زادت حدة التوتر بين العديد من الأحزاب الكردية السورية بعد مناقشات حول إمكانية عودة "بشمركة روجافا" (البشمركة السورية) من إقليم كردستان العراق إلى سوريا.
فقد أدلى مسؤولون ينتمون لأحزاب كردية سورية مختلفة بتصريحاتهم للإعلام المحلي الكردي خلال هذا الأسبوع، غير أنها من المحتمل أن تؤثر سلباً على المحادثات التي ستجري مستقبلاً بين أهم الأحزاب الكردية السورية.
ومن هؤلاء المسؤولين نذكر ألدار خليل العضو في هيئة رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي، ففي مقابلة أجرتها معه صحيفة أوزغور بوليتيكا يوم الإثنين الماضي، أعلن خليل بأن بشمركة روجافا ما هم إلا: "مرتزقة يعملون لصالح تركيا"، ولهذا فإن أي دور لهم في مجال الجيش مستقبلاً، "مستبعد" حسب رأيه.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يعلق فيها خليل بشكل سلبي حول بشمركة روجافا، ففي مقابلة أجرتها معه قناة كردستان 24 في عام 2016، وصف بشمركة روجافا بالعصابات، ما أدى لظهور رد فعل غاضب بين أنصار المجلس الوطني الكردي.
هذا وقد عاد حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي اللذان يمثلان أكبر فصيلين بين الأحزاب الكردية في سوريا إلى طاولة المفاوضات في مطلع شهر تشرين الثاني الفائت، في محاولة للتوحد في جبهة واحدة بعد العملية العسكرية التركية في الشمال السوري والتي وقعت في تشرين الأول من عام 2019.
يذكر أن "بشمركة روجافا" تمثل الجناح العسكري الرسمي للمجلس الوطني الكردي، فيما تعتبر وحدات حماية الشعب مقربة من حزب الاتحاد الديمقراطي.
ويُعتبر عبد الحكيم بشار أحد مؤسسي المجلس الوطني الكردي ورئيساً سابقاً له، وقد قام بتشكيل ذلك الحزب في شهر تشرين الأول من عام 2011 بدعم من الرئيس السابق لمنطقة كردستان، السيد مسعود البارازاني.
وفي بيان له نشر على فيسبوك يوم الثلاثاء الماضي، أدان بشار التصريحات التي أدلى بها خليل مؤخراً حول بشمركة روجافا، حيث وصف الرئيس السابق للمجلس الوطني الكردي خليل بأنه: "يعرف جيداً" بأن أفراد بشمركة روجافا: "أكراد وطنيون وصادقون وينحدرون من عائلات كردية وطنية تاريخها النضالي مشرف.. كما أنهم قاتلوا دفاعاً عن كردستان، وليس ضدها. لقد حاربوا أعداء الكرد، بصرف النظر عن اسمهم، دون أن تتلطخ أيديهم بدماء الكرد".
وقد ألمح بشار أيضاً إلى تعليق المجلس الوطني الكردي للمحادثات مع حزب الاتحاد الديمقراطي إلى أن يعتذر خليل لبشمركة روجافا "ولكل الأكراد الشرفاء" حسب قوله.
وبالفعل، ظهرت رئيسة المجلس الوطني الكردي السيدة سعاد الملا على قناة كردستان 24 خلال الأسبوع الماضي وذكرت بأن عودة "بشمركة روجافا"، تلك القوات العسكرية التي يبلغ عديدها نحو خمسة آلاف مقاتل كردي سوري حاربوا ما يعرف باسم تنظيم الدولة بالقرب من الموصل، تعتبر حاسمة بالنسبة لأي اتفاق يمكن أن يبرم مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وعلقت على ذلك بالقول: "لم تتم مناقشة عودة بشمركة روجافا إلى روجافا حتى الآن، بما أننا نمضي بالأمور خطوة بخطوة".
جدير بالذكر أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ووحدات حماية الشعب المرتبطة بحزب الاتحاد الديمقراطي رفضت في السابق عودة "بشمركة روجافا"، متذرعين بأن الانقسام على المستوى العسكري يمكن أن يؤدي إلى قيام حرب أهلية كردية، تشبه النزاع بين الأحزاب الكردية الذي قام خلال تسعينيات القرن الماضي في منطقة كردستان.
إلا أن المجلس الوطني الكردي يرى بأن "بشمركة روجافا"، يحق لهم العودة إلى شمال شرقي سوريا بما أنهم عبارة عن قوات كردية سورية أصيلة.
بقي هنا أن ننتظر لنشاهد كيف سيؤثر هذا القرار على المحادثات الجارية بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية المرتبطة بحزب الاتحاد الديمقراطي والتي سبق وأن أجرت محادثات امتدت لسبعة أشهر على الأقل، إلا أنه تم تعليق تلك المحادثات بشكل مؤقت بسبب عدم وجود مسؤولين أميركان في سوريا خلال الانتخابات الأميركية التي جرت مؤخراً في بلادهم.
وخلال الأسبوع الماضي ذكر الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي، السيد صالح غيدو وهو عضو في قيادة أحزاب الوحدة الوطنية الكردية، بأنه يعتقد بأن: "الحوار سينطلق من جديد بعد تنصيب جو بايدن رئيساً. وإننا نقوم حالياً بمناقشة موضوعات إدارية حول كيفية مشاركة المجلس الوطني الكردي كشريك في الإدارة الذاتية. وقد انتهينا من أمر المرجعية الكردية (أي الهيئة العليا)، لذا نأمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق حول الأدوار الإدارية ومشاركة المجلس الوطني الكردي خلال الجولة القادمة من المحادثات".
المصدر: كردستان 24 نت