مع نهاية شهر رمضان تمتلئ منصات مواقع التواصل الاجتماعي بالتهاني والمعايدات بقدوم عيد الفطر للاحتفال بعد إتمام الصوم والطاعات في الشهر الفضيل، وما فيه من ملابس جديدة ومأكولات وحلويات اقترنت بهذه الأيام للعائلة في البيت وللزائرين من الأقارب والجيران والأحباب مع "العيدية" والتي غالباً تكون هديةً نقديةً والأصغر سناً عادةً لهم الحصة الأكبر منها؛ إذ اقترنت بهجة العيد بفرحتهم، والتي اختلفت وربما غابت عن كثير من الأطفال السوريين في السنوات الأخيرة.
السوريون في بلاد اللجوء
عُلا الشامي التي هجّرت من ريف دمشق مع زوجها وطفلتها والآن يقيمان في فرنسا تقول: "تذكرني أجواء العيد كثيرا بأهلي بأبي وأمي وإخوتي، جَمعة العائلة، تكبيرات العيد، الفرح الأطفال، كان الفرح يعم في كلّ مكان، ولو أني كبيرة إلا أني أتذكر عيدية أبي وأفتقدها، في مكان إقامتنا الحالي لا يوجد طقوس عيد، فمن أجل ابنتي وكي تعرف أن هذا عيدنا ولا بد لنا أن نفرح فيه أحاول تزيين المنزل بزينة مميزة أخرج لصلاة العيد معها ترى الناس وهي تخرج من صلاة العيد، وحتى لو كنا لا نعرف أحداً من المصلين إلا القليل من المعارف الجدد الذين التقينا بهم في غربتنا، نبذل جهداً أكبر حتى تعرف ابنتي بطقوس العيد التي لم يبق منها أي شيء،
ابنتي مثلاً في أول يوم عيد لديها دوام مدرسة لكننا سنعطيها إجازة لكي نحاول قدر المستطاع أن نعلمها أنّ أيام شهر رمضان انتهت وهذه أيام عيدنا ويجب أن نحتفل به".
العيد على وسائل التواصل الاجتماعي
أهل دمشق الذين غادر كثير منهم وتهجر كثير كحال بقية السوريين محاولين بناء حياة جديدة إن صَعُبَت في أرضهم كحال عمر زين زوج علا الشامي والذي يحاول التواصل مع عائلته من خلال الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي لعدم قدرته على زيارتهم قائلاً: "العيد ليس فقط يجب أن يكون في سوريا، العيد عندما نكون بصحبة الأهل والأصدقاء وحالياً ليس بجوارنا أحد منهم، أصبحنا نكلمهم من خلال الاتصال وفي القلب غصة لجلسة معهم بجو عائلي نضحك ونتبادل الحديث، حقيقة لن تعلم قيمة هذه الأجواء حتى تفقدها، في الغربة تعرف ماذا يعني العيد وناسك وأهلك بقربك، والكل يتكلم حول العيد وغداً عطلة العيد…".
ليُردفَ كيف يُكملون مسؤوليتهم لتأسيس حياتهم كعائلة في مكان إقامتهم الجديدة: "حالياً حتى أيام العيد هي أيام دوام رسمية، أنا مثلاً عندي خلال أيام العيد مواعيد حتى أكمل متابعة أوراق رسمية، فهل لكِ أن تتخيلي كيف الشعور؟ هو عيدنا وليس لنا عيد، لكن من المؤكد أننا نحاول عيشَ أجواء العيد بالمنزل ونخرج للتنزه وأن نستمتع، فبالنهاية الحياة سوف تستمر والعيد حتى نبتهج ليس كي ننغلق على أنفسنا ونكتئب".
عيد السوريين في تركيا
أمَّا قصي نور الذي يعيش الآن في تركيا مع عائلته فيحكي لنا: "في سوريا، كان العيد مناسبة لتجمع العائلة والأصدقاء لقضاء وقتهم معاً، خاصة عند طلوع الشمس عندما لا تتمكن من العودة إلى المنزل وقضاء وقتك مع أحبائك، يصبح من الصعب جداً أن تعيش هذه اللحظة السعيدة كما كان من قبل، تضيع أجواء الاحتفال حيث يفقد النازحون منازلهم وأرضهم وممتلكاتهم، على الرغم من أن الناس قد وجدوا أماكن آمنة يعيشون فيها الآن بعيداً عن الحرب، إلا أنهم يفتقدون منازلهم. يشعرون أنهم يعيشون في منزل شخص آخر غير مريح"، أتذكر أجواء العيد في منطقتنا، خاصة خلال العيد، حيث كانت تلتقي جميع العائلات، وخاصة الأطفال والنساء الصغار. كان الأطفال يرتدون ملابس فاخرة جديدة في يوم العيد ويضعون الحناء على أيديهم وأرجلهم. وسيكون هناك أيضا طهي في جميع الأحياء".
أجواء العيد في دمشق وريفها
تلك الأجواء لم تعد كما كانت بذاكرة أبناء دمشق وريفها فبحسب أحمد عبيد مدير تحرير موقع صوت العاصمة: "مظاهر العيد في العاصمة دمشق وريفها، وبالتحديد في مدن وبلدات الغوطة الشرقية لهذا العام غائبة تماماً، باستثناء بعض الأسواق الرئيسية في دمشق التي شهدت حركة ضعيفة جداً بالحركة الشرائية.
ارتفاع الأسعار بشكل عام هو التحدي الأكبر لجميع السكان، وهذا يشمل ارتفاع أسعار كل مستلزمات الحياة من مواد غذائية ومحروقات وغيرها، وليست محصورة بارتفاع أسعار مستلزمات العيد، خاصة أن النسبة الكبرى من الأهالي تعتمد على الحوالات الخارجية من أقاربهم لتأمين مستلزمات العيد في كل عام، لكن هذا العام الوضع مختلف، كون المبالغ والحوالات التي تصلهم لا تكفي لتغطية تكاليف الحياة الأساسية. "مثلاً العائلة كان يصلها فترة العيد مبلغ ٣٠٠ دولار أميركي، كانت تقسم لتغطية تكاليف ملابس العيد ومصاريفه، لكن اليوم لا تكفي لتغطية المستلزمات الرئيسية للحياة.
مبادرات أهلية لتوزيع كسوة العيد
لا يوجد أي جمعيات تعمل على توزيع الملابس في العيد، باستثناء بعض المبادرات المحلية التي لا تغطي سوى نسبة قليلة جدا.
أمّا بالنسبة لساحات العيد فقد تمّ إلغاء قسم كبير منهم وبقي ساحات صغيرة في بلدات الريف الغربي لمدينة دمشق.
يكمل قصي نور عن أهمية الاحتفال بالعيد كحق وليس فقط كطقس: في كل الحديث عن حقوق الإنسان، نسيت أن العيد تجاوز الحاضر فقط كانت نهاية شهر الصيام. حتى الآن، إنه يوم سعادة واحتفال - شيء نتطلع إليه جميعاً بعد النزوح، فقد الناس حقوقهم لأسباب عديدة منها العيش في المخيمات، والموت اليومي والقتل من حولهم، ونقص حاد في الموارد أدى إلى وفاة العديد من الأطفال وكبار السن لأنهم لم يتمكنوا من العيش في فصول الشتاء الباردة.