أشار تقرير نشره موقع "بزنس إنسايدر" إلى أن قاعدة التنف الأميركية جنوب شرقي سوريا، تحولت إلى "نقطة محورية وحرب ظل في صراع غامض" بين اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا وإيران.
وشهدت قاعدة التنف، خلال شهري آب وأيلول الماضيين، سلسلة من الهجمات، بما في ذلك هجوم صاروخي من قبل ميليشيات تدعمها إيران، ما أسفر عن إصابة ثلاثة جنوب أميركيين.
ممر آمن للطائرات الإسرائيلية
ووفق التقرير، تسمح القوات الأميركية للطائرات الإسرائيلية، التي تضرب بشكل منتظم أهدافاً إيرانية في سوريا، بالتحليق فوق قاعدة التنف، ما يحد من تعرضها لدفاعات النظام السوري الجوية غربي سوريا، فيما تعتبر "الطرق القريبة من التنف جذابة بشكل خاص" للضربات الإسرائيلية ضد الميليشيات الإيرانية بالقرب من معبر القائم الحدودي مع العراق.
وأشار التقرير إلى تصريح لمسؤول دفاعي أميركي، في حزيران من العام 2020، قال فيه إن الطائرات الإسرائيلية "تحب استخدام ممراتنا الجوية لأن الدفاعات الجوية السورية لا تستطيع معرفة الفرق إلا بعد فوات الأوان".
وسبق أن أفاد مسؤولون دفاعيون أميركيون أن الولايات المتحدة "كانت تقوم منذ سنوات بمراجعة الخطط الإسرائيلية لشن ضربات ضد وكلاء إيران وحلفائها في المنطقة، لتجنب التدخل في العمليات التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش، وخاصة تلك الموجودة في منطقة التنف".
هجمات انتقامية
وأوضح "بزنس إنسايدر" أن السماح لإسرائيل والأردن أحياناً بالعمل حول قاعدة التنف، عرّض الولايات المتحدة لهجمات انتقامية من إيران ووكلائها، حيث تعرضت القاعدة لغارة إيرانية بطائرة مسيّرة في 15 من آب الماضي، بعد يوم واحد من قصف إسرائيل لأهداف عسكرية في محافظتي دمشق طرطوس.
وتسببت الغارة بأضرار طفيفة ولم تقع إصابات، في حين ردت الولايات المتحدة بضربة جوية في 25 من الشهر نفسه، والتي أدت بدورها إلى سلسلة من الهجمات المتبادلة بين القوات الأميركية والميليشيات المدعومة من إيران، في حين تخلق الآن حرب روسيا في أوكرانيا مشكلات جديدة للقوات الأميركية في قاعدة التنف.
ديناميات متغيرة
ونقل الموقع عن مستشار وزارة الدفاع الأميركية لسياسة الشرق الأوسط، جرانت روملي، قوله إن "هناك تهديدات إضافية حول التنف يجب أخذها في الاعتبار الآن"، موضحاً أن "الأول ينطوي على مواصلة القتال ضد داعش، من خلال الحفاظ على الوجود المادي وإزالة مقاتلي التنظيم من القرى المحلية".
وأضاف روملي أن "دور قاعدة التنف في الصراع السوري وفي التوترات الأوسع في المنطقة قد يصبح أكثر تعقيداً، حيث تجري القوات الأميركية والروسية دوريات في شمال شرقي سوريا، حيث كانت لديهم تفاعلات مثيرة للجدل وودية، إلا أن موقف روسيا قد يتغير بسبب الأحداث في أوكرانيا".
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن "هناك خطراً من أن روسيا، على الأرض في سوريا، ستكون قلقة بشأن تصور أنها تركز فقط على أوكرانيا"، موضحاً أنه "يمكن أن ترى سلوكاً روسياً أكثر تشوهاً، خاصة وأنهم لن يتمكنوا من مراقبة حدود منطقة الصراع التي يبلغ طولها 55 كيلومتراً، أو قد يكون هناك مزيد من الاحتكاك عند نقاط التفتيش".
ووفق مستشار البنتاغون لسياسة الشرق الأوسط، فإنه في مقابل شحنات الأسلحة الإيرانية إلى روسيا، قد تطلب طهران من موسكو الضغط على إسرائيل لتقليل ضرباتها أو وقفها، لتسهيل الوجود الإيراني المتزايد على الأرض في سوريا"، مضيفاً أن "روسيا سحبت قواتها المقاتلة من سوريا في الأسابيع الأخيرة، ما يشير إلى تحول في دور موسكو هناك، لكن من غير الواضح ما الذي يمكن أن يعنيه ذلك أو غيره من التغييرات بالنسبة للمهمة الأميركية في سوريا".
وأكد المسؤول الأميركي على أن "الديناميكيات ستتغير في سوريا مع استمرار إثقال كاهل روسيا في أوكرانيا"، لافتاً إلى أنه "مالم يكن ممكناً في الماضي، مثل نوع من النتائج التفاوضية، يمكن أن يصبح ممكناً في المستقبل، أو قد لا يكون كذلك".
قاعدة التنف
أسست الولايات المتحدة الأميركية قاعدتها في التنف في العام 2016، عقب تحريرها من قبضة "تنظيم الدولة" الذي كان يسيطر على المنطقة، وتعتبر مركزاً لعمليات "التحالف الدولي" ضد التنظيم، وتضم ما بين 100 إلى 200 جندي أميركي، إلى جانب عناصر قوات التحالف.
بعد ذلك بوقت قصير، اتفقت الولايات المتحدة وروسيا، اللتان توجد قواتهما في المنطقة، على إنشاء منطقة منع وقوع اشتباكات بطول 55 كيلومتراً.
كما تشكل قاعدة التنف نقطة انطلاق لعمليات مكافحة الإرهاب والتهريب، وتوفير المساعدات الإنسانية، وجهود التدريب التي يقودها التحالف، في حين يحافظ وجود القوات الأميركية في التنف على ضمان أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من المناقشات المتعلقة بمستقبل سوريا، وفق "بزنس إنسايدر".