تعاني العمالة السورية في تركيا بشكل عام، من حالات هضم الحقوق وسرقة المجهود من كثير من المؤسسات، لجهل معظم الموظفين والعاملين بـ "قانون العمل" المعمول به في البلاد وسط ظروف قاسية وبحث أرباب العائلات والشباب عن أبسط مقومات العيش الكريم، خصوصاً أن جزءاً كبيراً منهم خرجوا من بيوتهم بثيابهم التي يرتدونها، مع ارتفاع إيجارات البيوت وتضخم الأسعار المستمر وانخفاض متوسط الرواتب.
سنتناول في هذا التقرير المقسم على ثلاثة أجزاء قانون العمل في تركيا وضرورة معرفته، وبعضاً من تفاصيل مواده التي تهم عموم العاملين السوريين أو العرب أو الحاصلين على الجنسية التركية، وكيفية حصول أي عامل في مطعم أو ورشة خياطة أو مؤسسة ضخمة على استشارة من منظمات تركية توفر خدمات التواصل باللغات العربية والإنكليزية إلى جانب التركية، للمساعدة في فهم القانون والطرق التي يمكن أن تؤمن للعامل حقه.
ما هو قانون العمل؟
قانون العمل هو مجموعة القواعد التي تنظم علاقة العامل بمكان العمل، وتعنى بحفظ حقوق العمال وأصحاب الأشغال والمؤسسات بالحد الأدنى التي يكفل تطبيقها القانون مع وجود استثناءات لأعمال معينة مثل القطاع الصحي والبلديات ورجال الأمن والدفاع المدني وغيرها.
ويحدد قانون العمل الحد الأدنى للأجور وساعات العمل وحق العامل في الإجازات الأسبوعية والسنوية والمرضية مدفوعة الأجر، ويضمن حقوق النساء العاملات ويمنع تشغيل الأطفال دون عمر محدد، بالإضافة إلى تحديد أنظمة الفصل التعسفي وإنهاء العقود، وبالتأكيد واجبات العامل تجاه عمله أو المؤسسة التي يعمل بها.
ويتصل قانون العمل بالضمان الصحي وقانون التأمين الاجتماعي بشكل وثيق، حيث يكفل الأول الحصول على طبابة مجانية أو بأسعار مخفضة، فيما يؤمن الثاني للعامل الحق بالحصول على دخل يتعيش منه عند البطالة أو الإصابة أو المرض أو العجز أو الشيخوخة.
ما أهمية قانون العمل؟
وهذه القوانين ليست في تركيا فقط، إنما موجودة في معظم دول العالم، وتلاحق تطبيقها النقابات العمالية المدنية، التي تقف في وجه الحكومات أو السلطات فيما لو خفضت الحد الأدنى للأجور بما لا يتناسب مع الحد الأدنى من المعيشة.
فمن المهم جداً أن يعرف العامل السوري أو العربي في تركيا قانون العمل، ويلجأ للجهات الرسمية في حال تعرض لسرقة مجهوده أو هدر حقوقه الإنسانية التي يكفلها القانون بحدها الأدنى.
ومع غياب الرقابة التركية على الشركات والمؤسسات والمعامل والمطاعم بمختلف أنواعها التي تشغل السوريين بشكل رسمي عبر أذون العمل أو بشكل غير نظامي، فقد زادت حالات سرقة مجهود هؤلاء العمال الذين يعملون لساعات طويلة تتجاوز الـ 12 ساعة يومياً وعطلة يوم أو يومين بالشهر بمقابل زهيد لا يرقى لما يقدمونه من جهود وتعب بغية الحصول على لقمة العيش صعبة المنال في هذه البلاد، بما يمنعه من الزواج أو تأمين شؤون عائلته.
وعلى العامل أو الموظف مهما كانت جنسيته ألا يعمل من دون عقد يحدد حقوقه وواجباته (أيام العطل، الإجازات السنوية، الإجازات المرضية، الراتب، مدة عقد العمل، الضمان الصحي، الخ)، في المقابل (عليه أن يلتزم بوقت عمله وعدد ساعاته اليومية ووقت الاستراحة، أسلوب العمل ومعاييره) حيث إن العقد هو الصيغة الرسمية لضمان حق العامل وصاحب العمل في المستقبل، وإليه تعود المحكمة في حال النزاع.
وتختلف العقود من دائمة إلى مؤقتة، محددة وغير محددة المدة، بدوام كامل أو جزئي، تجريبي أو عند الطلب (فري لانس)، أو عقد مرتبط بفريق "ولكل ذلك تفاصيله".
