حمّل عمرو سالم، الوزير السابق لـ "التجارة الداخلية وحماية المستهلك" في حكومة النظام السوري، المصرف المركزي ووزارة المالية مسؤولية انخفاض الليرة والتضخم الكبير الذي رافقه، مشيراً إلى أن "حرب" النظام على السوريين كانت تشكّل مصدراً رئيساً للعملة الصعبة.
جاء ذلك في منشور مطوّل عبر "فيس بوك" استعرض فيه "الوزير السابق" العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتخللته انتقادات طالت العديد من الأطراف السورية والإقليمية، بالإضافة إلى فتاوى دينية برّر من خلالها قصف المدنيين السوريين المقيمين خارج مناطق سيطرة النظام السوري.
واستهل عمرو منشوره بالقول إن "جميع المواطنين محقّون في تذمّرهم وشكواهم إزاء غلاء الأسعار وضعف القوة الشرائية"، واصفاً كل من لا يعذرهم بأنه "عديم الأخلاق والإنسانيّة".
أسباب انخفاض الليرة
وتابع "الوزير" السابق المعروف بإثارته للجدل في العديد من الخطط والآليات التي طرحها خلال وزارته وتكللت بالفشل، بأن انخفاض قيمة الليرة يعود لأسباب عدة، أهمها انتهاء الحرب. وقال إن "الدولة خلال فترة الحرب تمكنت من تحويل جزء من العملة الصعبة التي كانت تصل لمن يحاربها إلى المصرف المركزي. إلا أن (التحرير) أوقف تمويل هؤلاء وبالتالي فقدت الخزينة العامة هذه العملة الصعبة"، بحسب تحليله.
واعتبر أن استمرار انخفاض الليرة أمام العملات الصعبة وما تلاها من تضخم كبير "يتحمله المصرف المركزي بشكل رئيسي ووزارة المالية بدرجةٍ أقل".
وقال إن "المصرف المركزي لم يحاول استقطاب عملة صعبة واردة (في ظل احتلال منابع النفط) لا من التصدير ولا من إيداعات المواطنين أو المستثمرين بسبب تعقيدات إجراءاته وعدم السماح للمودعين بسحب وتحويل إيداعاتهم. بل خنق الاستيراد بدون دراسة لحاجات السوق والإنتاج. وأضاف تكاليف عالية جداً على الاستيراد مما جعل الأسعار في بلدنا أعلى من دول الجوار"، وفق تعبيره.
وانتقد سالم المصرف المركزي الذي ألزم "القادمين إلى سوريا بصرف 100 دولار بسعر أخفض من الواقع، أو بتخفيض سعر الدولار للحوالات. وهذا لا يصنع اقتصاداً".
"الوضع سيئ جداً"
وزعم سالم أنه حاول خلال تسلمه الوزارة إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية، وقال "هناك كتب ومذكرات ومناقشات كثيرة مع المصرف المركزي وفي اللجنة الاقتصادية تؤكّد الكلام أعلاه. لكنني لا يمكن أن أبوح بها أو أفشي فحوى نقاشات الحكومة لا عندما كنت وزيراً ولا بعدها. وآثرت أن أتلقى الحملات الإعلاميّة الممنهجة وأن أحمل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وزر المصرف المركزي".
وأردف: "أقول للإخوة المواطنين إن الوضع سيئ جداً لكنه ما زال قابلاً للإصلاح وسيتصلّح مهما اشتدت العقوبات وغيرها"، بحسب قوله.
"القرار 2254 يمزّق سوريا"!
ووصف الوزير السابق القرار الأممي (2254) بأنه "لا يحمل حلّاً للكارثة السّوريّة. بل هو وبالعلم وبالمنطق يحمل بذور تمزيق سوريا والقضاء عليها قضاءً مبرماً. هناك فئات شكلت جيوشاً وميليشيات تحت أسماء مختلفةً وبشكلٍ علني ورسمي أرادت احتلال المدن السوريّة والعاصمة واحتلت مساحاتٍ كبيرة من سوريا. وقصفت المدنيين ودمرت البيوت والزراعات والمصانع والبنى التحتيّة"، على حد زعمه.
وقال إن "تصوير المسألة على أنها شعب لا يريد النظام، والنظام يقتل هذا الشعب، هو كلام لا علاقة للحقيقة به. هناك أفراد وجدوا فرصةً لهم بالوصول إلى الحكم وقوى عظمى تبنتهم".
إفتاء بقصف المدنيين السوريين!
وأعرب سالم عن استغرابه من "رجال الدين وسكوتهم عن حكم الشرع في العدوّ الذي يتمترس خلف المسلمين أو حتّى خلف أهله وذريّته". وادّعى أنه "في إجماع مذاهب أهل السنّة أنه إذا كان العدو يهاجم ويتمترس خلف الأهالي، وبأن تركه سيعرض الجيش والبلد إلى الهزيمة، فمن الواجب قصفه حتى لو سقط في ذلك القصف ضحايا. فزوال الأمة أكبر من الضحايا"، بحسب قوله.
وبالمقابل، نفى سالم أن يكون نظام الأسد قد قصف المدنيين بالسلاح الكيماوي، قائلاً إنه "كذب ونفاق. فالسلاح الكيماوي هو سلاح تدمير شامل، والتدمير الشامل يشمل سكان قرى بأكملها ومدن. لا يمكن لإنسانٍ فيه ذرة عقل أو علم أن يقبل بالقول بأن الجيش يقصف بالسلاح الكيماوي ليقتل عدداً من الأطفال، وهذا مستحيل".
واستطرد قائلاً إن النظام السوري لو أراد استخدام السلاح الكيماوي "لانتهت الحرب خلال أيام ولما تمكن المسلّحون من احتلال قرية واحدةٍ في سوريا. إن الجيش يقصف من يقصف المدن بمختلف القذائف والأشكال ويقصف المقاتلين. وإذا كان أولئك المقاتلون يتحصنون بأهلهم أو بأهل القرى التي احتلوها فسيسقط منهم ضحايا بالتأكيد. وذنبهم برقبة من يستخدمهم دروعاً بشريّة"، وفق تعبيره.
وختم منشوره بالقول: "أنا لم أعتد في حياتي أن أتملق أحداً، ولم أطلب من أحد. ولا أريد المناصب فقد اكتفيت منها. لكنّ سوريا فيها دولة وفيها رئيس استطاع أن يحافظ عليها ضد عدوانٍ غير مسبوق. هناك من يحبه وهناك من لا يحبّه، وهذا حقّ لكل إنسان. فالله تعالى لم يجمع عليه كل البشر".
وعقب عرض سالم منشوره على صفحته العامة في الفيس بوك، سخر كثير من المعلقين من عباراته وتحليلاته، ما دفعه إلى إيقاف التعليقات. وكتب: "ملاحظة، آسف لأنني أوقفت التعليقات على الصفحة العامة وتركتها على صفحتي الخاصّة، لأنني لست على استعداد للتعامل مع البذاءة والمستوى المنحدر"، بحسب وصفه.