icon
التغطية الحية

في إدلب المسكونة منذ 5000 عام.. مختصون يحافظون على آثار المحافظة

2021.01.24 | 05:20 دمشق

0101.png
إدلب - يوسف بدوي
+A
حجم الخط
-A

أسهمت الجهود والمبادرات التطوعية منذ سيطرة الفصائل العسكرية على مدينة إدلب، في الحفاظ على المقتنيات الأثرية في متحف المدينة، إلى حين تسلم خبراء ومختصين المهمة وتطوير عملهم وفتح المتحف أمام الزوار.

وتتمتع محافظة إدلب في شمالي سوريا بموقع استراتيجي عبر العصور، جعلها مكاناً لتعيش فيه أمم وحضارات متعاقبة، وبقيت آثارهم حاضرة حتى اليوم، رغم الدمار والتخريب والسرقة التي طالت عدداً من المواقع نتيجة قصف النظام وكذلك عمليات البحث غير الشرعي عن الآثار لبيعها في السوق السوداء.

 

 

 

ترميم الدمار الناتج عن قصف النظام وفتح المتحف من جديد

قبل نحو خمس سنوات خلف النظام بعد هزيمته في المدينة متحفاً يضم قطعاً وأعمالاً أثرية متنوعة، ولكن ذلك لم يمنع النظام من استهدافه بطيرانه الحربي بثلاث غارات دمرت جزءاً منه وتسببت بأضرار في مستودعاته، لتتولى لجنة مختصة في آب من العام 2018 عملية إدارة وحماية متحف إدلب برئاسة أيمن نابو خريج قسم الآثار في جامعة دمشق.

 

gettyimages-1024271120.jpg

 

وقال مدير متحف إدلب الأستاذ أيمن نابو لموقع تلفزيون سوريا: "بعد تسلمنا أنا وزملائي مهمة إدارة المتحف بدأنا بإحصاء التركة الموجودة فيه، وحال اطلاعنا على سجلات المتحف فوجئنا بنقص ما لا يقل عن ثلث ممتلكات المتحف وعدم مطابقة السجلات بالقطع الأثرية الموجودة ولا ندري كيف تصرف بها النظام عند وجوده قبل تحرير المدينة".

اقرأ أيضاً: الحياة تدب في متحف إدلب بعد 5 سنوات من الإغلاق (صور)

ويقوم على إدارة المتحف كادر متخصص بعلم الآثار، إذ يهتمون بالمتحف وتطوير العرض المتحفي فيه ليكون جاهزاً دائماً لاستقبال الزائرين.

ويحوي المتحف حالياً أنواعاً عديدة من الآثار المختلفة منها النصال والفؤوس الصوانية والرُّقم الحجرية المسمارية والزجاجيات والفخاريات والمنحوتات الجنائزية ولوحات الفسيفساء والسُّرج والدروع والتماثيل والأواني الحجرية والفخارية الضخمة، وتعود تلك الآثار إلى عصور زمنية مختلفة ابتداءً من عصور ما قبل التاريخ مروراً بالفترة الكلاسيكية ومن بعدها البيزنطية والرومانية وانتهاءً بالعصور الإسلامية المتأخرة.

 

 

 

وعملت اللجنة على ترتيب المقتنيات الأثرية بحسب الحقب الزمنية بدءاً من عصور ما قبل التاريخ مروراً بالحقب الكلاسيكية وانتهاء بالحقبة الإسلامية المتأخرة.

ويعرض المتحف لوحات من الفن الحديث لفنانين سوريين تعود لـ 1950، إلى جانب لوحات فسيفساء وتماثيل بازلتية.

 

 

 

ولا يقتصر عمل اللجنة على إدارة المتحف فحسب، بل يمتد ليشمل جميع المناطق الأثرية الخاضعة لسيطرة المعارضة والموجودة في محافظة إدلب، لحمايتها ومنع الانتهاكات الحاصلة عليها بغية حفظها للأجيال القادمة.

وأضاف نابو: "نقوم بشكل دوري بحملات توعية تستهدف جميع الشرائح المجتمعية من أجل رفع مستوى الوعي الثقافي الذي يخص الآثار والمحافظة على الممتلكات الثقافية وأهمية حفظها لكونها مصدراً للدراسة والسياحة لاحقاً عندما تضع الحرب أوزارها، وقد كان من ضمن هذه الحملات حملتا (أنقذوا آثار إدلب) و (مع التراث)".

ونظّمت إدارة المتحف عدداً من الدورات والورشات التدريبية من أجل إحياء الحرف اليدوية التي كانت سائدة في السابق.

760 موقعاً أثرياً في إدلب

وبحسب أيمن نابو مدير المتحف ولجنة حماية الآثار، فإنه يوجد في محافظة إدلب أكثر من 760 موقعاً أثرياً جميعها كانت مسجلة في لوائح المديريات السابقة، منها 5 باركات مؤلفة من 40 قرية أثرية و5 مواقع مسجلة في لائحة التراث العالمي، بالإضافة إلى 200 تل أثري. كل هذه المواقع أعطت لإدلب أهمية كبيرة عبر التاريخ وأثبتت أن هذه المدينة لم تنقطع فيها الحياة منذ ما يزيد على الخمسة آلاف عام.

أما عن عمليات التعدي على الآثار فإن ذلك يُعزى من وجهة نظر أيمن نابو إلى الجهل بقيمة الآثار الموجودة وأيضاً بسبب ضيق الأحوال المعيشية وموجات النزوح وارتفاع البطالة، وما زاد من ذلك وجود النازحين في مناطق الشمال السوري المليئة بالقرى الأثرية، إذ توجد عدة مخيمات قريبة من تلك القرى، وفي بعض الحالات اضطرت بعض العائلات إلى السكن في العمارات الأثرية القديمة، ما زاد من احتمالية التخريب غير المقصود.

وحول إمكانية استرداد القطع الأثرية المفقودة، قال مدير المتحف في وقت سابق لموقع تلفزيون سوريا: إن عملية الاسترداد "ستكون مستقبلية بعد مخاطبة اليونيسكو والإنتربول الدولي، أسوة بما حصل في العراق الذي تمكن من استرداد مئات القطع من خلال مخاطبة الجهات الدولية، لذلك نعدّ الآن أرشيفاً بكل المفقودات من المتحف".

 

 

 

وفي كثير من الأحيان يلجأ بعض الأشخاص إلى نبش وحفر الأماكن الأثرية الموجودة هناك بقصد التنقيب والتهريب، ما أدى إلى تغيير ملامح بعض المواقع وتشويهها، وبحسب الأستاذ أيمن فإن ذلك يعود إلى ارتفاع البطالة والفقر وأيضاً قلة الوعي.

وأشار الأستاذ أيمن إلى ضرورة أن تكون مسؤولية حماية الآثار جماعية وأن يتحمل ذلك المجتمع جميعاً إلى جانب الجهات المسؤولة، "من أجل حفظها للأجيال القادمة لأنها تشكل ذاكرة الفرد والمجتمع معاً".