كم عدد ساعات العمل؟
يحدد قانون العمل ساعات العمل بـ 45 ساعة تتوزع بشكل متساو على أيام الأسبوع، ما يعني وجود يومين إجازة، وعمل العامل لـ 8 ساعات مع استراحة ساعة يومياً، وهو المعمول به في دوائر الدولة والبنوك والشركات الكبرى.
إن تجاوز العامل عدد الساعات الأسبوعية الـ 45 ساعة، يحسب له عمل إضافي لكل ساعة بقيمة ساعة العمل مضافاً إليها نسبة 50% بالحد الأدنى، أو يمكن احتساب مقابل كل ساعة عمل إضافية ساعة ونصف كإجازة بالحد الأدنى (يمكن أن ترتفع إلى الضعف بحسب العقد لكن لا تجوز أن تقل عن 1.5).
ويجري تسديد أجرة عمل يوم العطلة أو عمل إضافي للموظف مقابل كل يوم عمل إضافي سواء أيام العطل الأسبوعية أو الرسمية وترتفع هذه الأجور (الساعات الإضافية) حسب عقد العمل الجماعي أو الفردي الذي يعقد بين الموظف ورب العمل.
ولا يحق لصاحب العمل أن يفرض مدة العمل الإضافي في السنة لأكثر من 270 ساعة، أي 22.5 ساعة شهرياً.
ما هي العطل المأجورة؟
- ينص قانون العمل التركي على وجود 9 عطل رسمية مدفوعة الأجر بالسنة، ويحق للعامل أن يعطل فيها أو في أيام أخرى بدلاً عنها بحسب ضرورة العمل بعد موافقته الخطية على ذلك والتي تشمل: "1 يناير/ كانون الأول (رأس السنة الميلادية) - 23 أبريل/ نيسان (يوم الطفل والسيادة الوطنية التركية) – 1 مايو/ أيار (يوم العمال) – 19 مايو / أيار (ذكرى أتاتورك ويوم الشباب والرياضة) – 15 يوليو / تموز (ذكرى الانقلاب العسكري الفاشل) - 30 أغسطس/ آب (عيد النصر) – 29 أكتوبر/ تشرين الأول (عيد الجمهورية التركية) وعطلتين لعيدين دينيين هما عيد الفطر (3 أيام والأضحى (4 أيام)"، أحياناً تمد الدولة العطل لتسعة أيام تشمل العطل الأسبوعية ويوم وقفة العيد.
- يحق للعامل إجازات أخرى مدفوعة بموجب قانون العمل 4857 المادة الثانية، مثل الزواج أو وفاة أحد أفراد الدائرة الأولى من عائلته (أم أب أخ أو أخت زوج زوجة طفل) أقلها 3 أيام ويمكن أن تزيد بحسب عقد العمل لكن لا يحق إسقاطها بحال.
- يحق للعامل 5 أيام إجازة مدفوعة في حال ولادة زوجته بالحد الأدنى وتزيد بحسب عقد العمل، ولا يجوز إسقاطها بحال.
- العمال الذين يطبقون سنة عمل ومن ضمنهم الذين في المدة التجريبية يحق لهم إجازة سنوية مأجورة حسب مدة عملهم وهي في الحد الأدنى من الإجازات، حيث إن الجامعات والمؤسسات الطبية لها قوانينها الخاصة ولكن لا تقل عن المذكورة:
- - من سنة إلى إتمام خمس سنوات (14 يوماً في السنة)
- - من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة (20 يوماً في السنة)
- - خمس عشرة سنة وأكثر (26 يوماً في السنة).
كم يبلغ الحد الأدنى للأجور؟
لا يجوز إعطاء معاش دون الحد الأدنى للأجور والذي حددته الحكومة التركية لعام 2021 بقيمة إجمالية (3577.50 ليرة) يحسم منه دفع التأمين الصحي والضمان الاجتماعي ليصل صافي المعاش الشهري لـ (2825.90 ليرة) للعمال غير المتزوجين، وبطبيعة الحال يزيد مع الزواج وعدد الأطفال (يضاف بحسب العقد أجرة المواصلات وووجبة الغداء وهي غير ملزمة قانوناً).
وإذا تم التأخر في دفع الراتب لبعد عشرين يوماً من انقضاء الشهر يحق للعامل التوقف عن أداء واجباته حتى ينال حقوقه (ولا يحق فصل العامل إن توقف عن عمله) وفق المادة 18 من قانون العمل.