يسيطر عليها نظام الأسد، غير كافية لسد الاحتياجات اللازمة. وسيؤكد على ضرورة إعادة فتح معابر حدودية إضافية، وخاصة معبر اليعربية على الحدود العراقية، لسد تلك الاحتياجات.
برنامج الغذاء العالمي ومظمات محلية تشدد على ضرورة وصول المساعدات
طالب برنامج الأغذية العالمي (WFP) بتقديم 600 مليون دولار، لتقديم مساعدات غذائية عاجلة لملايين السوريين الذين يواجهون اليوم أسوأ الظروف الإنسانية بسبب 10 سنوات من الصراع.
وناشد برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة تقديم الأموال التي يحتاج إليها بالتزامن مع افتتاح مؤتمر مهم في بروكسل حول مستقبل سوريا التي مزقتها الحرب.
وبحسب البرنامج فإن هناك 12 مليوناً و400 ألف شخص في سوريا، أي نحو 60٪ من السكان، لا يعرفون من أين تأتي وجبتهم التالية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 222% خلال عام، مدفوعة بانخفاض قيمة الليرة السورية واستمرار نقص الوقود والصراع المستمر. كما أضافت الأزمة الاقتصادية في لبنان المجاور طبقة أخرى من الضغط، بينما أدت جائحة COVID-19 إلى التهام الدخل.
من جانبه، حث فريق "منسقو استجابة سوريا" على ضرورة تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في الداخل السوري منعاً لتفاقم الأزمة الإنسانية، وذلك عبر إدخال المساعدات بشكل عاجل وإيصالها إلى المحتاجين.
وحذر الفريق عبر بيان، اليوم الإثنين، من تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا عامة وشمال غربي سوريا على وجه الخصوص وذلك بسبب إجراءات منع المساعدات، الأمر الذي قد يتسبب بكارثة إنسانية تحل على المدنيين، وهو ما يشكل مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين.
وشدد البيان على الالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن الخاصة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا والعمل على منع روسيا التصرف بعدائية ضد المدنيين من خلال عملها على فرض سياسة التجويع الممنهج بهدف تحصيل مكاسب سياسية إقليمية ودولية.
وأضاف الفريق، أن إيقاف إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا سوف يتسبب: بـ زيادة معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة في المنطقة.
- ازدياد حالات سوء التغذية الحاد عند الأطفال والأمهات بشكل أكبر عن النسب السابقة.
- انهيارات اقتصادية متعاقبة وخاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وفقدان الليرة السورية قيمتها الشرائية.
- ازدياد أعداد القاطنين في المخيمات، نتيجة لجوء الآلاف من المدنيين إلى الاستقرار فيها وعجزهم الكامل عن التوفيق بين المأوى والغذاء.
- انعدام الخدمات الطبية الأساسية في المشافي والنقاط الطبية بالمنطقة، وخاصة مع الاستهداف المتكرر للمنشآت الطبية في المنطقة وتسجيل أكثر من 21286 إصابة في المنطقة.
- ازدياد معاناة سكان المخيمات التي ترعاها المنظمات الإنسانية، بسبب العجز عن تقديم المساعدات للنازحين.