icon
التغطية الحية

على غرار "التضامن".. الكشف عن مجازر مروّعة في درعا ونعوات جماعية ترفض إقامة عزاء

2024.07.03 | 15:15 دمشق

العثور على مقبرة جماعية في بلدة شمال درعا
العثور على مقبرة جماعية في بلدة قرفا بريف درعا الأوسط - 2019 - سمارت
درعا - أيمن أبو نقطة
+A
حجم الخط
-A

عادت قضية مفقودي بلدة قرفا في ريف درعا الأوسط إلى الواجهة من جديد، بعد اعترافات مصورة أدلى بها عنصر سابق في اللجان الشعبية التي كانت تأتمر بأوامر اللواء رستم الغزالي، الأمر الذي كشف عن وقوع مجازر مروّعة بحق مدنيين بينهم أطفال ونساء في البلدة تعود للفترة الممتدة بين عامي 2013 و 2015.

وجاءت الاعترافات الأخيرة من العنصر السابق في اللجان الشعبية، خلدون إبراهيم الكايد الغزالي، والمنحدر من بلدة قرفا ذاتها، بعد اختطافه من قبل مسلحين مجهولين في 26 حزيران الفائت في أثناء وجوده في السوق الشعبي في بلدة خربة غزالة شرقي درعا.

وعمل الغزالي مستخدماً لدى فرع الأمن السياسي بدرعا في السابق، ثم عمل حارساً على إحدى مقار اللجان الشعبية، وشارك في حملات تعفيش وسرقة خلال فترة سيطرة نظام الأسد على بلدتي خربة غزالة ونامر.

خلدون الكايد الغزالي
خلدون الكايد الغزالي

والغزالي هو شقيق قائد اللجان الشعبية في قرفا، إسماعيل الغزالي، والذي شغل أيضاً منصب مدير أوقاف درعا سابقاً وقتل بعبوة ناسفة استهدفته بالقرب من مدينة إزرع عام 2015.

وعثر الأهالي في الـ 30 من حزيران الفائت على جثة خلدون الغزالي مرمية على أوتوستراد دمشق - درعا بعد أربعة أيام على اختطافه، ثم بثت له اعترافات خطيرة على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن وجود مقابر جماعية في بلدة قرفا ارتكبتها اللجان الشعبية خلال الفترة الزمنية ما بين عامي 2013 و 2015.

اعترافات خطيرة تكشف عن مجازر مروّعة

وطبقاً للاعترافات الخطيرة التي أدلى بها عنصر اللجان "خلدون" قبل مقتله، فقد كشفت عن قيام عناصر اللجان الشعبية باعتقال عدد كبير من أهالي قرفا وتعذيبهم وحرقهم في منزل حسين صالح المرار الغزالي الذي قُتل مع زوجته وطفله، الأمر الذي أكد لذوي الضحايا مقتلهم بعد نحو 10 سنوات من الانتظار.


وأقدم عناصر اللجان على تفجير المنزل بعد حرقهم لكل الموجودين بداخله بوساطة البنزين والغاز الذي جلبه إسماعيل الغزالي، متزعم اللجان آنذاك.

وعُرف من بين القتلى قاضي الجنايات طالب حسين دنيفات، وابنه القاضي حسام دنيفات، اللذان قُتلا حرقاً داخل أحد المنازل على يد عناصر اللجان.

وأكدت الاعترافات أن أوامر الاعتقالات كانت تصدر بشكل مباشر من اللواء رستم عبد الطلب الغزالي، وبتنفيذ كل من إسماعيل الغزالي ومحمد الشمالي.

90 شخصاً في عداد المفقودين

"محدين الغزالي" - اسم مستعار - لشاب من بلدة قرفا صرّح لموقع تلفزيون سوريا أنّ أهالي قرفا عثروا على عشرات الجثث المحروقة والمتفحمة بعد عام 2018 ضمن نحو 45 منزلاً جرى تفجيره من قبل اللجان الشعبية في البلدة خلال الفترة ما بين عامي 2013/2015، من بينهم ذوي منشقين عن قوات النظام ومن أقارب معارضين للنظام.

وبحسب "محدين" فقد أسفرت حملة اللجان الشعبية آنذاك عن إخفاء نحو 90 شخصاً من أبناء قرفا، بقي مصيرهم مجهولاً منذ سنوات، حتى عثر الأهالي على عدد من المقابر الجماعية في أكثر من مكان في بلدة قرفا خلال عمليات ترميم كان يقوم بها الأهالي بعد عام 2018.

وفي عام 2019 عثر أحد أهالي البلدة على أكثر من 25 جثة محروقة بينهم نساء وأطفال، ضمن مقبرة جماعية، تحت ركام منزل كانت قوات النظام قد أقدمت على تفجيره بعد جمع المعتقلين بداخله في شباط 2015.

ونعت صفحات محلية في قرفا خلال الأيام القليلة الماضية عشرات القتلى من الذين قضوا على يد اللجان الشعبية في البلدة، بعد نشر الاعترافات التي أدلى بها "خلدون الغزالي" وتأكيده ضمن الاعترافات عن وفاة عشرات الأسماء التي كشف عنها، الأمر الذي سبب صدمة كبيرة لدى أهالي قرفا.

لكن عوائل الضحايا رفضوا إقامة مجالس العزاء حتى محاسبة المتورطين بتنفيذ المجازر بحق أبنائهم والكشف عن مصير بقية المفقودين الذين يرجح وجودهم في معتقلات النظام السوري في العاصمة دمشق.

