خلال الحرب السورية، تم دفن من قتل في الحدائق، واليوم، يمكننا أن نسمع قصص 10 من هؤلاء الأشخاص الذين كانوا مجرد أشخاص عاديين من خلال مقطوعة موسيقية تحمل اسم: (الحدائق تتكلم) والتي أبدعتها الفنانة البريطانية ذات الأصول اللبنانية تانيا الخوري.
وعندما وصل هذا العمل إلى مهرجان سنغافورة الدولي للفنون (سيفا) في شهر أيار ، سيصبح بوسع أشخاص من 222 ناديا للفنون، أن يضعوا رؤوسهم على الأرض حتى يصيخوا السمع لتلك القصص الحميمية، إذ يمكن لعشرة أشخاص أن يقوموا بذلك معا في كل دفعة.
وعن ذلك تخبرنا السيدة خوري، 38 عاماً، فتقول: "تتألف المقطوعة من عشرة مكبرات للصوت تم دفنها تحت أربعة أطنان من التراب، حيث يطلب من الجمهور التوجه إلى تلك البقعة والبدء بحفر التراب بأيديهم حتى يقتربوا من الصوت، وبعد ذلك يتعين عليهم أن يتمددوا ليستمعوا للصوت الذي يأتيهم همساً في آذانهم، وبعد انتهائهم يجب عليهم أن يردموا ما حفروه من تراب".
وهذه القصص الحميمية التي تروى على لسان أصحابها كتبت باللهجة السورية، وتعتمد على مقابلات جرت مع أصدقاء المتوفين وذويهم، بيد أن الجمهور في سنغافورة سيستمع إلى تلك القصص باللغة الإنجليزية.
يذكر أن 400 ألف شخص قتلوا منذ بدء الثورة ضد نظام بشار الأسد في عام 2011 والتي تحولت فيما بعد إلى حرب، ولهذا تتذكر السيدة الخوري الأمل الكبير الذي رافق الثورة في بداياتها، وعن ذلك تخبرنا فتقول: "إن مقطوعة (الحدائق تتكلم) تذكرنا بهؤلاء الأشخاص الذي خرجوا ونزلوا إلى الشوارع ليتظاهروا ضد نظام قمعي، بعد عقود من الديكتاتورية، وهكذا بدأ النظام باستهدافهم وشيطنتهم وقتلهم".
كما ذكرت بأن شكل العمل ينطوي على رسالة سياسية، إذ قالت: "عندما تدخل في تجربة على مستوى عدة حواس، عندئذ لا تراقب المشهد من منظور مشاهد فقط، بل إنك ستشم رائحته، وستلمس التراب، وستكون هناك، بل ستتمدد، وبذلك ستلج إلى العالم الواقعي لحياة أناس آخرين، وهنا لابد أن تستحضر أنك إنسان فان وضعيف، بل إن ذلك سيستثير إنسانيتك بلا ريب".
ظهر العمل 2014
يذكر أن عمل: (الحدائق تتكلم) قد وصل إلى مهرجان فيرس الذي يقام في برمنغهام ومهرجان نيكست ويف في ملبورن، ومنذ عام 2014، أي عند ظهوره، سافر هذا العمل إلى نحو 30 مدينة، برفقة التراب الذي يتم تمثيل العرض بواسطته.
وعن ذلك تخبرنا السيدة الخوري فتقول: "في أستراليا كان هنالك رمل عندما قدمنا العرض، أما في أوسلو فقد كان الجليد يلفنا. بيد أنني لا أحاول أن أقيم حديقة سورية حقيقية، بل على العكس، أقيم بقعة تم تصميمها لهذا الغرض، حيث أقدم تجربة فنية مسرحية تنطوي على دعوة لتذكر هؤلاء الناس بطريقتهم وأسلوبهم، بالاعتماد على ما قدمه لنا معارفهم".
هذا وقد قدمت السيدة الخوري عملاً فنياً آخر في مهرجان سيفا، يحمل اسم: (إلى أبعد نقطة تبلغها العزلة)، وهو عبارة عن مشروع مشترك بالتعاون مع الموسيقي والفنان الشعبي باسل زراع، وهذا العرض الحميمي الذي يمتد لعشرين دقيقة سيعرض على الشابكة في حينه، ويتعين على الجمهور أن يعتمد على نفسه وهو يتحرى الوضع النفسي والعقلي للاجئين بعد مشاهدة ذلك العرض.
المصدر: ستريت تايمز