لا يعرف عيسى خوري كم عدد المفاتيح التي لديه والتي تعود لمبنى السفارة السورية في مدينة أوتاوا الكندية، لأنه لم يقم بعدِّها أبداً، كونها كثيرة، وعنها يقول: "إنها تعود لمكاتب وأدراج وخزائن لملفات ولسيارات"، وجميعها تركت أو بيعت في أعقاب الخلاف الدبلوماسي الذي ما تزال آثاره ملموسة بعد مرور عشر سنوات على نشوبه.
إذ في عام 2012 انضمت كندا لحلفائها في طرد سفراء النظام السوري وذلك بعد تورط بشار الأسد بالعنف الدموي ضد شعبه.
وهكذا توقفت الأعمال داخل السفارة السورية، إلا أن عيسى خوري، الذي يبلغ من العمر اليوم 74 عاماً، يخبرنا بأن بشار آقبيق، القائم بأعمال السفير السوري في كندا، طلب منه أن يتفقد أحوال مبنى السفارة المبني على طراز أبنية عصر النهضة الأوروبية.
ولكن خلال العقد الماضي، أغرقت المياه المبنى من الداخل، كما تم تغيير سقفه الأساسي بسبب تسرب المياه وتسلل كائنات منها السناجب والحمائم والبشر بحسب ما ذكره خوري الذي أضاف بأنه أوقف التدفئة المركزية داخله.
إلا أن عيسى خوري ما يزال يتمنى أن تعود تلك السفارة لفتح أبوابها من جديد في يوم من الأيام، وعن ذلك يقول: "إنه بناء متين بحق.. ولهذا سأعتني به مهما كلفني الأمر".
عيسى خوري وهو يحمل مفاتيح السفارة الكثيرة
سفارة تقدم الخدمات الأساسية
عاش عيسى خوري في أوتاوا جل حياته، وشارك في تأسيس الجمعية العربية السورية في كندا، ويخبرنا بأن السفارة قدمت الخدمات الأساسية للسوريين المقيمن في كندا، ومنها مساعدتهم على استخراج جوازات سفر والأمور التي تتصل بمزدوجي الجنسية. أما اليوم، فقد أصبح السوريون يطلبون مساعدة القنصلية الفخرية لسوريا في ولاية كولومبيا البريطانية بكندا.
ويعلق خوري على ذلك بقوله: "تقوم القنصلية بإحالة مشكلة الشخص لنيويورك، لتحيلها نيويورك لدمشق، وتلك العملية تستغرق نحو أربعة أو ثلاثة أشهر وذلك لإنجاز مسألة صغيرة كانت تُنجز في غضون ساعات ثلاث داخل السفارة".
وحول هذا الشأن يقول الرئيس السابق للجمعية العربية السورية في كندا، منير لويس، إن رؤية سفارة بلده الأم مغلقة: "تحطم فؤاده" على حد تعبيره، إلا أن الوضع يحتاج لوقت حتى يتغير.
بيد أن الكرة باتت بملعب سوريا، إذ يقول الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الكندية بأن موقف كندا تجاه تطبيع العلاقات مع النظام السوري لم يتغير، ولن تكون هنالك أية مشاركة أو انخراط معه من دون حل سياسي دائم للنزاع.
وأضاف: "تواصل كندا دعمها لتسوية سياسية شاملة للنزاع يقودها السوريون، ويشمل ذلك المطالبة بحماية حقوق السوريين كلها. إلا أن السلام الدائم لن يتحقق إلا عندما يشتمل على محاسبة على الجرائم والمظالم التي عانى منها السوريون على يد النظام".
مبنى السفارة السورية بكندا
أكثر من 40 شكوى على مبنى السفارة
مع تعليق السفارة لأعمالها، أصبح وضع المبنى من الخارج مصدر قلق للجوار.
إذ أعلنت إدارة مدينة أوتاوا بأنها تلقت أكثر من 40 شكوى منذ عام 2012 على هذا المبنى، بينها شكاوى تتصل بالردم والنفايات، والأعشاب التي طالت. ومؤخراً، وتحديداً في حزيران 2022، أصبحت الشكاوى تتمحور حول: "تقصير يتصل بالضرر الذي لحق بالمعالم الأثرية".
وحول ذلك يقول ديفيد فليمينغ، رئيس لجنة الدفاع عن تراث أوتاوا بأن منظمته ترغب برؤية المبنى بعد أن يخضع لعملية ترميم تحافظ عليه.
وبحسب ما ورد في إحدى الرسائل التي أرسلتها اللجنة إلى الحكومة الكندية في عام 2013، فإن البناء أنشئ في عام 1901، حيث استخدم كدير، ثم أصبح مقراً للمحكمة العليا، وهو "خير شاهد على الطراز المعماري في زمانه".
ويعلق فليمينغ على ذلك بقوله: "أقل شيء أتمنى أن يحدث هو القيام بتغطية النوافذ إن كانت مكسورة، والتحقق من عوامل الطقس داخل المبنى" لأنه من المحبط أن تقصر بلدية المدينة فيما يسعها أن تفعله.
إعادة تأهيل المبنى مكلفة بحسب رأي خوري
وفي بيان لبلدية مدينة أوتاوا، أعلنت بأن المسؤولين على معايير الأبنية يقومون بمراقبة الأبنية التراثية الخاوية بشكل مسبق وذلك كل ستة أشهر كما يصدرون قرارات بشأن الأبنية التي وصلت شكاوى بحقها، وبخصوص إزالة الكتابات عن الجدران وعمليات الترميم والإصلاح والصيانة اللازمة لكل مبنى.
إلا أن بلدية المدينة لا تتمتع بسلطة قضائية ولهذا لا تستطيع أن تفرض ما تراه مناسباً على العقارات الدبلوماسية.
على الرغم من انقطاع أعمال السفارة لمدة عشر سنوات، إلا أن سوريا ماتزال مسؤولة عن صيانة عقاراتها بحسب ما أعلنته وزارة الخارجية الكندية.
إعادة افتتاح المبنى قد تكون مكلفة
يخبرنا خوري بأنه يتفقد المبنى كل شهر تقريباً، ويساعده بعض أبناء جلدته من السوريين على تنظيفه، وبالعادة تقوم حكومة النظام السوري بدفع أجور صيانة المبنى التابع لها كما يقول خوري، ويضيف: "حتى بوجود كل أنواع الصيانة، عندما يكون هنالك مبنى لا تعيش فيه، ولا يستخدمه أحد، فلا بد أن تحدث فيه أمور كثيرة، مهما حاولت أن تمنع ذلك".
المصدر: CBC