بالتزامن مع الذكرى الـ95 لميلاد الروائي العالمي غابرييل غارسيا ماركيز، أعلنت دار "أثر" للنشر والتوزيع في السعودية عن إصدار ترجمة كتاب "في وداع غابو ومرسيدس" الذي يتناول تفاصيل حياة الكاتب الكولومبي وزوجته مرسيدس بارتشا، خلال الأيام القليلة القادمة.
ترجم الكتاب إلى العربية المترجم والروائي أحمد شافعي، وتكمن أهمية التفاصيل والمذكرات التي يحويها في أنها جاءت بقلم المخرج والكاتب السينمائي رودريغو غارسيا، ابن مرسيدس وغابرييل ماركيز أو"غابو" الاسم المتعارف عليه بين مقربيه والذي ينادونه به.
وكان رودريغو قد صنع من بعض روايات والده أفلاماً سينمائية، من بينها فيلم "خبر اختطاف" المأخوذ عن رواية تحمل ذات الاسم لـ غابرييل ماركيز، ويستعد حالياً لصناعة فيلم سينمائي مأخوذ من رائعة ماركيز "مئة عام من العزلة" من إنتاج نتفليكس.
مِن المذكرات
يقدّم رودريغو عن والده لوحة عاطفية مؤثرة حيث يتحدث عن حالة النسيان التي أصابت والده (ربما كان مرض الزهايمر)، وجعلته محبطاً قانطاً وعاجزاً عن الكتابة أو التعرف على الوجوه المألوفة له. لدرجة أنه عندما كان يقلّب صفحات أحد كتبه بدت عليه ملامح الدهشة لرؤية صورته على الغلاف، وقد تساءل مرةً: من أين أتيت بكل هذا الكمّ من المشاهد والأحداث؟
ولما تطورت لديه حالة النسيان والخرف، بقي محتفظاً بروح الدعابة الساخرة، فكان يقول على سبيل المثال: "انا أفقد ذاكرتي لكن لحسن الحظ أنسى أنني أفقدها! وبقي قادراً على ترديد أشعار قديمة، ويغني فقرات من أغان كولومبيّة.
كان ماركيز يهتم كثيراً برسم صور الذاكرة والزمان في رواياته، ومع اشتداد حالته سوءاً، أشرف على فقدانها، وهو الذي كان يقول "إن الذاكرة هي أداتي ومادتي الخام... لا أستطيع الكتابة بدونها". وأدرك رودريغو أن أسوأ ما في وفاة والده، أنه يمثّل الجزء الوحيد في حياته الذي ليس بمقدوره الكتابة عنه!
ويذكر الابن عبارة والده التي كان يرددها كثيراً: "للإنسان ثلاث حيوات، حياة عامة وحياة خاصة وحياة سرية". ووصف رودريغو أمه مرسيدس لحظة رحيل أبيه عام 2016 كيف كانت امرأة قوية أخفت حزنها وبكاءها وسط شهقات متقطعة لكنها بقيت متماسكة.
ويقول رودريغو: "بقيت حتى مماتها في آب 2020 امرأة مستقلة معتدة بنفسها لدرجة صارمة حتى إنها حين أشار لها الرئيس المكسيكي في كلمته بوصفها (أرملة) في أثناء الاحتفال التذكاري بالراحل في قصر الفنون الجميلة في مكسيكو سيتي، هددت بأنها ستصرح لأول صحفي تقابله عن خططها للزواج مرة أخرى!".
كما ينقل رودريغو اللحظات التي كتب فيها والده لحظة وفاة العقيد أوريليانو بوينديا في رواية "مئة عام من العزلة"، فيقول إن والده ذهب مباشرة إلى زوجته مرسيدس، وقال لها: "لقد قتلت العقيد!". ويتابع رودريغو: "كانت أمي تعرف ماذا كان يعني ذلك بالنسبة لوالدي، وقد ظل الاثنان صامتين لعلهما يستوعبان ذلك الخبر الحزين".
غابرييل غارسيا ماركيز
روائي وصحفي وناشر وناشط سياسي كولومبي ولد في أراكاتاكا، ماجدالينا في كولومبيا في 6 آذار 1927. يعد ماركيز من أشهر كتاب الواقعية العجائبية، من خلال عمله "مئة عام من العزلة" الذي مثّل هذا النوع من الأدب ليتم تعميمه كمصطلح على الكتابات الأدبية بدءاً من سبعينيات القرن الماضي.
حاز على جائزة نوبل للآداب عام 1982، وتميز ماركيز بعبقرية أسلوبه ككاتب وموهبته في تناول الأفكار السياسية. ويشتمل الإنتاج الأدبي له على العديد من القصص والروايات والتجميعات إلى جانب كتابات أخرى. واعتبرت رواية مئة عام من العزلة واحدة من أهم الأعمال في تاريخ اللغة الإسبانية.
ومن أعمال ماركيز الأخرى: "ليس للكولونيل من يكاتبه"، و"خريف البطريرك" و"الحب في زمن الكوليرا". كما ألّف الكثير من القصص القصيرة، إضافة إلى كتابته خمسة أعمال صحفية.