icon
التغطية الحية

عندما يتحول دعم غزة "إرهاباً" في قواميس الإليزيه.. باريس تعتقل فرانسوا بورغا

2024.07.11 | 20:18 دمشق

66
الباحث الفرنسي فرانسوا بورغا، خبير في شؤون العالم العربي والإسلاموفوبيا (الإنترنت)
 تلفزيون سوريا ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

في الوقت الذي تعقد فيه جلسات في محكمة العدل الدولية بهولندا لمطالبة إسرائيل بالامتناع عن ارتكاب جرائم "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، تصدر سلطات الإليزيه في باريس أوامر اعتقال للأكاديمي الفرنسي وعالم السياسة البارز فرانسوا بورغا، المناصر للقضية الفلسطينية، بتهمة "دعم الإرهاب".

من مسقط رأس "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" يأتي النبأ المثير: السلطات الفرنسية تعتقل فرانسوا بورغا، خبير في شؤون العالم العربي والإسلاموفوبيا، والمناصر لقضية غزة المحاصرة، بتهمة "الدفاع عن الإرهاب"، بعد شكوى ضده من المنظمة اليهودية الأوروبية.

من البلاد التي ولدت فيها مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة، وفي بلاد تملك أعلى سقف لحرية التعبير، يواجه فيها أكاديمي وصانع ثقافة تهماً بـ "تمجيد الإرهاب" لأنه يفاضل بين قادة إسرائيل وحماس وينتقد خضوع باريس للهيمنة الأميركية والإسرائيلية.

اعتقال بورغا

بورغا (76 عاماً)، الذي عاش في البلاد العربية أكثر من موطنه الأصلي، متهم بإعادة نشر منشور على "إكس" مطلع العام الجاري يعبر فيه، كعادته، عن دعمه لغزة المحاصرة والتي تتعرض لتدمير شامل منذ 10 شهور، بحسب محاميه رفيق شِكّات.

وقال المحامي، في منشور على منصة "إكس"، إن الشرطة الفرنسية اعتقلت فرانسوا بورغا، الثلاثاء الماضي، في مدينة "إي أن بروفانس" جنوبي فرنسا بدعوى دعمه للإرهاب.

وأضاف محامي بورغا، أن "المنظمة اليهودية الأوروبية تقدمت بشكوى ضد بورغا، الخبير في شؤون العالم العربي والإسلاموفوبيا، بسبب إعادة نشره منشوراً على "إكس" في 2 كانون الثاني/يناير الماضي.

وأوضح المحامي أن "بورغا يقدم إجابات صادقة مبنية على مكانته كباحث وعلى الكتب التي ألّفها".

يعرب بورغا، بشكل علني وفي مناسبات مختلفة، عن دعمه لغزة، وينتقد موقف فرنسا من حماس ويصفه بأنه "استسلام للسياسة الأميركية والإسرائيلية".

وسبق أن استدعت الشرطة الفرنسية بورغا للاستجواب في نهاية حزيران/يونيو الماضي بتهمة "تمجيد الإرهاب".

4
بورغا

من هو فرانسوا بورغا؟

ولد الباحث الفرنسي المهتم بالعالم العربي فرانسوا بورغا في عام 1948 بمدينة شامبيري الفرنسية.

حصل على إجازة في القانون العام من جامعة غرونوبل الفرنسية عام 1972، وعلى لقب الدكتوراة في القانون العام من الجامعة ذاتها بعد 8 سنوات.

تقلد بورغا العديد من المناصب في الصروح الثقافية والبحثية، حيث عمل مديراً للمركز الفرنسي لعلم الآثار والعلوم الاجتماعية في العاصمة اليمنية صنعاء ما بين عامي 1997 و2003.

عاصر بورغا، صاحب كتاب "لا ربيع في سوريا"، انطلاق الثورة السورية من دمشق التي كان يترأس فيها إدارة المعهد الفرنسي للشرق الأدنى من 2008 إلى 2012، قبل أن يغادرها إلى بيروت.

وفي 2018، ترأس مجلس الأمناء في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في باريس.

