تمر علينا اليوم (السابع عشر من نيسان) مناسبة عزيزة على قلب كل سوري، وهي الذكرى السادسة والسبعون لجلاء المحتلين عن بلادنا سوريا. انتصرت سوريا في ذلك الحين بكفاح أبنائها وصمودهم وشجاعتهم وإصرارهم على العيش الكريم، وصنعت حدثاً تاريخياً ومنعطفاً مهماً في تاريخها الحديث.
منذ أحد عشر عاماً تمر هذه الذكرى والسوريون منشغلون عنها بسبب ممارسات نظام الأسد الإجرامي بحق الذين انتفضوا في وجه الظلم وطالبوا بالحرية؛ إجرام متمثل في القتل والإبادة بكل الوسائل، وصولاً لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين.
إجرام متمثل في الاعتقال والتعذيب والتغييب، وصولاً إلى تشكيل مسالخ بشرية لمعاقبة أي صوت يعارض ممارسات النظام.
إجرام متمثل في الإبعاد والتهجير القسري، وصولاً إلى تهجير ملايين السوريين وانتشار آلاف المخيمات على المناطق الحدودية.
يمهد السوريون اليوم، وبعد أحد عشر عاماً من الثورة السورية، طريق جلاء جديد، متمثلاً بإخراج نظام الأسد وروسيا والميليشيات الأجنبية الإرهابية التي ساقها الأسد لقتل الشعب السوري، ففي الوقت الذي كان فيه السوريون يطالبون بالحرية والكرامة، كان هذا النظام المجرم يجلب الاحتلالات والمرتزقة والميليشيات الأجنبية الطائفية ليعيثوا في البلاد قتلاً وإجراماً.
ينظر السوريون إلى هذه المناسبة وعيونهم تتطلع لخلق مناسبة إسقاط نظام الأسد المجرم وبناء سوريا الجديدة
يلهمنا يوم الجلاء العزيمة كي نكمل طريق ثورتنا بعزم وثبات، ويمدنا بأمل الخلاص وميلاد الحرية الجديد التي بذل لأجلها السوريون نحو مليون شهيد، ويحثنا على تكثيف الجهود وتوحيد الصفوف والعمل بيد واحدة للوصول إلى الحرية العظيمة التي طال انتظارها.
ينظر السوريون إلى هذه المناسبة وعيونهم تتطلع لخلق مناسبة إسقاط نظام الأسد المجرم وبناء سوريا الجديدة، مناسبة لا يحتفل بها السوريون فقط، بل كل حر في هذا العالم، لأن الثورة السورية أصبحت رمزاً للحرية والعدالة في كل مكان، ونظام الأسد أصبح مضرب مثل في إجرامه وانحطاطه في تعامله مع السوريين، واستقطاب قوى الشر عليهم.
إن تعامل نظام الأسد مع السوريين منذ 1970 لا يختلف كثيراً عن ممارسات الاحتلال، بل كان شراً من الاحتلال؛ إذ نهب مقدرات البلاد لصالح عائلة الأسد وما يتصل بها، وكانت أجهزته الأمنية كابوساً جاثماً على صدور السوريين، ما أدى إلى تهجير المئات من الكفاءات السورية، وإبعاد النخب الثقافية والسياسية عن مراكز صنع القرار.
كما عمل هذا النظام على تكريس الفساد في مؤسسات الدولة، وتعزيز النعرات الطائفية في المجتمع السوري، وزاد من جريمته عندما بدأت الثورة السورية التي طالب بإسقاطه قبل أحد عشر عاماً، فارتكب جرائم الحرب الفظيعة بحق السوريين قتلاً واعتقالاً وتهجيراً في سبيل بقائه في الحكم، كل تلك الجرائم كانت على مرأى ومسمع العالم بأسره، الذي لم يوقف هذه الجريمة إلى الآن ولم يسع لذلك سعياً جاداً.
علينا لزاماً أن نبذل كل ما بوسعنا من جهد من أجل تحرير سوريا من طغمة الاستبداد والفساد والتبعية؛ لنضعها من جديد على المسار الحضاري الإنساني
إن تضحيات الأجداد بالأمس، تلهم الأحفاد اليوم؛ من أجل المضي قدماً على درب الحرية، مهما كان شائكاً، ومهما بلغت التحديات وجسمت، نعلم حجم التضحيات ولكن نعلم أيضاً أن علينا واجباً لا مناصَ منه في تخليص سوريا من هذا النظام الوظيفي العميل، وبناء سوريا الجديدة لأبنائنا وبناتنا ولجيل سوريا القادم، وأن علينا لزاماً أن نبذل كل ما بوسعنا من جهد من أجل تحرير سوريا من طغمة الاستبداد والفساد والتبعية؛ لنضعها من جديد على المسار الحضاري الإنساني، ولتعود بلادنا إلى دورها التاريخي في الفاعلية الحضارية، وجعل سوريا "مهد الحضارات"؛ أرضَ سلام ونقطة وصل بين كل الشعوب المحبة للحرية والسلام.