وكشف المصدر لموقع تلفزيون سوريا عن مغادرة العديد من الشخصيات المحسوبة على لجان رستم الغزالي خارج سوريا في الأيام القليلة الماضية باتجاه دولة الإمارات، عرف من بينهم شقيق رستم رجل الأعمال هاني عبدالطلب الغزالي وجلال فايز الغزالي ابن شقيق رستم .

وأفاد المصدر لموقع تلفزيون سوريا بأن مصير نحو 30 شخصاً يعتبر مجهولاً حتى الآن، بسبب تفحّم الجثث وعدم إمكانية التعرف إليها من قبل ذويهم بسبب طول أمد بقاء الجثث تحت ركام المنازل، وعدم سماح اللجان الشعبية وقوات النظام من اقتراب الأهالي نحو تلك المنازل.

النظام يُخفي معالم المقابر الجماعية بعد مقتل رستم

أوضح المصدر أن النظام حاول إخفاء ملامح المقابر الجماعية في بلدة قرفا عن طريق نقل الجثث من تحت ركام المنازل، خاصة بعد مقتل اللواء رستم الغزالي عام 2015 وقيام النظام باعتقال العديد من الذين شاركوا بتلك المجازر من أقارب الغزالي ثم إطلاق سراحهم فيما بعد بعفو خاص من رأس النظام بشار الأسد.

وخلال فترة احتجاز العديد من عناصر اللجان الشعبية تسرّبت محاضر تحقيق انتشرت عام 2016 تظهر إفادات لعناصر اللجان عن ارتكابهم انتهاكات جسيمة ومجازر مروّعة بحق مدنيين في بلدة قرفا، تطابقت تلك المحاضر مع اعترافات خلدون الغزالي التي كشفت عن مصير بقية مفقودي قرفا خلال تلك الفترة.
 

نسخة عن المحاضر المسرّبة

محضر اعترافات خلدون الكايد الغزالي كاملاً

غضب أهالي قرفا في مواجهة قادة وعناصر اللجان الشعبية

غضب أهالي قرفا على اللواء الغزالي ولجانه قائم حتى الآن مع استمرار بحثهم عن أبنائهم من 10 سنوات على تغييبهم من قبل عنصر اللجان، الأمر الذي أدى لحدوث مواجهات مسلّحة في أكثر من مرّة بعد عام 2018 بين تلك اللجان ومجموعة من أبناء قرفا تتبع للواء الثامن.

ومنذ عام 2018 يطالب عناصر اللواء الثامن في قرفا إلى جانب أهالي البلدة بالكشف عن مصير نحو 90 مفقوداً غيّبتهم لجان رستم الغزالي، إضافة إلى مطالبهم بمحاسبة المتورطين بتفجير المنازل وحرق المدنيين فيها، كما هددوا بتشكيل مجلس عشائري وقوة تنفيذية لإلقاء القبض على المتورطين بقتل أبناء البلدة وإخفائهم قسرياً.

وأسفرت تلك التوترات عن طرد العديد من عوائل المحسوبة على اللواء رستم الغزالي باتجاه العاصمة دمشق عام 2021، عُرف منهم شقيقا قائد اللجان سابقاً خلدون الكايد، ومحمد خير الكايد، وابن قائد اللجان معن إسماعيل الكايد، وأحمد الكايد، وإبراهيم الكايد، ومدين الكايد، وذلك لضلوعهم بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق أهالي قرقا سببت باعتقال ومقتل العشرات بينهم أطفال ونساء.

وفي العاصمة دمشق يقيم هناك العميد "عمر الغزالي" شقيق رستم والمتورط معه في كثير من الجرائم المرتكبة بحق أهالي قرفا، وينشط من مكان إقامته في إدارة مشاريع إيران وخلاياها العسكرية في الجنوب السوري.

من هو رستم الغزالي؟

يعد الغزالي من الشخصيات الأمنية البارزة في نظامي الأسد الأب والابن، عُيّن من قبل بشار الأسد رئيساً للاستخبارات العسكرية السورية في لبنان خلفاً للواء غازي كنعان عام 2002، وبعد اغتيال رفيق الحريري عاد إلى سوريا.

وبعد تفجير مبنى الأمن القومي السوري عيّنه بشار الأسد رئيساً للأمن السياسي في سوريا عام 2012، ثم تنبّه الغزالي لحدوث موجة من المظاهرات الشعبية في مسقط رأسه بلدة قرفا، أقدم الغزالي على إحراق قصره ليجد من ذلك منفذاً لمواجهة معارضي النظام في البلدة.

وشن الغزالي حملات أمنية مشددة أسفرت عن قتل واعتقال المئات من أهالي قرفا، خاصة من المنشقين وذويهم وأقارب المعارضين، لا سيما بعد تشكيل اللجان الشعبية وإطلاق يدها في البلدة.

وفي نيسان 2015 قُتل رستم الغزالي، في ظروف غامضة لم تتكشف تفاصيلها حتى الآن، إلّا أن معلومات تسرّبت عن خلاف حصل بينه وبين رفيق شحادة مع رئيس فرع الأمن العسكري سابقاً أدى لمقتله داخل مكتب شحادة في العاصمة دمشق، قيل أن السبب عبارة كان يرددها الغزالي حينذاك "تسقط القرداحة، ولا تسقط قرفا".