مؤلفاته:

  • أصدر في عام 1988 كتاب "الإسلام السياسي: صوت الجنوب"، نُشر بالعربية عن دار الثقافة الجديدة.
  • في 2002 أصدر كتاب "وجهاً لوجه مع الإسلام السياسي" عن دار آي بي توريس.
  • كما أصدر كتاب "الإسلام السياسي في زمان القاعدة" عن دار قدمس للنشر والتوزيع في عام 2008.
  • في 2013 أصدر كتاب "لا ربيع في سوريا" عن دار "لا دي كورفيتي".
  • في 2017 أصدر كتاب "فهم الإسلام السياسي" عن دار الساقي.

تجربته في سوريا

في لقاء حصري سابق أجرته شاشة "تلفزيون سوريا" مع الباحث الفرنسي فرانسوا بورغا، في أواخر عام 2018، تحدث بورغا عن تجربته الطويلة في العالم العربي وتفاصيل كتابه الأخير "لا ربيع في سوريا"، الذي يتناول الحراك الشعبي في سوريا وتداعياته الإقليمية والدولية.

فرانسوا بورغا، الذي عاش في بلدان عربية عدة مثل الجزائر، مصر، اليمن، سوريا، ولبنان، بدأ حديثه بالإشارة إلى تجربته الفريدة كباحث في العالم العربي. أوضح بورغا أنه قضى سبع سنوات في الجزائر في مدينة قسنطينة، ثم انتقل إلى مصر لخمس سنوات، ومن ثم إلى اليمن لمدة ست سنوات، وأخيراً إلى سوريا حيث قضى خمس سنوات. خلال إقامته في سوريا، تم تعيينه مديراً لمعهد دراسات الشرق الأدنى التابع للمعهد الفرنسي في دمشق في عام 2008، حيث كان ينسق عمل الباحثين الفرنسيين والعرب من مختلف الجنسيات.

أشار بورغا إلى أن الحراك الشعبي السوري الذي بدأ في مارس 2011 سرعان ما تحول إلى أزمة إقليمية ودولية، بسبب تدخل القوى الخارجية. وأوضح أن ميزان القوة بين المؤيدين للمعارضة والنظام السوري أدى في النهاية إلى انتصار النظام، بفضل الدعم الروسي والإيراني. وأشار إلى أن التدخلات الخارجية، سواء كانت من قبل الدول الغربية أو الإقليمية، لعبت دوراً كبيراً في تشكيل مسار الأزمة السورية.

موقفه من الثورة السورية

تحدث بورغا عن بدايات الحراك الشعبي السوري ووصفه بأنه حراك سوري ديمقراطي تجاوز الحدود الطائفية. لكنه أضاف أن هذا الحراك تحول بسرعة إلى أزمة إقليمية ودولية، حيث تدخلت قوى مختلفة لدعم المعارضة أو النظام.

وأشار بورغا إلى أن التدخلات الخارجية أدت إلى تعقيد الوضع وزيادة العنف، مما أدى في النهاية إلى انتصار النظام بفضل الدعم العسكري والسياسي من روسيا وإيران.

وقال بورغا: "في بداية الأحداث، كان الحراك الشعبي السوري يهدف إلى تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لكنه سرعان ما تحول إلى صراع إقليمي ودولي بسبب تدخل القوى الخارجية. ميزان القوة بين المؤيدين للمعارضة والنظام أدى في النهاية إلى انتصار النظام بفضل الدعم الروسي والإيراني."

تطرق بورغا إلى تفاصيل كتابه "لا ربيع في سوريا"، مشيراً إلى أن العنوان يعكس رؤيته المتشائمة حول مستقبل الحراك السوري. وأوضح أن الكتاب يناقش كيفية تحول الحراك الشعبي إلى حرب أهلية، وكيف أثرت هذه الحرب على المحيط الإقليمي والدولي.

ومنذ 279 يوماً، تواصل إسرائيل بدعم أميركي مطلق حرباً مدمرة ضد قطاع غزة، خلفت أكثر من 126 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وبتحسين الوضع الإنساني الكارثي في القطاع.